أخيراً لابد لنا من الأعتراف ونحن نستقبل حكومة جديدة ترفع راية القضاء على الفساد والفوضى والأرهاب، وفي الوقت الذي يواجه فيه العراق تحديات خطيرة ومصاعب جمه وصنوف التآمر والعدوان في سعيه للنهوض وإعادة بناء أقتصاده وخدمة مواطنيه مما يتطلب بالتأكيد حشد كافة الجهود والامكانيات من أجل تحقيق ذلك في الوقت الذي نشهد فيه غياب أهم قطاع اقتصادي واجتماعي من هذه المعركة الفاصلة ووصول الحركة التعاونية الى طريق مسدود وبلوغها حالة خطيرة من الشلل والعجز التام عن اداء أي مهمة نافعة للناس وللمجتمع، حيث لم يبق من الجمعيات التعاونية التي أنتشرت في ربوع العراق في غابر العهود والازمان غير أكداس من المشاكل والعلائق المشبوهة وبقايا فريسة تحوم حولها الغربان، ودخول النشاط التعاوني والقطاع التعاوني دائرة التجاهل والأهمال والغياب التام من على خريطة العمل الوطني وتحوله الى وسط موبوء يحمل من الصور أبشعها ومن السمعة أسوأها تهيمن عليه وتبتزه صنوف المافيات من مجاميع الدخلاء والمرتزقة والنفعيين أصحاب التاريخ المشبوه ممن تسللوا الى الوسط التعاوني في غفلة من الزمن، ولم يجلب مرور السنين وتعاقب الحكومات للعراقيين من التعاونيين وغيرهم غير الخيبة وتبخر الآمال بما يرجوه وينتظروه مما وضع الجميع أمام حقيقة فشل العملية السياسية بأمتياز على جميع الاصعدة والميادين وتواصل الانحدار نحو أدنى المستويات. كل هذا يضع المتابعين المخلصين أمام واجبهم الوطني والانساني والديني لتنبيه قيادتنا الجديدة الى خطورة أستمرار هذا النهج الذي سارت عليه الحكومات السابقة وتجاهل هذا الواقع الخطير… لهذا وبصفتي أحد المواطنين الذين أرتبطو بالتعاون هواية وعلماً ورسالة وطنية فأني أجد نفسي ملزماً بالتوجة الى القيادات العراقية المحترمة المسؤولة أخلاقياً وأدارياً على مستقبل العراق وخصوصاً دولة رئيس مجلس الوزراء المحترم مستغيثاً ومنبهاً ومذكراً لهم من جديد بالحاجة الماسة للعمل على أنقاذ الحركة التعاونية من واقعها الخطير تلك الحركة التي لم أتردد يوماً عن تبيان أهميتها وتشخيص مشاكلها وسبل أصلاحها والكشف عن الفساد والفاسدين فيها … والتأكيد لهم بأن الحركة التعاونية تمثل طرفاً أساسياً في عملية التنمية وإعادة بناء العراق وتطويره متسائلاً اذا كانت الحكومات السابقة قد أثبتت عجزها عن فهم وادراك أهمية ومبادئ العمل التعاوني وأفضلياته بالنسبة للمواطنين وبالتالي العمل على وضع الحركة التعاونية في مسارها الصحيح فما الذي يمنع الحكومة الجديدة وهي تتحدث عن المصلحة الوطنية ومحاربة الفساد والعازمة على التغيير الجذري من الانتفاض على الواقع والمبادرة للعمل على أنقاذ الحركة التعاونية واستعادتها من اغتصاب عصابات المرتزقة والفساد وتفعيل دورها في أعادة بناء المجتمع. الحديث عن التعاون واهميته ليس بالامر الجديد أو الطارئ على العراقيين حيث تمثل العلاقات التعاونية جزءاً مهماً من عاداتهم وتقاليدهم المتوارثة في الريف والمدينة ولعل مايشهده العراق اليوم من جهود التعاضد الاجتماعي والتضامن الانساني في مواجهة وباء كورونا وتبعاته لخير شاهد ودليل وهذا مادفع بالسيد رئيس الوزراء الى التصريح بثقه (بالتعاون ندحر الوباء)، والمعروف أن العراق قد شهد قيام أولى التنظيمات التعاونيه في التاريخ أبان الحضارة البابلية، وكان سباقاً في عصره الحديث لاصدار قانون تعاوني متكامل أبان العهد الملكي والأهم من هذا وذاك أن كل الاديان السماوية قد نادت صراحة ضرورة التمسك بالعلاقات التعاونية واعتمادها في الحياة اليومية للناس وخصوصاً منها ديننا الاسلامي الذي كان أكثرها وضوحاً وتمسكاً بالتعاون كصيغة متقدمة للعلاقات الانسانية وأعتباره أصلاً من أصول الدين وصفه أيجابية من صفات المؤمن الملتزم ترفع من صاحبها الى درجة الأخيار من عباد الله … ولعل تعاونيوا العراق ليفخرون بثقة كل التعاونيين العرب بالعراق وحركته التعاونية و الذين أختاروا بغداد عاصمة لهم ومقراً للاتحاد التعاوني العربي منذ تأسيسه.
