24 ديسمبر، 2024 2:10 ص

إلى من سبق إليه القول: اتعظ ولا تمتعض..!

إلى من سبق إليه القول: اتعظ ولا تمتعض..!

قال رسولنا الكريم, عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم: “أخوفُ ما أخاف عليكم من بعدي, منافق عليم اللسان”
النفاق خطر يهدد العقائد, ويهدم المجتمع كالأرضة, أو كسوسة تنخر شجرة من الداخل, فتصل إلى جذورها لتنهي حياتها.
سَليط اللسان الذي يُظهر ما ليس بداخله, يغريك على أنه بجانبك, ليجعلك تبني الآمال, على رصانة مواقفك, ليجعلك تعيش بوهم, سرعان ما ينتهي الأمل, عندما تكتشف أنه ليس سوى سراب!
خلال أكثر من عقد, صكت سَمْعَ المواطن العراقي, وعوداً جعلته يحلم بعراقٍ مثالي, فمن حكم دكتاتوري ظالم, رأى نفسه وبدون مقدمات, أمام نظام ديموقراطي, ينتخب ممثليه من أحزابٍ, كان يرى انها غادرت الوطن, كي ترجع لتعيد له كرامته, التي هدرها حكم البعث, وثروة منهوبة لبناء قصورٍ, بينما عاش الشعب في ضنك, وحصار لا يستطيع أن يفتح فاه بكلمة نقد.
بعد كل ما جرى, عمت الفرحة بسقوط الصنم, وخرج المواطن كانه ينفض تراب القبر, ينظر إلى بصيص الأمل, لتفاجأ باحتلالٍ بغيض, وساسة صدفة لا يعرفون كيف تُبنى الدول, بل همهم الوحيد كان سيطرة على عرش الحكم, بينما جُبل بعضهم على مبدأ المعارضة, سواء بحق او بغير الحق, فالمهم أنه يعارض فقط! معتمداً على مقولة” خالف تُعرف”, كونه نكرة مجهول.
مواطننا العراقي لم يفقد الأمل, فهناك بوصلة يتبعها عبر الزمن, ومهما كان الظلام, فلا بد من وجود ضوء, وهو قادر على عكسهِ, لينهي ظلام الظلمة, ومهما كانت كثرة المسيئين, فلا بد من وجود قادة خَيِّرين, يسيرون ضمن بوصلة ثابتة, بخطوات راسخة, ليبدأ التغيير بخطوات, ظنها بعض المتصيدين, وعودا للتخدير, إلا ان وعلى ما يبدو, عاصفة تشتد بالأفق لتقتلع الفساد.
خطابات تبعتها أخرى, قراراتٌ فتحت أبواب الأمل من جديد, جعلت الحكومة الجديدة, بقيادة حيدر العبادي, يقف بمفترق طرق, فإما أن يكون ملسوناً فقط كسابقه, او يمضي بالإصلاح غير آبه بمصلحة خاصة او حزبية, وكان اول وعد له, فتح المنطقة الخضراء.
إلا أن الخطاب الأخير, حمل معه شرفة كبيرة, تُطِلُّ على الأمل الذي ينتظره المواطن, نقدٌ لا يحتاج إلى تفسير, فقد أفصح العبادي, عن ما يكبته بداخله, من ممارسات اعضاء قائمته, في استغلال المال العام, أثناء الدعاية الانتخابية, وبذخ الحكومات السابقة.
لم يبقى إلا أن أقول: إن هذا اول الغيث, الذي يجعلنا لا نفقد الأمل, والأمثلة تضرب تقاس, فقد يكون الرجل, كالحر بن بني رياح, يخير نفسه بين الجنة والنار.
وستكشف الأيام ما يختاره العبادي, هل سيختار نار المالكي؟ أم انه سيركب سفينة النجاة, وينصف الشعب بمحاسبة الفاسدين, وإن كانوا من جلدته؟ ليجعل المالكي متعظاً بدلا من امتعاضه.
التأريخ لا ينسى صغيرة ولا كبيرة, وسيذكر مواقف المنافقين ليلعنهم, ولا ينسى مواقف الصادقين, ليترحم عليهم وعلى بطون حملت بهم.