تفصلنا ساعاتٍ قليلة عن بدء تسريب المعلومات للصحفيين والإعلاميين الموالين والمناوئين لرئيس الحكومة العراقية “نوري المالكي” من دائرة مستشاريه وإعلامييه الضيقة لتؤكد فوزه سلفاً بالتصويت السري (العسكري) الخاص بمنسوبي القوات المسلحة التي يقودها المالكي الذي سيجري اليوم الموافق 13 نيسان/ أبريل. التسريبات وبيانات التهنئة أُعِدَت سلفاً من قبل الدائرة آنفاً.. السؤال هو: كيف سيفوز المالكي وحزباه “الدينيان” الطائفيان الحاكمان.. ولماذا.. هذا ما ستُترجمه الوقائع أدناه وبالتفصيل:
1- سيكون والمذهب والطائفة والديانة والقبيلة والقومية والمليشيا والحزب حاضرين وفاعلين وبقوة وسيحلون محل الإنجازات- إن وجدت- ومحل الأجندات الوطنية التي سُطِرَت في كُتيبات صغيرة للتعريف عن المرشح وعن ما أنجزه وسينجزه على المستوى المناطقي داخل العراق وخارجه إن كان المرشح مسئول نافذ وتكرر فوزه نيابياً ومحلياً بالإقناع أو بالإكراه طيلة السنوات العشر الماضية.
2- الطريق الأقصر لـ(تفويز) وليس (فوز) المالكي وحزباه هو عبر تحايله على “الدستور” وإحتكاره لسلطاتٍ تشرعن له التلاعب بنتائج صناديق الإقتراع لجهة إستبدالها بأُخرى مملوءة بأوراق مزورة كانت أم فعلية صوتت له سلفاً وأشرفت عليها طواقمه الإيرانية. ولهذا السبب أعلن في اكثر من مؤتمر إنتخابي أنه سيحقق الأكثرية السياسية. فهو من يدير اللعبة الإنتخابية. وواشنطن لاعلاقة لها بمن سيفوز المهم أن يخدم مصالحها ويكون عبداً لها ولايخرج عن طاعتها في مواصلة إنجاز مخططهها بتقسيم المنطقة إنطلاقاً من العراق.
3- فوز المالكي يتأتى من كونه تحول إلى (نصف إله) بفضل دعم أميركا- إيران وحتى تركيا إلى وقتٍ قريب مع صمتٍ عربي وعزوف إسلامي عن مساعدة الشعب العراقي ولو بتخفيف قبضة المالكي على مقاليد الحكم، كونه لم يبقى له سوى أن يقول لنا (أنا ربُكم الأعلى فاعبدون)، ولو كان بيده المالكي وهو يترأس (حكومة كسيحة) لأعلن أنه الوزير الأصل والوكيل والبديل ورئيس الوزراء دفعةً واحدة. كيف لا وهو مصاب بداء (الشبّق للسلطة) يمارس معها متى ماشاء، وهي تتلذذ باستعباده.
4- العوامل المؤثرة في فوز المالكي:
· تعويضه مؤخراً من يسمون أنفسهم بضحايا النظام السابق بـ(ترليون ونصف) دينار مايعادل (1500 مليار دينار عراقي) وقطع أراضي وتوظيف وتطويع عراقيين (إيرانيوا الهوى والتبعية) ومنحهم رتب مدنية وعسكرية بعد إخضاعهم لدورات سريعة في العراق وإيران لاتزيد عن 6 أشهر.
· تعجيله لأسباب ثأرية وطائفية تنفيذ أحكام إعدام بحق متهمين (سُنة) أبرياء أُدينوا بتهم وقضايا كيدية نواتها (المخبر السري) الذي يتشارك مع المالكي حين كان لاجئاً في قم ودمشق نفس الصفة والوظيفة والمهمة.
· هدره المال العام في البذخ على حملاته الدعائية والإنتخابية وشراءه أصوات (المتذبذبين) كون الطائفيين الموالين له النخاع أصواتهم محسومة له سلفاً.