أستبشر التعاونيون كغيرهم من الجماهير العراقية بزوال الدكتاتورية وبادروا للاعلان عن قضيتهم وأيصال تفاصيلها وملابساتها
الى الكثير من القيادات السياسية والحكومية والدينية، كما عبروا عن مطالبهم وخططهم المستقبلية من خلال مؤتمرهم الطارئ المنعقد أواخر كانون الاول 2003 بدعوة من حركة أصلاح وإعادة بناء الحركة التعاونية. الا أن القضية التعاونية وعلى الرغم
من كل الجهود المبذولة لتوضيح أهميتها والكشف عن مشاكلها وسبل اصلاحها فقد اصطدمت بجدار متين من الجهل والتجاهل واللاأبالية من قبل الحكومات المتعاقبة والمستمر الى اليوم. وبالتأكيد أننا لانلوم من لايعرفون شيئاً عن الجمعيات التعاونية وأهميتها وأنواعها بعد أن أختفت هذه التنظيمات تماماً من الساحة العراقية ولم يعد المواطن يراها أو يسمع عنها ويتعرف ميدانياً على نشاطها ويلمس فوائدها. كما وأننا لانلوم أحد من سياسي الصدفة الذين لايفقهون شيئاً من أمور السياسة والاقتصاد كونهم دخلوا الساحة السياسية من بوابة المحاصصة البغيضة والطائفية والاتفاقات المشبوهة الا أن عتبنا على من مارسوا الحكم وأطلعوا على الحقائق وعلى من سنحت لهم الفرصة للتعرف ميدانياً على التنظيمات التعاونية في البلدان التي أختاروا الهجرة إليها وأتخذوها موطناً لهم أبان العهد السابق وعادوا ألينا قادة ورجال دولة،، فهل يعقل مثلاً أن الالاف ممن هاجروا إلى ايران وأستقروا فيها لأكثر من عشرة سنين لم يسمعوا بالتعاونيات التي أنتشرت في جميع الميادين الاقتصادية والاجتماعية وفي كافة مدن وأرياف أيران وتشرف عليها وزارة مهمة من وزارات الدولة أو غيرهم ممن أختاروا البلدان الاوربية والامريكية وغيرها موطناً لهم حيث كبار رواد التعاون ونشوء الحركة التعاونية الحديثة التي أمتدت الى جميع بلدان العالم…. هؤلاء وأمثالهم ممن تناسوا أن ينقلوا لوطنهم الاول الخبرات والتجارب التعاونية المفيدة فأنهم لم ينسوا أو يتناسوا الخدمة الجهادية الطويلة والمواقع الوظيفية المتميزة، عتبنا على هؤلاء وعلى أنصاف المثقفين الذين ينصحون بالابتعاد عن التنظيمات التعاونية لان النظام السابق قد اعتمدها وعرف كيفية الاستفادة منها لصالح المجتمع وجعل منها واجهة لتنفيذ سياسته وتحقيق مصالحه مما جعل منها (تنظيمات صدامية) مرفوضة حسب رأيهم علماً بأن التنظيمات التعاونية قد سبقت النظام الصدامي بمئات السنين وأن أعتمادها والاستفادة منها من قبل النظام لايغير
من طبيعتها ومبادئها. أو غيرهم ممن يرون بعدم ملائمة التنظيمات التعاونية لظروف العراق لكونها (تنظيمات أشتراكية) تتعارض مع توجهات العراق نحو الاقتصاد الحر وتعزيز الخصخصة، أي أنهم جعلوا من عدائهم للأشتراكية سبباً لحرمان بلدنا العزيز
من هذه التنظيمات المهمة المعبرة عن محتوى ومبادئ ديننا الاسلامي والتي أثبتت نجاحها في جميع بلدان العالم. ومع أننا لسنا بصدد الدفاع عن الاشتراكية فأننا نشير إلى أن الجمعيات التعاونية قد نشأت أساساً قبل الاشتراكية في ظل النظام الرأسمالي ووسط تناقضاته، بل وأن بعض الاشتراكيين الأوائل قد عارضوا التنظيمات التعاونية ووقفوا ضدها بأعتبارها تمتص ثورية الطبقة العاملة وتضعف من النضال الجماهيري ، ومن المؤكد أن الحركة التعاونية ومهما بلغت من القوة والنفوذ فأنه ليس بمقدورها أن تتحمل من الصفات ما لاينسجم مع مناخات الوضع السياسي القائم للدولة وتبتعد عن تأثير القوانين الاقتصادية والاجتماعية السائدة بل انها تعمل كجزء لايتجزأ من البيئة