من سنتين ونص فقدنا طعم كبة الموصل، هاي الكبة إللي تشبه وجه سمرة موصلية والكل يتمنوها،. من سنتين ونص فرغت گعداتنا من الچرزات الموصلية، من سنتين ونص ماكو طعم لأي پاچة ولا طرشي، وشگد حاول الجاجيك وكافح وناضل بلكن ياخذ مكان المزة الموصلية ما گدر الخايب وخاصة من تجي الخيارة مُرة.
من سنتين ونص، الباسطرمة ما لها وجود في ريوگات الشتا، ولا السجق له حضور في هدايا العيد، ولا چاي المسا له طعم بدون لحم بعجين الموصل، ولا الأعراس لها رنة بدون الچوبي الموصلي ولا الدبكات أهل الموصل.من سنتين ونص، أفتقدنا صوت أجراس الكنايس، والصباحات البهية في أيام الاحد بباب مار بطرس ومار توما، وحبسنا نذورنا في حسراتنا، وخبينا شموع النذر إللي چنا نشعلها في حضرة گورگيس، وأختفت أصوات الدعاء في حضرة يونس.من سنتين ونص، وإحنا ننزف دمع مثل ما نزف هذا الموصلي وهو يسأل عن سعاد، تلك التي إنتحرت بعد ما رفضوا أهلها الحب، وصار الحبيب ينوح في الديار ” سعاد ما ماتت أوي أوي دلال” ، وهالمرة إحنا دفعنا سعاد بعد ما رفضنا حب الموصل للحياة الملونة بحضور دائم للربيع.
من سنتين ونص، رجعنا لأسواق بيع الجواري، وصارت الغيرة خرگة يمسح بيها المجرم المغتصب رأس أداة جريمته، ثم يصيح وينها الثانية والثالثة، ويرمي بالخرگة في وجوهنا الصامتة.من سنتين ونص، والجيش يمسح عن بدلته آثار الإهانة ، تلك الإهانة إللي جابتها دمى فقدت أدوارها في مسرح الدمى ، والدمية من تفقد مكانها تصير مثل مس پيگي…قبيحة بوجودها وصياحها، وإللي يصفگ إلها حاله حال الضفدع كيرميت، وأنتو بكيفكم منو الخنزيرة پيگي ومنو القشمر كيرميت في شغلة الموصل.
وهسة، جا الوكت نعدل المزاج، وترجع موائدنا شهية، وگعداتنا بهية، ومزاتنا عامرة ، وگعدات الچاي والسوالف، وأعراسنا ملونة بالفرح والرقص، وراح نمسح عن القلب الحزين نواحه على سعاد القتيلة، وراح نلم كل الخرگ القذرة إللي محتفظين بيها، و نشيل بيها جيف المجرمين إللي حتى الچلاب عافتها وما تريد تسمم تاكلها.
يا ريتنا، يا ريتنا يا قطع القلوب يا ولد أمهات من جبل وحرير، يا ريتنا نصير طلقة بشاجوركم، وقطرة ماي بزمزميتكم نطفي عطشكم وأنتو تمسحون عن تاريخنا خزي سنتين ونص من الإهانة ، يا ريتنا ناظور بقنصكم ندليكم على الرؤوس العفنة حتى تصطادوها، يا ريتنا نغمة تطرب آذانكم إللي أدمنت صوت المدفع وصيحات الموت. يا ريتنا نمسك الگمر إلكم حتى تظل لياليكم مقمرة ، كلما تشوفون الگمر تشوفون الحبيبة تسلم عليكم، وتبارك خطوتكم ورميتكم، وتهلهل لكل صيدة تصيدوها .
اليوم، آني أزغر بالعمر سنتين ونص، هاي السنتين ونص ما راح أحسبها من العمر، بس ما أنسى عذابها في الگلب، ولا إهانتها، بس راح أمسح السنتين ونص من العمر إللي محسوب إلنا، ما أريد أشيلها وياي للگبر، وإهناك كل ما أتگلب أسمع لي صوت سبية تستغيث بلا أي جواب . راح أمسح هاي السنتين ونص ببسطال الجنود، وراح يبقى هناك فراغ مسافته سنتين ونص، خلي هذا الفراغ، راح يجي يوم تزهر فيه البابونج والنرجس، في ربيع دائم للموصل.يا مَن تسيرون نحو الموصل…. أحبكم جميعاً. وأتمنى لو أن قلبي يليق بكم.