23 ديسمبر، 2024 4:43 م

إليكم … الحقائق عن إيرادات النفط رغم الإرتفاع العالمي للأسعار

إليكم … الحقائق عن إيرادات النفط رغم الإرتفاع العالمي للأسعار

أشارت البيانات العالمية الى حصول ارتفاع في اسعار برميل النفط حيث ارتفع سعر برنت الى 61 دولار , وهي حالة تثير تفاؤل المنتجين بعد حصول انخفاض في الاسعار وصل لأكثر من نصف ما كانت عليه في مطلع سنة 2014 , وتعود أسباب الارتفاع الى تحرك الاقتصاد الصيني , باعتبار الصين تستهلك تسعة ملايين برميل نفط يوميا وأكثر من نصفها مستوردة , والخسائر التي تعرضت لها شركات النفط العالمية , التي أعطت اشارة بأن لا زيادة كبيرة في عرض النفط مستقبلا طالما الاستثمارات متوقفة , وحسب التوقعات فانه من المؤمل ان تصل الاسعار بحدود 65 – 68 دولار للبرميل خلال الاسابيع القادمة , وهذا الارتفاع من شأنه ان يعوض بعض الخسائر التي تعرض لها المنتجين , وان ينعش الآمال لمواجهة العجز في موازنات الدول الريعية التي تعتمد ايرداتها على النفط ومنها العراق , حيث لجأت هذه الدول للاقتراض لغرض تعويض النقص في الايرادات .

وعلى خلفية هذه التطورات , فقد صرح الدكتور مظهر محمد صالح مستشار رئيس مجلس الوزراء للشؤون الاقتصادية , بان الارتفاع في اسعار النفط هو عامل مؤثر على عجز الموازنة , مبينا ان تمويل مصادر العجز سيكون من فرق الزيادة بسعر النفط ويعوض عن الاقتراض الخارجي , وهو تصريح يحتاج الى مزيد من المراجعة والتمحيص لان العراق سوف يستفيد من ارتفاع الاسعار في مجال زيادة الايرادات من الاسعار ولكن ذلك غير كاف لتغطية عجز الموازنة , فإيرادات الموازنة قد توقعت الايرادات النفطية 94 تريليون دينار حسب ما جاء في التسلسل ( أ ) من الفقرة اولا من المادة ( 1 ) من قانون الموازنة الاتحادية العامة لعام 2015 , التي عدت نافذة اعتبارا من بداية العام الحالي نظرا لمصادقة السيد رئيس الجمهورية على محتوياتها قبل ايام , وهي في طور النشر في الجريدة الرسمية لجمهورية العراق ( الوقائع العراقية ) .

ولو رجعنا الى التسلسل ( ب ) من نفس الفقرة والمادة أعلاه , لوجدنا بان الايرادات قد حسبت على اساس سعر 56 دولار للبرميل الواحد ومعدل تصدير 3,3 مليون برميل يوميا منها 250 ألف برميل من اقليم كردستان و300 ألف برميل من نفط كركوك , وقد قام مجلس الوزراء في جلسته ( 4 ) في 27 / 1 / 2015 بالموافقة على تخفيض سعر برميل النفط المصدر المحتسب في مشروع قانون الموازنة الاتحادية الى 55 دولار بدلا من 56 دولار , ويعني ذلك من الناحية العملية بان ارتفاع اسعار النفط الى 61 دولار سيوفر 6 دولارات للبرميل المصدر بموجب السعر المعتمد من قبل مجلس الوزراء , ويفترض ان يكون الفرق 198 مليون دولار يوميا , وان ذلك من شانه توفير ايرادات اضافية تصل الى 7 مليارات دولار سنويا , وهذه الزيادة المهمة يمكن ان تخفض العجز والحاجة الى الاقتراض كما صرح المستشار الاقتصادي للحكومة .

