23 ديسمبر، 2024 9:39 ص

إنتخبوا المصالح!!

إنتخبوا المصالح!!

المنطقة التي تسمى بالشرق الأوسط , أو الأصح منطقة النفط الأوفر , محكومة بالمصالح العالمية والإقليمية , ومنذ نهاية الحرب العالمية الأولى , وحتى اليوم , وستبقى كذلك في القرن الحادي والعشرين , المظفر بالويلات والنظريات التي تسعى لتفكيك كل شيئ قائم , وفقا لإرادة المطامع المرسومة على خارطة الإستحواذ الأرضي , حيث الضعيف يكون طبقا شهيا على موائد الأقوياء.

وما يجري في المنطقة بأسرها لا يحيد عن هذا المنطق الضاري الطباع , الذي لا يعرف سوى الأخذ والإفتراس , وقد يُسمى ذلك مؤامرة أو غيرها , ونتناسى بأن الحياة هذا ديدنها منذ الأزل وستبقى كذلك أبدا.
فالعيب ليس في الذي يسعى لتحقيق مصالحه , وإنما في الذي لا يعرف مصالحه ويفرط بها , ويعمل لتحقيق مصالح مُفترسِه , ظنا منه بأنه لن يُفترس.

وبتوالي العقود والتفاعلات المتكررة , المُعَزِزة لسلوك إستلطاف دور الضحية والتغني بالمظلومية , تحولت العديد من المجتمعات إلى أدوات فعالة في تحقيق إرادة الآخرين , الحريصين على مصالحهم الوطنية والستراتيجية , وسقطت في أفخاخ التبعية والخضوع لأوامرهم ومؤامراتهم.

وما يحصل في هذه المجتمعات يتماشى مع التنفيذ الدقيق لآليات تحقيق المصالح , وهذا يشمل أي سلوك (سياسي) , أو تفاعل مع الشعب وصناعة حياته المؤازرة لخطوات تنفيذ مشاريع المُتحكمين بأمور البلاد والعباد.

ووفقا لذلك , فلا يمكن لشخص أن يكون في موقع المسؤولية , إن لم تتوفر فيه مواصفات تنفيذ المصالح بإخلاص منقطع النظير.

وبما أن الفائمين على أمور الحكم في بعض بلداننا هم الأصلح للمصالح فأنهم الباقون , ولا يمكن تغييرهم , وإن توهم الشعب بالديمقراطية والإنتخابات , وبأنه سيطمح إلى تحقيق مصالحه الوطنية , فهذا نوع من أحلام اليقظة , في مجتمعات محتلة نفسيا وثقافيا ودماغيا , ولا حول لها ولا قوة إلا أن تطارد سراب الأمن والسلام.

والإنتخابات فيها لن تأتي بما هو نافع للمواطن , لأن سِكة المصالح يسير عليها قطار الحكم القائم , ولا يمكن لها أن تتغير فيتعثر مسير القطار أو ينحرف , من أجل عيون الناس.

ولهذا فأن الذين يأملون كثيرا من الإنتخابات , إنما يتوهمون , فما هو قائم أروع ما يمكن أن يكون لتحقيق المصالح والأهداف والمشاريع الإمتلاكية , فكلٌ مسخّر لما يُؤمَر به وينفذه , وهل وجدتم أعظم سعادة من الذي إكتفى بغيره؟!!