23 ديسمبر، 2024 5:40 ص

إلى مدبري الشغب في ملعب الشعب

إلى مدبري الشغب في ملعب الشعب

لا شك انكم مجموعة (ضئيلة) من (الشبان الجهلة) كنتم مع (كثرة) من (الشبان الواعين) الذين اكتظت بهم مقاعد المتفرجين في ملعب الشعب الدولي.
 شاهدنا (الشغب) في ملعب(الشعب) بشكل يثير الاستياء والاستغراب لأن تكسير المقاعد ورميها في الساحة الخضرا معناه ،أولاً وأخيراً، أن الممارسة الداعشية التخريبية قد وصلت الى الحقول الرياضية ايضاً. خاصة اذا ما عرفنا ان هذه الممارسات العدوانية  تؤثر سلباً على (رفع الحظر عن الملاعب العراقية) وتعتبر هدراً بالمال العام وخسارة فادحة لسمعة بلادنا وإهانة لأخلاقنا الرياضية .

اكثرية الشبان كانوا فرحين، في الملعب ،  تتدفق منهم نشوة مشاهدة مباراة فريقين رياضيين عراقيين يتباريان في ملعب الشعب الدولي من أجل ان يرفعا سمعة الكرة الرياضية كي يعدو قطارها إلى امام كي يلتقي كل الاصدقاء المتنافسين على هدف واحد هو رفع سمعة الوطن اولا واخيرا مهما كانت نتائج فوز او خسارة المتبارين على وفق ما يطلق عليه(الروح الرياضية).

في ملعب الشعب الدولي ايها المتفرجون العراقيون لا تقفون وحدكم ولا تجلسون وحدكم ، فهناك ينفتح، دائماً، باب أخضر من الأحلام تتسع رحابها  منطلقة للتلاقي الحر مع احلام الزعيم عبد الكريم قاسم ومع احلام المدرب الراحل عمو بابا.

قبل ان تتجمد حركة العطاء والعمل في ميدان الرياضة التي انطلق بها الزعيم عبد الكريم قاسم الذي اغتالته عصابات الجريمة يوم 8 شباط 1963 حين قام الزعيم بوضع حجر الأساس لملعب الشعب الدولي مصراً على توسيعه الى الحد الاقصى على وفق اموال ومعمار تلك الحقبة لاستيعاب 50 ألف متفرج..

كان العراقيون جميعا سعداء مع ابنائهم الرياضيين عام 1966 حين تم افتتاح الملعب بمباراة ودية بين فريق المنتخب العراقي مع فريق برتغالي معروف احد بتفوقه الغالب في المباراة الاوربية . كان عمو بابا ذلك اليوم اكثر العراقيين شعورا بالسعادة فقد تحقق حلمه بوجود ملعب اولمبي في العراق  .  ظل هذا المدرب العراقي سعيداً إلى حين انطلق  جثمانه في تشييع رسمي في يوم من ايام شهر ايار عام 2009 من ساحة ملعب الشعب الدولي نفسها،  حالماً أن يلقي نظرة الوداع الأخير على شِباك وساحات ومقاعد الملعب ، التي احبها واحب الشبان الذين يجلسون عليها.

الشيء المؤسف اننا سمعنا وشاهدنا ما حدث يوم 4 – 7 – 2015  حين  امتد (غضب”البعض من الشبان الجاهلين بقواعد واصول المشاركة في مشاهدة المباريات الرياضية ،التي ينبغي لها ان لا تغفل ان لقاء الاصدقاء الرياضيين ومبارياتهم ومنافساتهم يجب ان تكون من بريق  (الروح الرياضية)  ويجب ان يكونوا اوفياء للعراق وحده، فكل الفرق وطنية عراقية، لا فرق بينها ،غير المهارة في الاندفاع والفوز .

الشيء المؤسف ان ينطلق صفير تخريب الملعب من اقلية جاهلة ارتجفت امام الغضب من دون سبب. . راحت تلعن وتشتم ولم تكتف بذلك،  فقد هبت الرياح أمام أقدامها وأياديها لتكسر أبواباً وشبابيك ومقاعد الملعب ورميها في ممراته . كان يمكن ان يتحول بعضها إلى إلحاق الاذى ببعض المتفرجين.

اقول لمدبري الشغب ان هذا الفعل لم يكن حِراكاً رياضياً ولم يكن حِراكاً تنافسياً، بل لم يكن حِراكاً انسانياً، لأنه انقضّ في تلك اللحظات على (الروح الرياضية) لتمثل (هوية رياضية زائفة).  كما أنها اصابت بالصميم الذات المعطاءة للزعيم عبد الكريم قاسم مؤسس ملعب الشعب وللمدرب عمو بابا عاشق الوهج لهذا الملعب.

ذلك الشيء الذي وقع للملعب شيء حيواني ينبغي لوزارة الرياضة والشباب أن تلملم وجودها وكيانها ومؤسساتها لتنمية الثقافة الرياضية في رحاب اللاعبين وفي رحاب المتفرجين ايضا .

لا ادري الى متى تستمر احجار التخريب تتساقط على كل بناءٍ عراقيٍ . لقد تساقطت منذ 12 سنة على الصناعة والزراعة وهدمت الكثير من اسسها حتى صارت البيادر الزراعية ،كلها، والمخازن الصناعية ،كلها، موحشة . صار الارهاب بمختلف اصنافه ماثلاً في كل مكان ، حتى وصل الان الى الشاطئ الرياضي، الذي يريد البعض ان تتحطم أبنية بسيطة رصّع إحداها الزعيم عبد الكريم بشيء من جهده ،ورفرف عمو بابا بشيء من حِراكه لخلق جيل من الشبان كي يتعلم الصداقة، والاصرار ، والمنافسة الحرة الشريفة، لبناء اجيال عراقية متماسكة ، باسمة ، ومتوهجة بالروح الانسانية البطولية.

ما وقع في ملعب الشعب الدولي يجب ان لا يمر بدون حساب،

يجب ان لا يمر من دون عقاب،

يجب الضرب بقوة القانون على يد  كل من حاول ان يخرّب الملعب وان يتطاول على الروح الرياضية او ان يقطع تويجاتها  الزاهرة ، التي يريد العراقيون ان تكون مخضرة دائما في بلاد لا تتوهج الا بالديمقراطية الحقيقية .