في أروقة الأدب ودهاليز الكلام، حيث كانت الحروف تنبض بالأحلام، مر عام 1978 منذ أولى الخطى في كلية الآداب، قسم اللغة الإنجليزية. هناك حيث اجتمعنا، يا فوزية، يا مديحة، يا صلاح، ويا محمود… ويا رفاق الصباح.
كنا نعيش الزمن في أجمل صورة، شبابنا أغنية خالدة لا تمحوها الأيام. ضحكاتنا كانت تسبق خطواتنا، وساعات النهار تمضي وكأنها لحظة عابرة. لم يكن هناك احتلال يثقل أرواحنا، ولا لصوص ينهبون خيرات بلادنا.
كانت بغداد حينها تتلألأ تحت سماء الصفاء، وكان الأمل يحلق في فضائها كطير حر. كنا نجتمع في قاعات المحاضرات، في الفناء، بين دفتي الكتب ونداءات المستقبل.
في عيونكم، رأيت شمس الأماني تشرق. في أصواتكم، سمعت لحناً لا يفنى. كنتم أنتم، أصدقاء الأمس، البريق الذي أضاء أيامي. كنتم السطر الأجمل في كتاب الحياة.
واليوم، وأنا أعيش في زمن موحش، أحمل ذكراكم ككنز ثمين، لا تضيع قيمته رغم كل ما ضاع. رغم الحزن العميق، أبحث في داخلي عن زمن يعيد ما مضى، عن لحظة تشرق فيها شمس جديدة.
سلاماً لكم، يا زملاء الماضي. سلاماً إلى من جعلوا الحياة أغنية لا تُنسى. وفي قلبي، شعلة أمل صغيرة بأن الغد قد يحمل معه جمالاً وصفاءً كأيامنا الماضية.
سلاماً… يا زمن الشباب البعيد،
سلاماً… يا حلم العمر المجيد .