كمواطن عراقي مراقب ومتابع لأحداث العراق والمنطقة أطرح فيما يلي بعض المعلومات التي آمل أن تكون ذات نفع في التحقيق الذي تجرونه بشأن ملابسات ومسؤوليات سقوط الموصل:
أولاً:
في الجزء الثالث من المقابلة التي أجرتها فضائية “البغدادية” مع الفريق مهدي الغراوي الذي كان قائد الشرطة الاتحادية في الموصل ثم أصبح قائداً لعمليات نينوى التي لم يستلم مسؤوليتها الفعلية إلا بعد عام تقريباً من صدور أمر القيادة العامة أي قبيل سقوط الموصل بيد داعش بوقت قصير جداً بسبب عرقلات قيادة القوات البرية حسب قوله – سأل إعلاميُّ البغدادية الفريقَ الغراوي:
“في الجزء الأول من المقابلة إتهمتَ محافظ نينوى أثيل النجيفي بالتورط في مخطط التآمر الذي أدى الى سقوط الموصل، والآن تقول أنه في مرحلة لاحقة قاتل داعش بجد، فكيف يستقيم ذلك؟ أليس في كلامك تناقض؟”
أجاب الفريق الغراوي:
“كان المحافظ بالفعل متورطاً بالتآمر ولكنه أدرك في مراحل لاحقة أنه قد خُدع إذ أن داعش قامت بتصفية أنصاره ومنهم جيش الطريقة النقشبندية.”
هنا أود أن أورد قرائن تثبت صحة ما طرحه الفريق الغراوي:
1- إن المتآمرين الطغمويين(1) والدول المتورطة معهم (تركيا والسعودية وقطر بموافقة أمريكا) أرسلوا داعش وسبعة تنظيمات أخرى معها كقوات بعثية وجيش الطريقة النقشبندية وغيرها حتى تناقلت الأخبار وجود عزت الدوري هناك.
لذا تم الطرح من الجانب الأمريكي وأصدقاءه كمسعود البرزاني بأن ما يجري في الموصل هي ثورة عشائر على الطائفية؛ وأكد البرزاني أن الكرد لا شأن لهم بهذا النزاع الطائفي، وقد نقلت فضائية (الحرة – عراق) هذا التصريح في نشرتها الاخبارية “العراق اليوم” بعد أيام من سقوط الموصل.
كان قصد الأمريكيين بيان أن هناك في العراق ثورة عشائر سنية وليست قضية إرهاب وهو ما دأبت الصحافة الأمريكية (وجلها مرتبط بمصالح الاحتكارات الكبرى العابرة للقارات وخاصة شركات النفط) على طرحه منذ أن أخرجت حكومة التحالف الوطني بقيادة إئتلاف دولة القانون وزعامة نوري المالكي القوات الأمريكية من العراق واستعادت الاستقلال والسيادة الوطنية وحققت الحفاظ على الثروات النفطية ورفضت المساهمة في تدمير الدولة والجيش السوريين وافتعال حرب على ايران وبالتالي تصفية المقاومة والقضية الفلسطينية.
لقد أكد مسألة سيطرة داعش مع سبعة تنظيمات أخرى على الموصل – الخبيرُ بشؤون الجماعات الارهابية في العراق وسوريا الدكتور هشام الهاشمي وذلك في فضائية (الحرة – عراق / برنامج “بالعراقي” بتأريخ 31/12/2014). كما أكد، في نفس البرنامج، الخبيران اللواء المتقاعد عبد الكريم خلف والدكتور هشام الهاشمي بأن داعش سرعان ما قضت على التنظيمات الأخرى لتبقى هي الوحيدة سيدة الموقف.
يتطابق هذا مع طرح الفريق الغراوي بشأن تغيّر موقف محافظ نينوى أثيل النجيفي.
2- أنشر أدناه فحوى تقرير منشور بتأريخ 24/6/2014 في موقع (عراق القانون) الالكتروني(2) ينقل ما كتبته صحيفة (افتو بلادت) السويدية المسائية حول خلاف نشب بين أثيل النجيفي ووزير خارجية قطر إذ يبين الخديعة التي وقع فيها أثيل وهي ما تحدث عنها الفريق الغراوي:
[[ذكرت صحيفة ( افتو بلادت ) المسائية التي تصدر في السويد ان خلافا حادا حدث بين محافظ نينوى السابق اثيل النجيفي ووزير خارجية قطر خالد بن محمد العطية بسبب تخلي قطر عن النجيفي بعد تسليمه لنينوى لداعش بموجب الخطة التي وضعتها المخابرات القطرية والسعودية والتركية وبتمويل من الدول الثلاث. وأكدت الصحيفة انها حصلت على معلومات مؤكدة من مصدر مقرب من وزير الخارجية القطري يفيد بان محافظ نينوى السابق قد اجرى اتصالا هاتفيا يوم الجمعة 20 / 6 / 2014 مع وزير الخارجية القطري اتهم فيه قطر والسعودية وتركيا بالتآمر علية وتجريده ورميه بالعراء وهذا لم يكن متفقا عليه ضمن الخطة . وأضافت الصحيفة ان مشادة كلامية حدثت بين الطرفين اثناء المكالمة لدرجة خرجت عن الالفاظ المألوفة الامر الذي دفع بوزير خارجية قطر لإبلاغ النجيفي نحن” نريدها هكذا وإذا لم يعجبك الامر فأذهب الى الجحيم ” وانهى المكالمة التي استغرقت أكثر من نصف ساعة.]]
