23 ديسمبر، 2024 5:34 ص

إلى هايدة العامري … المالكي عائد لرئاسة الحكومة القادمة بسبب ضعف خصومه

إلى هايدة العامري … المالكي عائد لرئاسة الحكومة القادمة بسبب ضعف خصومه

في مقال سابق لها كتبت الكاتبة المبدعة هايدة العامري مقالا في موقع كتابات تحت عنوان ( فعلتها أمريكا وحددت المرشّح لمنصب رئيس الوزراء ) , وملخص هذا المقال أنّ الولايات المتحدة الأمريكية رشّحت السيد علي عبد الأمير علاوي  وزير المالية الأسبق , لتوّلي منصب رئاسة الحكومة العراقية القادمة , وإنّ هذا الترشيح قد حظي بموافقة المرجعية الدينية في النجف الأشرف , إضافة إلى توافق القوى السياسية الرئيسية المناوئة للمالكي عليه , وحينها كنت واثقا أنّ السيدة هايدة العامري ستتراجع عن هذه القراءة الخاطئة لمستقبل الحكومة القادمة , وها هي السيدة هايدة تتراجع عن هذه القراءة تماما في مقالها المنشور يوم أمس في موقع كتابات أيضا و الذي كان تحت عنوان ( ننتخب أو لا ننتخب النتائج معروفة ) , فهي تعترف بأنها كانت تتوقع أن يمنى المالكي بخسارة كبيرة في الانتخابات القادمة نتيجة للأخطاء التي ارتكبت والكم الهائل من الفساد الذي رافق حكومة المالكي الثانية , وربّما يشاطرها هذا الرأي الكثير من المتابعين للشأن السياسي العراقي بما فيهم كاتب هذه السطور , لكنّي اختلف معها , فهي ترمي السبب في خانة وعي الشعب الذي لم يرتقي حتى هذه اللحظة للتمييز بين السياسيين ونهجهم , فأقول لها لقد اخطأتي كما في المرّة السابقة , فعودة المالكي المتوّقعة لتشكيل الحكومة القادمة ليس بسبب قلة وعي الناخب العراقي , بل بسبب ضعف خصوم المالكي أولا , وعدم امتلاكهم لاستقلالية القرار ثانيا , والحقيقة لا يوجد بينهم خصم حقيقي للسيد المالكي سوى مسعود ابارزاني , وهذه حقيقة يدركها الجميع , وليس المقصود الانتقاص من الآخرين , وحتى هذه اللحظة لم يبرز على مستوى أداء القوى السياسية سياسيا لامعا استقطب اهتمام الناس وحظي بثقتهم .

فالجميع يعلم أنّ منصب رئيس الوزراء تحدده اختيارات الناخب الشيعي تحديدا , فمن يتفق عليه الشارع الشيعي هو الذي سيكون رئيسا للوزراء القادم , والقوى الرئيسية المتنافسة على منصب رئيس الوزراء لم تتمكن حتى هذه اللحظة من مجاراة أداء رئيس الوزراء الحالي في معركته الانتخابية , وحسب المعلومات الأولية عن اتجاهات الشارع الشيعي , فإنها تؤكد سيطرة نوري المالكي على كامل مجريات العملية الانتخابية , ولا زال ائتلافه هو القوة الأبرز على الساحة السياسية الشيعية , ويعزو الكثير من المراقبين هذا التفوق بسبب موقف المالكي الثابت والقوي من قضيتي الإرهاب و موضوع نفط إقليم كردستان , فبسبب هذا الموقف الصحيح والصائب استطاع المالكي أن يستقطب تأييد الشارع الشيعي , وهنا بيت القصيد .

ومما ساعد المالكي على هذا التفوق الواضح هو موقف خصوم المالكي الانتهازي واللا مسؤول من قضيتي الإرهاب ونفط إقليم كردستان المسروق , فموقف كل من المجلس الأعلى وتيّار الأحرار المعلن والمخفي من تصرفات حكومة إقليم كردستان وانفرادها بانتاج وتصدير النفط بعيدا عن إشراف وسيطرة الحكومة الاتحادية , قد افقدهم تاييد الشارع الشيعي . كما إن ّ الشخصيات المطروحة لمنافسة نوري المالكي لا تتمتع بأي كاريزما سياسية , فحتى هذه اللحظة لم يستطع أي من الفصيلين المنافسين على زعامة الشارع الشيعي , أن يقدّموا شخصية سياسية مرموقة قادرة على منافسة نوري المالكي .

فالمالكي يا هايدة العامري عائد للحكومة القادمة بسبب تأييد الشارع الشيعي لمواقفه الثابتة والقوية , وقدرته العالية على إدارة الأزمات , وهزالة وتفاهة ردود خصومه السياسيين , و أستطيع القول أنّ ائتلاف نوري المالكي سيتجاوز حاجز المائة وعشرون مقعدا في هذه الانتخابات , و أرجوا أن تتذكري هذا الرقم جيدا للتأريخ , أمّا محاولة تجريده من أسباب قوته الحقيقية ورميها في خانة المفوضية العليا للانتخابات و البطاقة الانتخابية الألكترونية , فهو ابتعاد عن الرأي المجرد والمستقل , وعدم اعتراف بالحقائق على الأرض , ولو كان كل من المجلس الأعلى وتيّار الأحرار قد وقفا ذات الموقف الوطني الذي وقفه نوري المالكي من قضية نفط العراقيين المسروق من قبل عصابة مسعود البارزاني , لربّما كانت الأمور مختلفة تماما الآن .

في الختام أقول لك سيدتي الفاضلة .. إنّ دعوتك أنتي و اياد الزاملي لمقاطعة الانتخابات باعتبارها محسومة النتائج , دعوة ليست صحيحة ولا تصب في مصلحة دعاة التغيير , والواجب هو في الدعوة لانتخاب حكومة أغلبية سياسية قوية تنهي و إلى الأبد حكومات المحاصصات و التوافقات الطائفية والقومية , و تعيد تصحيح كل المسارات الخاطئة في العملية السياسية المريضة , ولتقطع الطريق مستقبلا على أمثال أسامة النجيفي وهذا الرهط من أعوان النظام السابق .