مما لاشك فيه ، إن مفهوم المعرفة ، يقع عادة ضمن إطار المفهوم العام للجامعات ، والمؤسسات العلمية ، والتربوية ، والبحثية . وتلك المؤسسات ، تكون إحدى مهامها ، رعاية الإبداع ، والمبدعين ، لدعم الحركة المعرفية في المجتمع . والمتفق عليه ، أن الإبداع المعرفي ، يساهم في نقل الجامعات إلى مراكز الإنتاج المعرفي . ومن هنا كانت ، وما زالت الجامعات ، بيئة مثالية ، لتحقيق الإبداع ، ورعاية المبدعين ، من اجل تحقيق إنتاج معرفي حقيقي ، ورصين ، بعيد عن شكليات المعرفة ، التي تغزو جامعاتنا ، دون نتيجة تذكر ، بل دون مكسب .
ولا يسعنا في هذه السطور ، ذكر الجامعات العالمية ، التي تتبنى بصفة خاصة ، وهامة الإنتاج المعرفي ، الذي انعكس على اقتصاد بلدانها وتطورها العلمي . ولكن اذكر حالة شاذة وغريبة ، تحدث في بعض جامعاتنا العراقية ، تمثل حالة طاردة للإبداع . ففي الوقت الذي تجد ، وتجتهد وزارة التعليم العالي والبحث العلمي ، لاحتضان المبدعين ، من الأساتذة ، والتدريسيين ، ورعايتهم ، وتبني مشاريعهم الريادية ، وتكريمهم في يوم خاص أطلق عليه ” يوم العلم ” . والسعي نحو الجامعات المنتجة ، والإنتاج المعرفي . إلا إن جامعات عراقية ، توقف فيها الزمن ، لتغتال احد العقول العلمية ومنتسب لديها ومحاصرته ، بغية عدم إكمال دراسته التي يستحقها بجدارة .
وقصتنا . . تبدأ من جامعة بابل . الجامعة التي حققت طفرات نوعية ، في المجالات العلمية ، رغم صغر عمرها . واحتضنته كلية العلوم ، وكرمته بتخصيص غرفة خاصة له ، اسوة بالتدريسيين ، واشراف مختبري . يعرف من الجميع ، انه شخصية علمية . فيطلق البعض عليه لقب ” العالم “. انه شخصية خاصة ، وفريدة ، كونها مجدة ، ومثابرة ، ومنشغلة دوما ، بالتفكير العلمي . يضم عقله ، ابتكارات علمية جديدة ، لو نفذت على ارض الواقع ، لوفرت ملايين الدولارات لبلده . فضلا عن ، اكتساب جامعته سمعة علمية ، بين الجامعات العالمية . هذا الشخص اسمه ، رياض صالح مهدي ، له 16 عمل إبداعي في مجال التقنيات المصنعة . يمتلك براءة اختراع ، من جهاز التقييس ، والسيطرة النوعية العراقية .
مشكلة هذه الشخصية المعرفية ، تكمن في تسويف قبوله في الدراسات العليا ، لإكمال الماجستير التي يستحقها . ففي عام 2013 . قدم الشخص المذكور ، على قناة الموهوبين ، والمبدعين ، حسب محضر مجلس جامعة بابل ، وحصلت الموافقة ، على إكمال الدراسة على الزمالات والبعثات . وحصل على اثر ذلك ، موافقة وزير التعليم العالي . وأثناء ذلك ، رشح احد مشاريعه الإبداعية ، من قبل وزير التعليم شخصيا ” الدكتور عبد الرزاق العيسى . ليكون هذا المشروع ، بحثا ، رياديا ، في وزارة التعليم العالي والبحث العلمي . ولكن بدل ان يكون ذلك امتيازا ، في مواصلة دراسته العليا . تحول ، الى كابوس يلازمه فتم تسويف قبوله ، ومن ثم عرقلته ، بعد ان وضعت جامعة بابل ، آنذاك شرطا غريبا ، يتضمن الموافقة مقابل إكمال المشروع . وذهبت تلك السنة الدراسية ، هباء دون نتيجة ، يحصل عليها في حصوله على مقعد دراسي .
وظل الباحث ، يجتر خيبات الأمل ، واحدة ، تلو الأخرى ، دون الوصول إلى مبتغاه ، والى يومنا هذا . وحين طلبت منه أوراق رسمية ، تثبت صحة كلامه . سارع الى حقيبة الأمان كما يطلق عليها واخرج رزمة كبيرة من الأوراق تبين بعد ذلك أنها كتب رسمية معنونة جميعها بالموافقات الاوصولية . ولتأكيد ذلك ، استعرض بعضا من تلك الكتب بشكل مختصر .
موافقة مجلس جامعة بابل ، ترشحيه على قناة الموهوبين ، والمنعقد في العام الدراسي 2013 – 2014 في محضر رسمي . وموافقة وزير التعليم العالي ، بعد مصادقة محضر الجامعة المذكور حسب الكتاب المرقم 4748 في 14 – 9 – 2014 .
موافقة وزير التعليم العالي ، على استثناء شرط العمر حسب الكتاب المرقم ص. ب/ 13 / 30405 في 4 – 12 – 2016 .
تحويل جهة دراسته ، من اندنوسيا التي رفضت استقبال الطلبة العراقيين ، الى جامعة بابل . حسب كتاب كلية العلوم المرقم ش / 5790 في 6 – 9 – 2016 . لكن الطلب رفض من قبل رئاسة الجامعة .
بعد إحالة مشروعه الريادي ، إلى وزارة التعليم العالي ، بأمر وزاري . شكلت لجنة ، بعضوية الباحث ، لتنفيذ مشروعه . الذي حرم على أثره ، من كل ترشيح للدراسات . لاسيما ان الباحث ، ظل ينتج أبحاثا معرفية ، على مستوى الابتكار . حيث قدم أربعة إعمال إبداعية ، ترتقي إلى مصاف الاختراع العلمي . وتم تبليغ وزارة التعليم بذلك ، بكتب رسمية صادرة عن جامعة بابل .