الأخ العزيز حامد المالكي سمعتك قبل أيام خلال مقابلة عبر فضائية الفيحاء تقول: (وزير الصحة في بريطانيا عراقي بينما عندنا حتى إذا كان جدّك الرابع مولود في العراق تجد من يقول لك بأنك تبعية إيرانية) !! وهنا لا أُريد التحدث عن طيبة العراقيين المفرطة أحياناً وكيف يصدّقون بعض الأخبار بدون تدقيق ويبنون عليها آراءً ومواقفَ قد تكون غير واقعية أو مضرّة أحياناً. ولذلك أود أن أوضح النقاط التالية:
1 – لا يوجد عراقي أصبح وزيراً للصحة في بريطانيا. والشخص الذي تعنيه هو إبن عائلة أرمنية هاجرت إلى العراق وخلال وجودها في بغداد درس إبنها في (كلية بغداد) ونال شهادة البكلوريا فيها، ثم هاجرت العائلة إلى بريطانيا وتجنسوا وعاشوا فيها. والرجل نفسه يقول أنا إيرلندي ولم يسمعه أحد يقول: أنا عراقي لأنه ليس عراقياً أساساً.
2 – أصبح هذا الرجل وزيراً للصحة في حكومة العمال الأخيرة قبل 2010 ليس لأنه أرمني أو عراقي بل لأنه عبقري، فهو مشهور كواحد من أهم الجراحين في العالم طبيباً وأستاذاً، ولديه مهارات إدارية مكّنته من إدارة وزارة الصحة بما عاد بالفائدة على الدولة والمواطنين.
وبوسعك أن ترى الفرق بينه وبين (الدماغسزّية) أصحاب الشهادات المزوّرة والضمائر المزورة الذي تسلقوا السلطة في العراق بدعم من الأجهزة الايرانية والغربية فساهموا بتكريس الفساد والخراب الذي يعيش العراقيون تحت وطأته.
3 – بريطانيا دولة راسخة تتكون من مؤسسات عريقة وممسوكة جيداً بحيث لا يستطيع وزير أو حتى رئيس وزراء أن يتلاعب بمصائر المواطنين بأي شكل من الأشكال لأنه محكوم إسوةً بغيره بسلطة القانون ورقابة الإعلام ومجلس النواب، وهذا ينطبق على أمريكا- أوباما، وفرنسا- سركوزي، فمؤسسات الدولة هنا أو هناك هي التي تُغير المسؤول لمصلحتها وعندما يفعل غير ذلك يجد من يحاسبه، أي على عكس واقع الدولة العراقية المفكَّكة والمخترَقة من قبل الدول القريبة والبعيدة وفي مقدمتها إيران.
لا يقتصر الفساد والتخريب السياسي على بعض أبناء الجاليات المتجنسين بل يشمل بعض العراقيين الأصليين أيضاً وهذا حقيقة معروفة ولكن من حق العراقيين أن يسألوا ويتأكدوا من أي شخص يتصدر الواجهة السياسية، أن يتأكدوا من كفاءته ومن نزاهته. أليس من حقهم، إسوة بالشعوب الأخرى، أن يديروا بلدهم بأنفسهم ويصونوا مصالحهم، وحتى لو تم تعيين شخص عراقي وزيراً في بريطانيا أو سويسرا فهذا الأمر لا يعنى أن نتساهل في أسس إعادة بناء الدولة العراقية التي دمرها شذاذ الآفاق والمشردين أخلاقياً لأكثر من خمسين سنة.