18 نوفمبر، 2024 11:47 ص
Search
Close this search box.

إمرأة (بإمتياز)

– لا أحبك…
كلمة طالما إنتظرتها.. لكن.. بدون (لا).. لو إنه نسي ال (لا)…
لم تتغير ملامحها.. كأنها لم تسمع شيئا.. غمام الحزن في عينيها لم يلحظها.. بركان الجرح الذي إنفجر لينثر قلبها أشلاءا لم يسمع له صدى.. كانت كمن يستمع الى نشرة الأخبار الإقتصادية..

– هل تعلمين؟ إنك رائعة بكل المقاييس.. كل مافيك ينطق بالجمال.. وجهك، جسدك، عقلك، وعيك، هدوءك، رقتك، إحساسك، مرحك.. كل مافيك يقترب من الكمال.. وأنا رجل عادي ككل الرجال.. فحتى فينوس (إلهة الجمال) نحتوها مقطوعة اليد، ومايكل انجلو أضطر لتحطيم أنف تمثال داوود عندما وصل في صناعته حد الكمال وطلب منه أن ينطق، فالكمال لم يوجد على هذه الأرض فقط ..  وعندما تقترب المرأة من الكمال، ماذا يتبقى للرجل؟ وأنا يا سيدتي رجل عادي ككل الرجال..
……..
ألا يدرك إنها أيضا إمرأة عاديّة ككل النساء.. تحتاج الى الحب.. إلى رجل.. هي فقط أحبته بجنون فمنحته السعادة بطريقتها.. أعطته مطلق الحرية ليفعل مايشاء، فهي لاتريد رجلا يحبها تحت التهديد، بل بإرادته الكاملة.. لاتريد لسؤاله عنها أن يكون مشفوعا بالواجب بل بدافع الشوق.. لاتريد لكلمات الحب أن تتدفق على لسانه كقصيدة يرددها طالب شاطر في درس (المحفوظات).. بل أن يعني كل كلمة يقولها.. أن يهبها قلبه فقط.
………..
– أعلم إنك أردت قلبي.. وتركت لي حرية أن أهب جسدي لكل النساء.. عيناي وصوتي.. فأي إمرأة عاشقة قد ترضى بذلك؟ هل يعقل إنك طيبة إلى هذا الحد؟ متفهمة.. متحررة.. منفتحة.. أم ماذا؟ ألا تنتخين لغيرة النساء.. لرغبتهن في التملك؟
…………
الكلمات سجينة سقف فمها.. لو تطاوعها شفتاها فتطلق سراحها لتقول له.. انها ، ككل النساء، تريده لها وحدها.. ولكن ليس أسيرا.. بل حرّا.. فالحب حريّة..
………..
– لأنني أشعر معك بحريّة كاملة.. أريد الهرب.. فأنت من أطلقني.. بكل مالديك من وضوح..
أريد إمرأة تستفزني بغموضها وليست صافية كورقة بيضاء.. إمرأة ترهقني بدلالها، تؤلمني بزعلها، تقنعني بكذبها.. إمرأة أطاردها، لاتطاردني..
…..
لم يكن ماقاله جديدا.. رغم إنها أدركته مؤخرا، إلاّ إنها سبق وإن سمعته من رجال قبله.. لكن ماذنبها إن إعتادت أن تمضغ الصدق وترضع الكبرياء..
….
– أو تعلمين أيضا.. يربكني كبرياؤك.. فأنا لم أشاهدك تبكين مرة أمامي.. لم تضعفي.. لم تشتكي.. لم ترفضي.. لم تصرخي.. وإن هجرتك يوما فلن تبكيني ربما.. بل ستعودين الى حياتك وكأن شيئا لم يكن.. مؤلم أن يشعر الرجل إنه ليس موضع إهتمام أو تأثير..
….
لو تستطيع فقط أن تصرخ.. أن تنفجر .. أن تصفعه حتى، لتقول له.. إنها لن تبكي أمامه لكنها عيونها تنزف دما في كل دقيقة تبعده عنها.. تضيّع جغرافيا المكان.. وتختلط عليها المواقيت والأزمان.. ستعيش يومها إن هجرها.. نعم.. لكن الحياة أبدا لن تعود كما كانت عليه.. فهو آخر وعد للفرح.. آخر ضحكة في مسرح الحياة.. آخر دقيقة قبل الموت..
….
– عذرا.. لا أنكر إني سعيد برفقتك.. فأنت تجعلينني سعيدا.. تفهمين في كل شئ.. في السياسة والثقافة والدين والحياة.. تعلمت منك الكثير.. لكني أشعر أمامك بأني تلميذ يجلس في حضرة مدير المدرسة.. أريد إمرأة تخشاني.. تحتاجني.. تدهشها كلماتي.. تفاجئها أخباري.. تستشيرني.. تعتمد عليّ.. تشعرني بأني أبا.. معلما.. سيّدا.. و أنت تعرفين تماما ماتفعلين.. مكتفية بذاتك.. مزهوة بعقلك..
….
شعرت بدوار يلفّها.. برغبة في التقيّؤ.. فهذا الجالس أمامها هو نفسه الذي قال لها يوما: أنت أميّ

– لا يحتاج الرجل الى أم ترعاه دائما.. فقد يخلد إلى حضنها ساعة يتعب.. لكنه يريد لإمرأته أن تكون طفلة في شقاوتها.. مومس في إثارتها.. جارية في رقتها.. قاسية في صدّها.. عروس في رضاها.. وأنت هادئة كالسلام.. أجدك كلما وحيثما أريدك..
باختصار.. أنت متميزة.. لم يسبق لي إن عرفت مثلك.. لذا أخشاك.. فكل شئ في حياتك أتقنته بإمتياز..
….. مدت يدا متماسكة إلى حقيبتها وكأنها تستمد القوة منها لتساعدها على النهوض.. نظرت إليه كمن تراه لأول مرة..
إنتصر عليها صوتها.. ليفك حصار الكلمات:
– معك حق.. فأنا إمرأة بإمتياز..
 لأن قلبي ينبض بإمتياز..
 وروحي حرة بإمتياز..
لكني لا أعرف ألاعيب النساء..
لذا فأنا فاشلة في الحب بإمتياز….
2012

أحدث المقالات