· ترؤسه لـ(الحكومة) و(القيادة العامة للقوات المسلحة) و(الملف الأمني) الذي يضم وزارات (المخابرات الداخلية الدفاع والأمن الوطني). إشرافه بالمباشر أو عبر كوادر حزباه الحاكمان دون مسوغ قانوني أو دستوري على عشرات الهيئات أكثرها أهمية وحساسية بالنسبة لمصير المواطن و(الدستور) هي “مفوضيتا الإنتخابات والنزاهة، والصحافة والإعلام والنقابات العمالية والطلابية والنسوية والبنك المركزي وأمانة العاصمة بغداد.. ألخ. مضافاً لها زعامته لحزب ديني رجعي “الدعوة الإسلامي” يكمل دوره في حبس أنفاس العراقيين حزبه الحاكم “دولة القانون”.
· مصادرة المالكي ومفوضية الإنتخابات والقضاء المسيس “سلفاً” أصوات أكثر من (مليون) عراقي مغترب ومهجر في الخارج، رفض المالكي تصويتهم في بلاد الإغتراب والمهجر بحجة إنهم لايعرفون أن يميزوا بين المرشح الكفؤ واللص. وبذريعةٍ أُخرى ساقها حزبه عدم قدرة الميزانية في ظل إقرارها حديثاً تغطية نفقات حملات إنتخاب “عراقيوا المهجر” بالإضافة لاتهاماتٍ أُخرى أكالها المالكي في جلساته السرية لكل من يعارضه في الخارج بالإرتباط بمخابراتٍ خارجية.
متناسياً عمالته الخارجية يوم كان منفياً. إذن الفئات والنماذج التي ستصوت للمالكي يمكن تصنيفها وفق التالي:
أ- منسوبي القوات المسلحة العراقية. يقارب تعدادهم الـ(مليونان).
ب- قادة وأعضاء ونشطاء ومصادر ومخبري وبصاصي وقوادي ولصوص الحزبان الحاكمان (الدعوة الإسلامي، ودولة القانون). تعدادهم يقارب الـ(ربع مليون).
ت- المنتفعين من سياسات المالكي الإقصائية بحق خصومهم. ينتمون لعدة ديانات ومذاهب وطوائف وقبائل. تعدادهم يقارب الـ(100 ألف).
ث- المعتقلين على قضايا كيدية وملفقة من قبل المالكي وأتباعه وحزباه الحاكمان وهم (ذكور وإناث مختلفي الأعمار). يقارب عديدهم الـ(800 ألف) وسيزيد عددهم حتى يحين موعد الإنتخابات (المدنية) في 20 الجاري في ظل حملة الإعتقالات الطائفية الشرسة التي تشنها قوات المالكي ومليشياته الحكومية ضد مكون وطائفة بعينها وضد كل عراقي شريف يرفع صوته ضد ممارساته وقواته الوحشية. سيصوت هؤلاء رغماً عنهم للمالكي تحت قهر التعذيب النفسي والجسدي وابتزاز ذويهم وتهديدهم بإدانتهم عبر القضاء المسيس من قبل المالكي وفق المادة (4 إرهاب) أي إعدامهم أو سجنهم مدى الحياة مالم يصوتوا له تحت حراسة أمنية مشددة تنفذها قوات المالكي وسجاني هذه الفئة المضطهدة وستتم عملية الإقتراع في قاعات داخل السجون يُمنع المراقبين والصحفيين الدوليين الدخول إليها بحجة الحفاظ على سرية التحقيق. وإن دخلوها سيضطر المعتقلون التصويت للمالكي والإدعاء للمراقبين ووسائل الإعلام بأن قناعتهم دفعتهم للقيام بذلك بحجة أن المالكي هو رئيس دولة يسودها القانون. وبخلاف ذلك سيتم تعذيب المعتقلين الذين يقاطعون عملية الإقتراع أو سيصوتون لمرشحين أكفاء حتى يلفظوا أنفاسهم الأخيرة. ولن يعترض ممثل الأمين العام للأُمم المتحدة في العراق الفاسد المرتشي (مارتن كوبلر) كونه من يجمع التقارير من منظمات حقوق الإنسان في العراق وخارجه ويبرقها لرئيسه (بان كي مون) كما فعل مع جرائم عدة إرتبكت داخل السجون والمعتقلات فقام بتكذيبها وطمر فضائحها لقاء رشاوى وهدايا يتلقاها من المالكي ومستشاريه هو وزوجته (بريتا فاغينير) سفيرة برلين في بغداد التي تثني في تقاريرها العلنية للإعلام والمرسلة السرية منها لـ(الإتحاد الأوروبي) على ما يسمى بإنجازات المالكي.