ولكن هذا الافتراض نظري وليس عمليا او واقعيا , والسبب يعود الى ان الصادرات العراقية لم تصل الى 3,3 مليون برميل لحد الآن , فحسب بيانات الجهات المسوقة في وزارة نفط العراق ( سومو ) فان الصادرات هي بحدود 56, 2 مليون برميل يوميا , مما يعني بان النقص في الصادرات هو بحدود 800 الف برميل يوميا وان قيمتها بسعر 55 دولار للبرميل تبلغ 440 مليون دولار يوميا , وبما ان التغير في الاسعار سيوفر 150 مليون دولار يوميا على اساس ان الفرق في ارتفاع السعر هو 6 دولارات وان معدل الصادرات اليومية 2,5 مليون برميل , فأن النتيجة النهائية هي فقدان 290 مليون دولار يوميا من ايرادات النفط , بعد احتساب ألصادرات الفعلية بالأسعار الجديدة وطرح قيمة النقص في الايرادات , بضوء ارقام الصادرات التي وردت في قانون الموازنة وبالأسعار التصحيحية لمجلس الوزراء .

ولغرض تعزيز ما أوردناه , فقد أشارت بيانات وزارة النفط المنشورة على موقعها الالكتروني بان صادرات الشهر الماضي ( كانون الثاني ) , قد بلغت 78,6 مليون برميل منها 74,1 مليون برميل من الموانئ الجنوبية ( البصرة ) و 4,5 مليون برميل من نفط كركوك , وقد تم بيع النفط المصدر بسعر 41,450 دولار للبرميل الواحد وبمعدل تصدير بلغ 2,54 مليون برميل يوميا , وقد بلغت القيمة الكلية لهذه الصادرات 3,258 مليار دولار , في حين ان صادرات كانون الاول 2014 قد بلغت 91,2 مليون برميل اي بانخفاض مقداره 12,6 مليون برميل بين صادرات كانون الاول مقارنة بصادرات كانون الثاني , وبشكل يدل على ان الصادرات بانخفاض , وقد تم إيعاز الاسباب الى سوء الاحوال الجوية , علما بان خطوط النفط في كردستان المخطط لها تصدير 550 الف برميل يوميا من حصة الاقليم وكركوك , لا يمكن لها استيعاب اكثر من 450 الف برميل يوميا إلا بعد تنفيذ اعمال التوسعة التي قد تنجز بعد شهر مايس من العام الحالي .

والقصد من هذا العرض هو لتوضيح فكرة مهمة مفادها , ان لم يصل العراق الى الارقام المخططة للصادرات التي وردت في قانون الموازنة الاتحادية العامة لعام 2015 والتي صوت عليها مجلس النواب , فان بلدنا سوف لا يكون مستفيدا من زيادات اسعار النفط في الاسواق العالمية بناءا على ما هو سائد حاليا او ما يتوقع حدوثه خلال المدة القادمة , باعتبار ان الزيادة في الاسعار ستستمر في تغطية النقص في الصادرات فحسب , وان ذلك يعني إستمرار وزيادة العجز مما سيحرج الحكومة ويضطرها لاتخاذ مزيدا من الاجراءات التقشفية , التي سيكون المتضرر الاكبر منها هم الفقراء وذوي الدخل المحدود وبشكل يدعو لزيادة الشد على البطون الخاوية والخالية من السحت , وهو ما يتطلب اتخاذ اجراءات عاجلة وعملية للوصول الى الارقام المخططة للتصدير من مختلف المصادر بما فيها اقليم كردستان وكركوك , علما بان من وضع هذه الارقام كان عليه ان يأخذ جميع الظروف والتداعيات بنظر الاعتبار , وبما يضمن تدفق صادرات حقيقية بمعدل 3,3 مليون برميل يوميا على مدار 365 يوما خلال سنة 2015 , لان التخطيط الصحيح يقوم على حساب كل الاحتمالات لاستخلاص أرقاما فعلية وليست طموحات أو ترقيعات , لأن الفرق بين المخطط والفعلي يؤثر على معيشة وكرامة وامن واستقرار البلاد والعباد .