أمام عدد من القنوات التلفزيونية التي ظهر منها ثلاث مايكروفونات مع اللوجو الخاص بها، وثلاثة مصورين وربما عدد آخر من الاشخاص مثل السواق والمرافقين لهم، قام شاب من طالبي اللجوء وامام مقر الامم المتحدة في اربيل بسكب البنزين على جسده، بعد حديثه عن مشكلته في الانتظار لسنوات طويلة ومعاناته من ظروف المعيشة واللجوء وعدم تلقيه اي رد او السماح له بالحديث او التواصل مع موظفي الامم المتحدة، وأشعل النار في جسده الذي اصيب اصابات خطيرة تزيد على نسبة 90% حسب تصريح أطباء في المستشفى الذي نقل اليه.
هذا الحادث(الانتحار) الذي تم بشكل مباشر ونقلته القنوات التلفزيونية على الهواء يثير عدة مواضيع وامور يجب مناقشتها والتعامل بها حسب المنطق القانوني والانساني، واولها تعامل أولئك الاعلاميين والصحفيين المتواجدين في مكان الحادث بعدم المسؤولية الاخلاقية والانسانية تجاه هذا الشاب اليائس، حيث انشغلوا بتغطية الحدث ونقله باعتباره سبقاً صحفياً واعلامياً دون الاهتمام بالشاب نفسه بمنعه من احراق جسده بعدما وجدوا قنينة البنزين في يده وهو يقوم بفتحها وصبها على جسده،كما لم يبادورا الى مساعدته بعد اضرام النار.
ان سلوكهم هذا وهم كانوا يقومون بتغطية ونشر الخبر وعدم قيامهم بمنعه او مساعدته في اطفاء النار المشتعلة بجسده يشكل جريمة وفق القانون، لانهم لم يتحركوا ولم يُبادروا الى اطفاء النيران المشتعله بجسد الشاب وفعلهم يشكل جريمة مشهودة وردت ضمن الجرائم الاجتماعية والامتناع عن الأغاثة وتنطبق عليها احكام المادة(370/ثانياً) من قانون العقوبات العراقي رقم (111) لسنة 1969 المعدل(..من أمتنع أو توانى بدون عذر عن اغاثة ملهوف).
كما قامت نقابة صحفيي كوردستان بادانة تصرف الصحفيين في بيان صدر عنها ورد فيه(أن هذه الحادثة تخبرنا بأن وسائل الإعلام لدينا تبحث عن الخبر فقط، وليس عن مضمون وتبعات الخبر، وإن لم يكن كذلك، كان على الصحفيين القاء مايكروفوناتهم والهرع إلى الشاب عوضاً عن الوقوف ومراقبة الحدث، وذلك كان سيكون محل فخر).
مأساة الشاب الذي اشعل النار بجسده هي جزء من مأساة أكبر حسب تصريح المتحدث باسم المفوضية العليا لشؤون اللاجئين التابعة للأمم المتحدة ب(أنه يوجد في إقليم كوردستان أكثر من 10 آلاف و700 لاجئ من إيران مسجلون لديهم، وأن المساعدات النقدية تمنح للاجئين على أساس الأسر الأكثر احتياجاً)، كما أشار الى (أنه يوجد في العالم 80 مليون شخص خارج بيته الآن، بينهم 255 ألف لاجئ سوري و50 ألف غير سوري موجودين في إقليم كوردستان فقط).
هذه الارقام تتطلب جهداً وتعاوناً مشتركاً بين الحكومات والادارات المحلية مع المنظمات الدولية والانسانية ومنظمات المجتمع المدني، بضرورة توفير الحد الادنى من الحياة الانسانية المقبولة لهؤلاء الاشخاص اللاجئين والنازحين، خاصة في جائحة كورونا وفترات الحجر ومنع التجول والبطالة والضائقة الاقتصادية التي يعاني منها مواطنوا اقليم كوردستان وازمة الرواتب والصيف الحار ومشكلة الخدمات الاساسية كالماء والكهرباء، كلها تدفع ليس هؤلاء اللاجئين فقط بل اعداداً من سكان العراق لطلب اللجوء الى اوربا والدول الغربية وهدفهم ومقصدهم الاساسي لاحترام حقوق وحريات وانسانية الانسان فيها قبل كل شئ.