22 ديسمبر، 2024 8:44 م

إنفتاح عربي متأخر

إنفتاح عربي متأخر

الثقة والارادة عند الانظمة العربية , تكاد تكون مبعثرة ومفككة , وتخضع للامزجة والسياسات الامريكية ( الجمهورية والديمقراطية ) .. وبعد إحتلال بغداد , حاولت الحكومات العراقية المتعاقبة , فتح صفحة جديدة في العلاقات مع العرب , ومد جسور التفاهم على أساس الاحترام المتبادل وحسن الجوار وعدم التدخل , ألا أن الانظمة العربية خذلت العراق وشعبه , وتركته في منتصف طرق صعبة , وراحت تجند وتمول وترسل العديد من المسلحين والتنظيمات الارهابية , حيث واصلت الفتاوى التكفيرية المحرضة لقتل النفس العراقية , طريقها في العقول المريضة , وكل غاياتها , إفشال العملية السياسية , وخلق فجوات مذهبية وعرقية في بنية المجتمع العراقي ..
أن إبتعاد النظام العربي بكامله عن العراق , خلق فراغا سياسيا وستراتيجيا , أتاح للنظام الايراني أن يكون البديل والمساند للعراق وشعبه , ولان المذهب والمعتقد في كلا البلدين واحد , والغالبية العظمى من الاحزاب الشيعية قد نشأت وترعرعت في طهران , مكن الاخوة في إيران أن يتوغلوا ويتمددوا , ويسيطروا حتى على القرار العراقي السيادي ..
وبعد أربعة عشر عاما , فطنت الانظمة العربية على الخطر والتمدد الايراني في المنطقة , حيث يجدها البعض أنها صارت قوة كبيرة , لا سيما في الصناعات الحربية , وبفضل سياسة ترمب , سارعت السعودية بنظامها الجديد , ووفقا لخارطة الشرق الاوسط الجديد , أن تستقطب بعض الاطراف الشيعية المعتدلة , التي لها ثقل جماهيري واسع , والمشاركة في العملية السياسية في العراق , وأن تمد لها جسور الثقة المتأخرة , وإعادة العلاقات بشكل قوي , في محاولة منها , لاخراج هذا البلد الكبير من القوقعة والوصاية الايرانية ..
ولو لم تكن علاقة العراق مع أمريكا وبريطانيا على هذا النحو , ما كانت للعرب علاقات متينة مع بغداد .. وقد نشهد قريبا إنضمام العراق في مجلس التعاون الخليجي ( كما كان سابقا ) , أو قد ينبثق عن هذا الانفتاح , إستثمارات عربية في العراق , تحسن الوضع الاقتصادي وتغير من واقعه المأساوي , والذي ينتج عنه , تحسنا أمنيا , من خلال القضاء ( ولو بالحد الادنى ) على البطالة المقنعة , التي تغزو مدننا الكئيبة ..
إيران , يعتبرها الكثيرون من قادة الاحزاب السياسية الشيعية , هي الاب الروحي , وصاحب الفضل الذي لا ينسى في إرتقائهم وبقائهم في سلم السلطة .. فلا توافقات على قوانين أو إنقسامات أو تشكيل تحالفات , في نية هذه الاحزاب الشيعية , يجب أن تخضع أولا , لرأي ولي الفقيه .. فكيف إذا ما أقدم هؤلاء القادة على زيارة أية دولة عربية أو خليجية , فبالضرورة , يجب أن تحظى بموافقة إيرانية مسبقة .. في حين, وبصورة خاطئة , أعتبر البعض زيارة مقتدى الصدر الى السعودية والامارات ( قد هزت ترتيبات الملالي في المنطقة , وأن الحاضنة العربية للعراق أهم من الحاضنة الفارسية ) , تلك هي أمانيهم ..
العقول الايرانية سبقت العقول العربية والخليجية بأشواط عريضة في كل المجالات .. تلك العقول الذكية هي من سمحت , لان يكون العراق منفتحا على محيطه العربي , بعد أن أمسكت بخيوط اللعبة جيدا .. وأن الترتيبات الايرانية للمنطقة , هي التي تنفذ وبحذافيرها , لان البقاء للاقوى دائما ..
العراق , هو حلقة الوصل ما بين إيران والسعودية ودول الخليج الاخرى , وأن أستقراره يعني أستقرار وأمن المنطقة برمتها , وسياسة الحياد التي ينتهجها , هي من توصله في نهاية المطاف الى بر الامان , فيما لو أحسن إختيار رئيس وزراء العراق في المرحلة المقبلة .. لان الحروب والازمات تضعف البلدان وتستنزف من مواردها , وتخلق بؤرا للارهاب , يستفيد منها تجار وسياسيو الحروب ..