ج- أخطر وأكبر شريحة ستصوت للمالكي وتوازي في عديدها (منسوبي القوات المسلحة) هم مايعرف باللغة الفصحى (المجتمع الرّث) المؤلف من: (صكاكة- علاسة- حواسم- بصاصين- مخبرين سريين- داعرين- متصنعين- متلونين- متحولين جنسياً ودينياً ومذهبياً وعرقياً- ديوثين- مطيرجية- بسطجية- أُميين- أصحاب سوابق- مليشياتيين- قتلة وسراق وفاسدين ومرتشين- جواسيس وعملاء- سحرة ومشعوذين- تجار مخدرات وجنس- بائعي وبائعات الهوا والجسد والضمائر من رجال دين وقبائل وصحفيين ومثقفين ووجهاء ومسئولين طارئين على المجتمع العراقي- طائفيين وممثلي أحزاب ومرجعيات دينية في الخارج- دبلوماسيين وطلبة مبتعثين متنفعين من النظام السابق والحالي- قضاة وموظفوا هيئات إنتخابية سيتلاعبون بنتائج الإنتخابات). سيكرر الأخيرون سيناريو (تفويز) حزب المالكي الحاكم على حساب القائمة (العراقية الفائزة) حين تلاعبوا ببنود (الدستور) بحصولهم على قرار (مجلس القضاء الأعلى) و(المحكمة الدستورية) حين أفتيا بعد صدور نتائج إنتخابات 2010 النيابية بـ(تشكيل الحكومة من قبل “الكتلة الأكبر برلمانياً” وليس “الكتلة الفائزة”).
وختاماً نودع المالكي بهذه الكلمات وفي نفس الوقت مهنئينه بفوزه الدنيوي الذي سيفتح عليه أبواب جهنم وستوظف الولايات المتحدة الأميركية هذا التفويز لخدمة مصالحها بإحداثها إنقلاب ناعم عبر القضاء وعبر الحلقة الضيقة المحيطة بالمالكي نفسه، سواءً بالتصفية أو بالترحيل الطوعي عن كرسي الحكم، أو بتكرار سيناريو (الحركة الخضراء) التي عمت شوارع إيران في حزيران/ يونيو 2009 على خلفية (تفويز) حزب (المحافظين) الحاكم للرئيس (أحمدي نجاد) وتجديد ولايته الرئاسية الثانية، وكادت تطيح هذه الحركة حينها بنجاد وحزبه من سدة الحكم لولا تأجيلهم سراً عمليات تخصيب اليورانيوم لـ6 أشهر وخفض نسبه الأُممية المحدودة، وكذلك عن بعض الأوراق الإيرانية الضاغطة في المنطقة خاصةً البحرين وسورية ولبنان وفلسطين والعراق، لكن المالكي الذي يعيش تحت ضغط (خسارة حليفه بشار الأسد، واشتداد الحصار الدولي على إيران، وفشله في تفكيك إعتصامات ساحات العز والشرف) لايمتلك أوراقاً ضاغطة كتلك التي تمتلكها طهران والتي تضغط بها على واشنطن التي ستتخلص من المالكي وحزبه الديني باعتباره تركة حقبة (بوش) الجمهورية الثقيلة ضن سياق نشر الديمقراطية وتوسيع رقعة الربيع العربي. وما رفض الرئيس الأميركي الديمقراطي (باراك أوباما) خلال جولته الشرق أوسطية الأخيرة، زيارة العراق وكافة الدول المرتعبة من (الربيع العربي) إلا خيرُ دليلٍ على أنه وافق سلفاً على هز عروش أنظمة تلك الدول.
وآخرُ دعوانا.. اللهم إنا لانسألك ضبط المالكي ولكنا نسألك الإستعجال فيه