ثانياً:
أدرج فيما يلي شهادتين من عشائر الموصل تشيران الى معرفة محافظ نينوى أثيل النجيفي بقدوم “المجاهدين” الى الموصل وبالفعل سقطت الموصل بعد انقضاء الفترة التي ذكرها:
في 16/6/2014 قال أحد شيوخ عشائر نينوى وهو الشيخ عادل الفتيان في تصريح للمركز الخبري لشبكة الاعلام العراقي (IMN) ، إن أهالي المحافظة سيرفعون دعوى قضائية ضد أثيل النجيفي، لأنه “أبلغنا قبل أسبوع من الغزو الإرهابي بأن داعش ستحكم المحافظة”.
كما إن عملية تسليم الموصل الى داعش “بشّر” بها محافظ نينوى أثيل النجيفي أعضاءَ مجلس المحافظة إذ أعلمهم بقرب وصول “المجاهدين” حسب تصريحات الشيخ فواز الجربة الذي تحدث في فضائية (الحرة – عراق) بتأريخ 17/12/2014 وأعلن أن أحد أعضاء مجلس المحافظة أعلمه بذلك وأن ذلك العضو سيقدم شهادته الى اللجنة البرلمانية الخاصة بالتحقيق في سقوط الموصل.
ثالثاً:
في يوم 10/6/2014 الذي أُعلن فيه سقوط الموصل بيد داعش نقلت فضائية (الحرة – عراق) في نشرتها الاخبارية تصريحاً لرئيس مجلس النواب أسامة النجيفي قال فيه:
“هناك إنهيار أمني وانهيار عام في العراق وانه يتعرض الى اعتداء من دولة خارجية.”
أعتقد أن هذا التصريح وشى بمكنونات التخطيط الذي كان يعرفه وينتظره السيد أسامة وهو التوقع بانهيار كامل الوضع العراقي واندفاع داعش وخلاياها النائمة لتسقط بغداد وتجتاح وسط وجنوب العراق. كان النجيفي سيفصح عن اسم الدولة التي قامت بالاعتداء على العراق ألا وهي ايران!!!! وكان سيقول هذا بعد أن يكون الاعلام قد تمت السيطرة عليه كجزء من التخطيط وكان الاعلام الموجه سيضخّم الصوت الأمريكي الذي دوخ الدنيا بالادعاء بأن ايران والنظام السوري هما من يقفان وراء داعش!!
رابعاً:
ومن الجدير بالذكر فإن أخا أثيل، أسامة النجيفي رئيس مجلس النواب في حينه، كان قد قطع المسافة من بغداد الى الدوحة، على “جلالة” قدره، “فقط” للظهور في مقابلة على فضائية الجزيرة القطرية، حسبما صرح هو في حينه، ليقول بأن السنة هم أغلبية في العراق ولم يكلفه أحد بهذا الجهد الجهيد!!
وهذا القول، بتقديري، هو إدعاء مصمم للإستناد اليه في البيان الأول للـ”ثورة” التي، بتقديري، بحثها أسامة في غرفة عمليات الدوحة التي قصدها ولم يكن يقصد فضائية الجزيرة كما إدعى.
أعتقد أن مُخرَج غرفة عمليات الدوحة هذا، الذي أُبلغ للنجيفي، هو متفق عليه مع غرفتي عمليات الرياض وأنقرة.
وأعتقد أن هدف السفرة اللاحقة التي “حج” فيها السيد أسامة الى واشنطن كانت للحصول على موافقة أمريكا لمخرجات غرفة عمليات الدوحة وأخواتها بشأن إعلان الثورة في العراق كما سبق ذكرها.
ولما حصل السيد أسامة النجيفي على الموافقة الأمريكية لتلك الخطة خرج على الصحافة، بعد أن إنفض إجتماعه بالسيد جو بايدن نائب الرئيس الأمريكي صاحب مشروع تقسيم العراق، ليتلو على الصحفيين ما أعتبرُه “البيان الأول” للثورة حيث تحدث عن إحتمال انفصال السنة عن العراق أو إنشاء إقليم خاص بهم بسبب “الإقصاء والتهميش” اللذين يعانيان منهما حسب إدعاءه. لم يجرؤ النجيفي، بالطبع، على ذكر كلمة “ثورة” وهو في واشنطن المرتبطة باتفاقية الاطار الاستراتيجي مع العراق، لذا تحدث عن الانفصال والاقليم.
ولإستكمال الحصول على الدعم العالمي للـ”الثورة” المرتقبة توجه، في وقت لاحق، أسامة النجيفي الى الاتحاد الاوربي في بروكسل وتوجه أياد علاوي الى اجتماع برعاية الحلف الأطلسي في روما ليعلماهما بأن إيران صارت تحكم العراق!!!
قامت بعد ذلك تظاهرات وإعتصامات “المهمشين” في الأنبار وهي التي كتبتُ عنها في حينها بكونها مفتعلة وغطاءً للنشاطات الإرهابية اللاحقة. وبالفعل طرح الفريق مهدي الغراوي قائد الشرطة الإتحادية في الموصل ومن ثم أصبح قائد العمليات هناك – طرح في مقابلته مع فضائية “البغدادية” بأن تظاهرات الأنبار كانت غطاءً للإعداد لإحتلال الموصل من قبل داعش في 10/6/2014. وقد طرح نفس الرأي الخبير العسكري والأمني اللواء المتقاعد عبد الكريم خلف في فضائية (الحرة – عراق / برنامج “بالعراقي”) بتأريخ 31/12/2014.
آمل التحقيق مع السادة أثيل النجيفي وأسامة النجيفي وأياد علاوي.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1): للإطلاع على “مفاتيح فهم وترقية الوضع العراقي” بمفرداته: “النظم الطغموية حكمتْ العراق منذ تأسيسه” و “الطائفية” و “الوطنية” راجع أحد الروابط التالية رجاءً:
http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=298995
http://www.qanon302.net/news/news.php?action=view&id=14181
(2): رابط التقرير هو: