18 ديسمبر، 2024 9:01 م

إنهارت الديمقراطية بإنهيار الانتخابات

إنهارت الديمقراطية بإنهيار الانتخابات

(1)

احجم 78% من الناخبين عن التصويت، في انتخابات مجلس النواب الاخير؛ جراء الاحباط الموروث من الدورات الثلاث الماضية، والذي تسرب على شكل تشاؤم الى المستقبل، فتواصى الناس بعدم المشاركة.

تناهى الى مسامعي.. من لسان مدراء مراكز انتخابية وقادة أمنيين مباشرة الى أذني.. أن مرشحين حضروا من خلال اولادهم وممثليهم الى المراكز وضغطوا على الناخبين، وحدثت إصطدامات، تسربت الى مقر المفوضية الذي شهد إشتباكا بالايدي، ليس حفاظا على سير نزاهة الإجراءات، إنما ضمانا لمصالح كيانات.. كل له عميل في المفوضية.. ما يعني ان العملية الديمقراطية منخوبة في العراق ومطعون بها، بدءاً من الصناديق.. مرورا بانحيازات المفوضية العليا (غير) المستقلة للانتخابات.. وإنتهاءً بفرز النتائج بطريقة همجية تمكِّن من ان يخبطها المتنفذون ويشربون صافيها.

في كركوك ودهوك والنجف.. ومدينة الصدر جزئيا، ومناطق عدة، شهدت تزويرا اقر به العاملون، وحاول المستفيدون تمريره على الرقابة الدولية، و… لم يفلحوا بالغش لكن الجهات الدولية “طبابة خير.. تريد الامور تمشي بستر إشلون ما جان”.

(2)

يغلي بركان في داخلي، يقذف حممه صخورا جهنمية ذائبة، تبلغ عنان السماء، لكن قد أهدئ إنفعالاتي بتأملية نابعة من إحساسي بالمسؤولية الوطنية والاجتماعية؛ كوني شخصية أكاديمية، تخطط بتأنٍ هادئ، تسعى لأهداف إنسانية مهمة من دون تشنج ولا أنفعالات هوجاء، لكن قطاعات الشعب البسيطة، التي تتعاطى مع الفعل وردة الفعل، ستكون لها كلمة مغايرة بالعضلات والاحتجاجات الحادة؛ فأبشروا بثورة شعبية تتعذر تهدئتها ما لم يتغير العراق جذريا، حتى ولو بالعودة الى السياقات السائدة قبل 9 نيسان 2003.

بعد الانهيارات الديمقراطية الفظيعة التي عاشها العراقيون، جاءت تزويرات الانتخابات الاخيرة لتطفئ بصيص تفاؤل كان سيأتلق وإنطفأ، لكن إنطفاءته سترتبط بيأس يطبق فكيه على شعب لن يبقى لديه ما يخسره؛ فينتفض! لأن فشل الانتخابات الأخيرة التي أُحبِطت، كانت أملا وإنتهى، لن يعد ثمة أمل وهذا شأن له تبعات مريعة.

سياسيون نافذون شجعوا قطاعات الشعب على عدم المشاركة، ليحصروا عينة صغيرة في شباك تزويرهم وكان لهم ما ارادوا نتيجة يأس الشعب من تشكيل حكومة نزيهة في ظل إستحواذ احزاب معروفة على السلطة.

اتهامات متبادلة بين اطراف المفوضية، وصلت حد الاشتباك بالايدي؛ كل يدافع عن مصلحة الجهة المكلف بحراسة منافعها؛ فأين الاستقلالية في عمل المفوضية العليا الـ (مستقلة!؟) للإنتخابات!

(3)

إنهارت الانتخابات وإنهات مصداقية المفوضية وخدع المجتمع الدولي.. او غض الطرف عن محاولات خداعه، لصالح جهات كانت وما زالت متنفذة، وبهذا سينفلت الشعب من عقال الوطن، بمجرد تشكيل حكومة، بان من الان أنها ستتكامل مع صفقات الفساد التي لم تبرم، شريطة استحداث صفقات تلتهم فارق سعر النفط (70$) على تقدير الموازنة بـ (46$) للبرميل.

24$ مضروبة بـ 3 ملايين برميل تصدر يوميا.. كمعدل وأحيانا يصل الـ 5 ملايين برميل يوميا، ذهب الى الارصدة الشخصية للمسؤولين، الذين تكرروا.. يعيدون تجديد ذواتهم بعد كل انتخابات.. هم وورثتهم وأوليائهم ومن ينوب عنهم (سخم الله وجوها بيضت وجه النظام السابق) والشعب يعيش تقشفا فت في عضد متشردي الشوارع الذين ملأوا بغداد والمحافظات.

بإسم الدين شرعنوا فسادهم جاعلين من الحرام حلالا، وحاججوا الشعب بالانتصار على “داعش” بإعتباره عذرا مخففا في تسويغ فسادهم وتواطئهم مع دول طائفية ضد مصلحة البلد.. بل تضعه بمواجهة قوى لا سبب لدينا لمواجهتها الا الولاء الطائفي الاهوج “ليش انت من دون الدول صاحت عليك الصايحة.. وليش انت من دول الدول.. يا ثور بالعالم قوي تكطع عليه تناطحه” ولا موجب عندنا لمناطحة ثيران يمكن ان نستميلها لخدمة مصالح بلدنا، في حين نفرط بمصلحة العراق موالاةً لدول نتبنى مواقفها وتتخلى عنا؛ لكنها تضمن ولاءنا بإرسال قاسم سليماني من دون صفة دبلوماسية.

(4)

لا دور لعملاء إيران في الحكومة العراقية المقبلة، إذ آمل من القوى العظمى والأمم المتحدة التدخل لتقويم أداء قادة التحالفات الفائزة أثناء توزيع الأدوار؛ بغية الحيلولة دون تدوير النفايات السياسية لصناعتها من جديد.

أملي وطيد بحكومة لا تشكل إمتدادا لايران، يضر بمصلحة العراق، بل عليها ان تنسج شبكة علاقات عالمية مع الاسرة الدولية، على اساس تبادل الاحترام والمنفعة المشتركة، مع الجميع من دون إستثناء يرتبط بسذاجات قبلية.. عاطفية.. مسبقة، لا تنتظم في السياقات الدبلوماسية الراهنة.. إقتصاديا وإجتماعيا و… كل ما ينفع الناس مكوثا في العراق.

عاش العراق.. عاش الشعب