7 أبريل، 2024 2:15 ص
Search
Close this search box.

إمبراطورية العشوائيات الديمقراطية

Facebook
Twitter
LinkedIn

لكل دولة في العالم هوية تبرز صورتها من خلال المعالم البارزة في شوارعها وساحاتها العامة وتكاد إن تكون في كل محافظة أو ولاية أو ربما حتى الأحياء الصغيرة في الصين الشعبية لها علاقات تميزها عن بقية الأحياء والمدن الا نحن فحكايتنا لا شبيه لها في القارات السبع ..!

فما الذي يميز العاصمة بغداد وبقية المحافظات سوى الأرصفة المتناثرة والشوارع المحفرة والبيوت المتهالكة والمباني البائسة التي لا تتجاوز إرتفاعاتها سوى طابقين أو ثلاث وتعد أقزاما ليس إمام ناطحات السحاب الأمريكية بل قياسا إلى المباني الخليجية التي ظهرت بعد مئات السنين عندما وضع أبو جعفر المنصور لحجر الأساس لمدينة بغداد المدورة والتي تحولت إلى مدينة مقعرة لا نعرف لها إتجاها أو شكلا معلوما أو محتوى مقبولا .

وأصبحت هنالك علامات مميزة للمدن العراقية في عصرها الديمقراطي بعد عام 2003 حيث في كل مدينة أحياء عشوائية للحوسمجية ( زادت من الطين بلة ) وجعلت من الفوضى فوضويات تنتشر في كل مكان وتتحدى القانون وتسخر من كل السلطات ، وبعد ذلك تتفق كل مدن العراق على غياب الأرصفة وإحتلالها من قبل أصحاب البسطيات والمتجاوزين على الطريق العام مما يشكل منظرا يحول المدينة إلى قرية بدائية تنتمي إلى القرون الوسطى بقذارتها وطرقها البدائية لعرض الغذاء والطعام وحركة الناس التي تعبر عن فقدان الذوق العام وغياب السمات الحضرية فترى بعض الناس لا ينتمون للبدو والأرياف ولا علاقة لهم بالمدنية والمدينة يعني كما يقولون ( الماله أول ماله تالي ) فتكاد تنعدم من خلال تصرفاتهم الصفات الآدمية ويتحولون إلى قطيع يسرح ويمرح بدون راعي ..! .

ومن العلامات الأخرى هذا الإختلاط الغريب ما بين الأزقة والأحياء المخصصة للسكن والمحلات الصناعية الخاصة بالحدادين والفيترجية وأصحاب الراديترات والصالنصات كون هؤلاء يتداخلون مع السكان وأصبح كل حي لا يحمل تسمية أحد المشاهير في المنطقة من العلماء والوجهاء أو الفنانين بل يحمل اسم احد السمكرية او الفيترجية وهي ألقاب وكنى غريبة تثير الاشمئزاز لكنها تعبر عن واقع حال كرسه عجز الدوائر المختصة من إنقاذ الأحياء السكنية من هذه المحلات المتطفلة إلى أماكن وأحياء صناعية سبق إن أقرها التخطيط العمراني للعاصمة بغداد خوفا على تدمير البنية الإجتماعية والسلم المدني للأحياء السكنية بسبب ما تنتجه هذه المحلات من تلوث مزدوج الأول يتعلق بالبيئة والمواد الملوثة بسبب الصناعات المختلفة والتلوث الثاني هو إجتماعي ونفسي ناتج عن سوء المجتمعات الصناعية وتأثيرها على أطفال المنطقة أخلاقيا كونها تضم بين العاملين فيها العديد من العناصر المنحرفة والفاشلة دراسيا والذين يمتد نشاطهم داخل هذه الأحياء السكنية .

ترى هل تستطيع الحكومة من تحدي هذه العشوائيات التي إحتلت الأرصفة وعبثت في المناطق السكنية وتعمل على ترحيلها إلى مناطق أخرى مخصصة لها أم انه إعتراف بشرعيتها كأقاليم مستقلة .

[email protected]

مقالات اخري للكاتب

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب