22 ديسمبر، 2024 11:20 م

إلي بعبه صخل ينبح

إلي بعبه صخل ينبح

الوقت و المكان :- بين الصيف والشتاء من عام 2006 في البصرة
بكل فخر أقول إنني أول عراقي استمع لنصيحة :- و عمل بها .
وهي بنظري سابقة غريبة فالعراقي يكره النصائح ومن يطلقها ولدينا مثل يقول ((العراقي انطحه ولا تنصحه )) أعود إلى الموضوع وجدت نفسي مرغما على العمل بنصيحة تبرع بها صديق لي بعد أن استمع إلى شكواي من قلة النوم والقلق والخوف من العصابات الليلية التي عاثت في البصرة فسادا فكان كل من يمشي على قدمين هو هدف محتمل إلى هذه العصابات, و من يمتلك مالا يختطف ويقتل , ومن كان لديه رأي يخالف رأي المتنفذين يقتل أيضا , ومن كانت لديه زوجة جميلة فهو مقتول أيضا .

ولقد شملتني حمى الخوف على الرغم من إني لم أكن املك مالا , كل ما أملكة هو سيارة عتيقة اعمل بها كسيارة أجرة فكان كل من يركب فيها مرة يقسم أغلظ الإيمان أن لا يركب فيها مرة أخرى لأنها ببساطة سيارة مصابة بمرض بار كنسن , كل جزء منها يرتجف على حده أعان الله من ركب بها مرة .

ثم إن زوجتي لا تشبه الممثلة شارون ستون لا من قريب ولا من بعيد وبعد ذالك ليس لدي رأي مخالف للكل , فالآراء والحمد لله كلها متضاربة .

ومع هذا كنت لا أنام في الليل خوفا من غدر عصابات قذرة تسلحت بكل آلات القتل .

وتمتطي سيارات مملوكة للدولة و الدولة ليس لها عليها سلطان , وتباركها فتاوى مقدسة لرجال مشكوك بولائهم للوطن والدين.

أصبح سهر أليالي عندي ضرورة وعاده , إما عن كونه ضرورة فاني لا أريد الموت بطريقة ((خروف العيد)) . وإما عن كونه أصبح عاده فكنت اسهر ليلا وأنام نهارا لأني والحمد لله لم يكن لدي عمل ثابت يرغمني على النهوض صباحا .

قال صديقي المحترم : (( اقتني لك كلبا يعينك على الحراسة ليلا وينبهك في حالة غفلتك ))

وجدت أن نصيحته رائعة فعلا تنم عن عبقرية وفهم مدروس للأوضاع الحالية نادرا ما يتفوه به احد هذه الأيام .

وأعلنت عن رغبتي باقتناء كلب فقام احدهم وأرسل لي كلبا كبيرا جميل المنظر, مهيب الفكين , نظرت إليه باحترام لأنه سيكون منقذي من سهر أليالي وغزوات اللصوص .

أطعمت الكلب وربت على رأسه وعنقه ( هذا مأخوذ من كتالوك الاستعمال ) , بدا الكلب يتعود علي فإذا خرجت ركض إلي وهو يهز ذيله قافزا حولي فرحا . لكن برزت مشكلة أخرى مع زوجتي التي لا تشبه الممثلة شارون ستون أما المشكلة فهي في موضع نجاسة الكلب فكانت ترغمني على الاستحمام كلما هز الكلب ذيله قربي مع هذا رضيت بالوضع لانعدام الخيارات الأخرى كما إن المثل يقول ( ويرضى بالحمى من ذاق الموت ) , فكان الاستحمام المتكرر أهون من السهر الدائم رغم تحفظي على مسالة نجاسة الكلب واعتبر إن الكلب رغم نجاسته هو اطهر من بعض الذين اعرفهم .

في خضم هذه الإحداث , فآتني وأنا في أزمتي مع ضعف قدرتي على التركيز التي أورثها لي السهر المتواصل أن اسأل عن الكلب , عن أصلة ونوعه , ولماذا تخلى عنه أهله , لا يهم كل هذا .

فالمهم (( أصبح عندي ألان كلبا …. إلى النوم خذوني معكم ))

ذهب عني الخوف قليلا ولوجود الكلب المحترم , وشعرت ببعض الأمان

ولماذا لا والكلب اخذ على عاتقه السهر على سلامتي وسلامة بيتي فكان نعم الحارس الأمين , فما أن تقفز قطة الجيران في باحة بيتي حتى تنشب معركة شرسة فيها من النباح والصياح والصراخ وبعثرة محتويات صندوق القمامة أصوات تجعل الأطفال يهبون من نومهم مذعورين ,

فكنت أسرع لفض الاشتباك لكن بدون جدوى فشراسة الكلب تجعلني أتراجع خوفا منه , في بعض الأحيان كنت أفكر بالاستعانة بقوات التحالف لفض الاشتباك الدائر, لكني أتراجع في اللحظة الأخيرة خوفا أن يتهمني البعض بالعمالة للمحتل , وتهزم القطة , وابتسم أنا من كل قلبي فرحا بانتصار كلبي الوفي وأقول في نفسي (( والله انه كلب ابن كلب))

مع القطة يجعلها معركة فما الذي سيعمله مع اللصوص ؟ أكيد سيجعلها ((أم المعارك )) وأشفق في سري على اللصوص وأنا أتخيل مؤخراتهم الممزقة .

وأعود للفراش وأنام قرير العين .

مر أسبوع شعرت فيه براحة النوم وعاد بدني لسابق عهده وفارقني المزاج العكر الذي صاحبني لفترة, وعدت لعملي وسيارتي

( الرعاشة )وعاد الركاب يقسمون بأنهم لن يركبوها ثانية , وعادت علاقتي بزوجتي التي لا تشبه شارون ستون إلى طبيعتها السابقة . الحمد لله فالنوم له سحر في حياة الإنسان .

حتى كان في ليلة أن طغى الصفاء الرومانسي بيني وبين التي لا تشبه شارون ستون وبعد شد وجذب ونقاش مستقبلي غير مثمر استسلمت لنوم عميق وشعور الأمان يغطيني بفضل الكلب .

وفي الصباح استيقظت على صوت زوجتي تناديني للإفطار , جلسنا نفطر سوية وخيال رومانسية الليلة الماضية يرفرف علينا ,

بعدها اتكلت على الله وخرجت للعمل بسيارتي الباركنسونيه . لكني صدمت بعدم وجود سيارتي أمام باب بيتي , وبعد الأخذ والرد والسؤال عرفت إن سيارتي قد سرقت .

أقمت شكوى في مركز الشرطة , حضر أفراد الشرطة لمعاينة مكان السرقة , فجأة سألني ضابط الشرطة وهو يقف أمام منزلي ( يبدو إن لديك كلبا ) فأجبته بالإيجاب وعاد يسألني ( الم ينبح كلبك أثناء ألليل )؟

أجبته بالنفي , أثارت ملاحظة الضابط انتباهي لعدم نباح الكلب على اللصوص واستغربت من تصرف الكلب.

سألني الضابط (( هل تربي هذا الكلب من صغره ؟ )) فأخبرته بالقصة كلها وكيفية حصولي على هذا الكلب , أكمل رجال الشرطة اجرائاتهم ورحلوا تاركيني وحيدا مع قهري وحزني بقلب يملؤه الغضب على تلك التي لا تشبه شارون ستون لائما إياها ولاعنا ليلتها الرومانسية التي جعلتني أنام كل هذا النوم العميق

مر يومان وتم استدعائي من قبل الشرطة فلقد عثروا على سيارتي وعلى سارقها أيضا , أتعرفون من هو؟ لقد كان شقيق الرجل الطيب الذي أهداني الكلب

قال لي رجل حكيم (( إياك والكلب ذو الصاحبين أتعرف لماذا ؟ لأنك لو ربيت الكلب وهو صغير سيكون انتمائه و ولائه لك , أما إذا أخذت كلبا

وهو كبير فسيكون انتمائه لك و ولائه لغيرك فإذا احترق بيتك أو سرق سيكون دوما هنالك دار أخرى له ))

لهذا يا عزيزي إن كلبك الشرس لم ينبح على اللصوص لأنهم أهله بكل بساطة .

ملاحظة /

إلى كل السياسيين العراقيين الذين يحملون جنسيات بلدان أخرى اقسم لكم إني لا اقصد احد منكم بهذا أبدا أنها مجرد قصة قصيرة