التي تعمل فيها والتي لم تكن في العراق بيئة أشتراكية بأي يوم من الايام علماً بأن القطاع التعاوني يعبر عن نظام مكمل وليس بنظام منافس أو بديل للانظمة السائدة … أعتادت المافيات التعاونية وعلى الرغم من تنوعها على الانضواء تحت لافتة هذا الحزب أو ذاك أو تحت خيمة هذا أو ذاك من المتنفذين السياسيين أو الدينيين أو رجال الدولة وأتباعها أبشع صور التشويه والاختلاق في محاربة المخلصين وأصحاب الاختصاص والخبرة التعاونية لابعادهم عن الوسط التعاوني وأجبارهم على الانزواء بعيداً عن العطاء والمسؤولية. وأستمرت هذه الحالة طويلاً ووصولاً الى فرض أسوأ قيادة تعاونية في تاريخ العراق بدعم أحد الاحزاب السياسية المهمة، قيادة معروفة جداً بفسادها وتأريخها المشبوه مستفيدة من غياب الدولة والقانون ومن تشجيع بطانات رؤساء الوزارات ومقربيهم المتجاهلين تماماً للقضية التعاونية وتجاهل هيئة النزاهة للحقائق والانتهاكات في الوسط التعاوني المقدمة لها منذ تأسيسها وحتى اليوم وتحول هيئة النزاهة وللأسف من مسؤولية كشف الفساد والمفسدين ومحاسبتهم إلى مهمة تذويب القضايا وحماية المفسدين دون أي محاسبة. ولعل الغرابة كل الغرابة أن يستطيع بريطاني مغمور من أصل عراقي من الهيمنة على الحركة التعاونية والتحكم بمصيرها مستغلاً مسؤوليته ومكانته القيادية في حزبه لحماية القيادات التعاونية الفاسدة مستفيداً من مهمته المكلف بها كمستشار لرئيس الوزراء في العديد من الحكومات المتعاقبة وفي مختلف الامور حتى التي لايعرف عنها شئ كالنشاط التعاوني.
بعد أن بلغت التجاوزات وحالة الفساد حدوداً خطيرة وتزايد ضغوط الجماهير التعاونية على المؤسسات المعنية اضطر القائمون على الامر في أمانة مجلس الوزراء للالتفات الى القضية التعاونية المطروحة أمامهم منذ وقت طويل حيث قررت الامانة تشكيل لجنة للتدقيق والتحقيق في أعمال النشاط التعاوني ومدى التقيد بأحكام القانون في الأول من شهر أيلول 2015. وفي حينه كانت لدينا تحفظاتنا على اللجنة كونها قد خلت تماماً من المختصين وأصحاب الخبرة التعاونية، كما وأن المتعارف عليه بأن لجنة من هذا النوع يجب ان يكون أنجازها لمهمتها مرتبط بفترة زمنية محدودة، والاهم من هذا أن هذه اللجنة قد شكلت تحت تأثير من كانوا السبب المباشر في عرقلة أصلاح الواقع التعاوني وفي مقدمتهم المستشار البريطاني الجنسية المشار أليه والذي عهد برئاسة اللجنة إلى أحد مقربيه ليكفل له أستمرار تواصله بالقضية التعاونية وتحكمه بأجراءات اللجنة، ومع أن المفروض بتشكيل اللجنة أن يكون منطلقاً لاصلاح الواقع التعاوني وأيقاف أنهيار الحركة التعاونية ألا أن اللجنة قد أصبحت جزء لايتجزأ من حالة الفساد المستشرية في الاتحاد العام للتعاون بدون حسيب
أو رقيب لهذا كانت اللجنة عاجزة عن القيام بأي أصلاح للواقع التعاوني وأيقاف الاوضاع الشاذة حتى بعد تعرفها تفصيلياً على الواقع وأطلاعها على الكثير من حالات الفساد التي نخرت الجسم التعاوني والتي أشارت أليها بتقريرها المقدم الى مجلس الوزراء والمصادق على توصياته بجلسته في 18/4/2017 والتي أضاف لها السيد رئيس الوزراء تأكيده على ضرورة أحالة المفسدين والمتجاوزين للقضاء ومحاسبتهم . وللأسف فأن تقرير اللجنة ومصادقة مجلس الوزراء على توصياته لم يغير شيئاً حيث أستمرت اللجنة على دعمها لفساد قيادة الاتحاد العام للتعاون بدون أي أجراء أو محاسبة لمفسد أو متجاوز ، مكتفيه بتقديم ملاحظاتها الى هيئة النزاهة التي عرف