الإنتخاب خيار والخيار يعني تقرير المصير , وفي السلوك الإنتخابي يختار الناخب مَن يمثله , بمعنى يعبر عن إرادته وما يساهم بتحقيق ورعاية مصالحه , ومن الواضح أن في بعض المجتمعات يتحقق إنتخاب لقوائم وحالات مبهمة , تتمخص عن أشخاص لا يمتون بصلة إلى الناخب بسلوكهم وقراراتهم , وما يعنيهم سوى العمل للإستحواذ على أكبر ما يمكنهم من الإمتيازات والثروات والأموال والممتلكات , ويعملون لتشريعها ووضعها في قوانين مجحفة لإشباع رغباتهم المفلوتة النزقة , التي لا تعترف إلا بما تتمكن منه بقدرات وآليات الفساد والإفساد العظيم.
وهؤلاء المنتخبون ما هم إلا أعداء للشعب ولا يمثلونه , بل يمثلون مصالحهم الشخصية والفئوية والحزبية , ولا يعنيهم الوطن لا من قريب ولا من بعيد , فالوطن عندهم كرسي يدر مالا ويبيض ذهبا وينضح عسلا لذيذا طيبا , يُحسب رزقا من رب الهوى والغرائز والرغبات الجموحة الأمّارة بالمزيد من الأطماع واللذائذ والمتع الفاخرات.
والأواني تنضح بما فيها , وما يبدو على ساحة بعض المجتمعات من الوجوه المنتخبة أنها فارغة وطائشة وجاهلة , وتدين بالتبعية والإذعانية لأربابها المتنوعة , والتي تريدها أن تخدم مصالحها وحسب , والذي لا يحقق مصالح سيده الكبير يُرمى في سلال المهملات الكبيرة والصغيرة , أما إذا تحقق ما يخدم الناس وينفع المجتمع فأن ذلك تجاوز للخطوط الحمراء , التي تستدعي ألعابا دامية تؤدي إلى تصارعات قاسية ما بين أبناء المجتمع الواحد.
وعندما يتم الدعوة للإنتخاب تطفو على السطح ذات الوجوه , التي تقدح عيونها بالسوء والبغضاء والكراهية والعدوانية والحقد والهوان والمذلة , المؤزرة بتنفيذ أوامر الآخرين القابضين على رقابهم , والمُبرمجين لرؤوسهم والذين ينظرونهم شزرا فيخنعون , وتبدأ أبواق الدعاية المغرضة بالترويج لهم وتسويقهم , لكي تجري عجلات الإتلاف الوطني والأخلاقي على سكة الفساد والخيانة المقرفة للمبادئ والقيم والأخلاق.
ولهذا لن تجد برنامجا أو صوتا وطنيا وعربيا ودعوة للأخوة واللحمة الوطنية , ولن تجد إلا التأجيج الطائفي والفئوي المقيت , الذي يستهدف المجتمع ويسعى لشرذمته وتقديده إربا إربا , وبهذا فقط يفلح الفاسدون ويمتطون صهوة المآسي العامرات بالمساوئ الجسام.
وعليه فأن بعض الإنتخاب ربما سيتمخض عن حالات مرتبطة بنوعيته ورموزه , وإن مضت المجتمعات منومة مضللة ومضحوك عليها من قبل أباليس السوء والشرور , فأن الذين سيأتون بهم سيسيؤن وجوهمم ويملؤون قلوبهم حزنا ومقتا ووجيعا مقيما , لأنهم بهذا الأسلوب يتمكنون من نهب البلاد وحقوق العباد.
فهل سينتخبون الذين يسيؤون وجوههم أم الذين سيمنحونها قسمات القوة والكرامة والقدرة على الحياة الحرة الشريفة الكريمة التي تليق بالإنسان؟!!