عنها العيش بواد آخر وهي بعيدة كل البعد عن صفتها المعروفة. هذا وفي الوقت الذي كان التعاونيون بأنتظار حل جذري من مكتب السيد رئيس الوزراء ينصف مطالبهم ويستجيب للمسؤولية الوطنية بحل القيادات الفاسدة والمباشرة بأصلاح الحركة التعاونية من خلال تشكيل مجلس تسيير مؤقت للحركة التعاونية للقيام بذلك والأعداد لانتخابات نزيهة وشاملة لكافة مفاصل الحركة التعاونية وصولاً لاختيار مجلس أدارة كفوء للاتحاد العام للتعاون. جاء الحل غريباُ ومخيباُ للآمال بل ويضع أمانة مجلس الوزراء أمام حالة التقصير والتواطئ بتمكين اللجنة المعينة منذ خمسة سنين من مواصلة التنكر لمهامها الاصلية وتحقيق الحلول المطلوبة وذلك بأقتصار قرار الأمانة على أستبدال رئيسها الذي تقاعد وتكليف موظف آخر في الامانة لمواصلة المهمة بدلاً عنه وبهذا أثبتت الامانة بعدم وجود رغبة لديها بمحاسبة هذه اللجنة الفاشلة التي جعلت منها القائد الشرعي للحركة التعاونية بعد أن جرى حل مجلس ادارة الاتحاد العام للتعاون وتكليف اللجنة بالقيام بمهامه التي كان يمارسها وأستكمل القرار بتكليف رئيس اللجنة بكافة مهام رئيس مجلس أدارة الاتحاد العام للتعاون وهذ كل ماتوصل أليه مجلس الوزراء من حلول للقضية التعاونية بفرض قيادة لاقانونية مما يؤكد الفشل الذريع في معالجة هذه القضية الجماهيرية والحاجة الماسة أن يوليها السيد رئيس الوزراء الاهتمام المطلوب الذي غاب عنها طيلة السنوات الماضية. أن حل القضية التعاونية لايمكن له أن يتحقق من خلال حلول ترقيعية وأجراءات شكلية بل لابد له أن يمر عبر حلول جذرية تعترف بحالة الفشل السائدة خلال السنوات الماضية بسبب جهل وتجاهل الحكومات المتعاقبة مدعومة بعزيمة صادقة وتصميم أكيد على أنقاذ الحركة التعاونية وأستئصال آثار الماضي وهذا لايتم الا من خلال اجراءات مهمة في مقدمتها :
ضرورة أعتراف الدولة بأهمية التنظيمات التعاونية ودور القطاع التعاوني في السياسية التنموية والاصلاح الاقتصادي وتأكيد هذا الاعتراف بالنص عليه في بنود الدستور وأعتماده ضمن السياسة الاقتصادية والاجتماعية للدولة.
أعفاء لجنة التدقيق والتحقيق ومكملتها اللجنة المشرفة على أعمال الاتحاد العام للتعاون وذلك لفشلها التام وتواطئها
مع المفسدين واستحواذها على قيادة الحركة التعاونية بدون أي مبررات وضوابط قانونية ومحاسبتها.
حل قيادة الاتحاد العام للتعاون والقيادات التعاونية الاخرى وذلك بسبب حالة الفساد السائدة في الوسط التعاوني وإحالة المفسدين والمتجاوزين الى القضاء لمحاسبتهم على تخريب الحركة التعاونية وإستغلالها .
تشكيل مجلس تسيير مؤقت لتنفيذ اجراءات اصلاح الحركة التعاونية وتنقيتها والاعداد لانتخابات تعاونية شاملة من القاعدة الى القمة وصولاً لأختيار مجلس أدراة جديد للأتحاد العام للتعاون بمشاركة الاغلبية الصامته من التعاونيين وكل المخلصين.
توجيه هيئة النزاهة بضرورة فتح الملفات المحالة إليها طيلة السنوات الماضية بخصوص الفساد في الميدان التعاوني وإحالة كل المفسدين والمتجاوزين المقصرين الى القضاء لغرض محاسبتهم وتنقية الحركة التعاونية منهم.
بالتزامن مع عملية أصلاح الحركة التعاونية يدعى الى عقد مؤتمر علمي بمشاركة المختصين وأصحاب الخبرة من الجامعات والجهات ذات العلاقة ومنظمات المجتمع المدني لتدارس أمكانية تطوير مختلف أشكال الجمعيات التعاونية وتكون توصيات المؤتمر أساساً لأصلاح الواقع التعاوني وتفعيل الجمعيات التعاونية في كافة الميادين.