18 ديسمبر، 2024 6:55 م

يحكى أنهُ عندما دنت وفاة الإمام جعفر الصادق(إمام المذهب الجعفري في الإسلام)، طلب حضور جميع أهله وأقاربهِ وصحبهِ ومحبيه ليوصيهم، وقد حضر الجميع ليستمع إلى وصية الإمام، فما كانت سوى قولهِ: أوصيكم بالصلاة، الله الله في صلاتكم كررها ثلاث مرات….
فيا تُرى ما فائدة الصلاة؟ وكم هو مقدارها؟ وما هي أهميتها؟ لتكون آخر ما يوصي بهِ الإمام؟! ذلك الإمام الذي تخرج على يديهِ أئمة الفقه واللغة والكيمياء والسياسة، وغيرها من العلوم المشهورة، التي هي من أهم ما يحتاج له الناس في حياتهم العملية… فلماذا إختصر وصيتهُ على الصلاة؟!
نحاول أن نكتشف هذا الأمر من آيات القرأن الكريم، الكتاب الذي لم يغادر كبيرة ولا صغيرة إلا أحصاها(على رأي القرأنيين)، ولنقف عند قولهِ في سورة المعارج(إِنَّ الْإِنسَانَ خُلِقَ هَلُوعاً (19) إِذَا مَسَّهُ الشَّرُّ جَزُوعاً (20) وَإِذَا مَسَّهُ الْخَيْرُ مَنُوعاً (21) إِلَّا الْمُصَلِّينَ (22))، تعرض لنا هذه الآيات صفات ذميمة لأمراض نفسية عقيمة(الهلع والجزع والمنع)، ثم تستثني المصلين، من الوقوع بعرض هذه الأمراض النفسية، والسؤال هنا: لماذا؟ وكيف؟ وما هو الدليل؟
في سورة البقرة، الآية 45:( وَاسْتَعِينُواْ بِالصَّبْرِ وَالصَّلاَةِ وَإِنَّهَا لَكَبِيرَةٌ إِلاَّ عَلَى الْخَاشِعِينَ)، نستشف منها أن إقامة الصلاة وأدائها ليس بالأمر الهين، تبينه الآية الأخرى 142من سورة النساء:(إِنَّ الْمُنَافِقِينَ يُخَادِعُونَ اللّهَ وَهُوَ خَادِعُهُمْ وَإِذَا قَامُواْ إِلَى الصَّلاَةِ قَامُواْ كُسَالَى يُرَآؤُونَ النَّاسَ وَلاَ يَذْكُرُونَ اللّهَ إِلاَّ قَلِيلاً)، وهنا سؤال آخر: لماذا يتكاسل المنافقون عن أداء الصلاة؟ أتصور أن جوابهُ في الآية 45 من سورة العنكبوت:( اتْلُ مَا أُوحِيَ إِلَيْكَ مِنَ الْكِتَابِ وَأَقِمِ الصَّلَاةَ إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاء وَالْمُنكَرِ وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ)…
هنا يتضح لنا جلياً، أن الصلاة ممارسة بدنية ونفسية، تساعد على علاج البدن والنفس(تنهى عن الفحشاء والمنكر)، وإنما يرفضها المنافقون لأنهم يريدون الغرق، في ملذات البدن والنفس، كما يعتقدون أنها ملذات، وإلا فهي ليست كذلك اليتة. لأن القرآن وصفها كأمراض، وليست ملذات كما يعتقد المنافقون، وسوف يظهر ذلك جلياً للعيان، في الدنيا والآخرة، بعد حصول اليقين لدى المنافقين، كما وضحت ذلك سورة المُدثر:﴿ كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ رَهِينَةٌ (38) إِلَّا أَصْحَابَ الْيَمِينِ (39) فِي جَنَّاتٍ يَتَسَاءلُونَ (40) عَنِ الْمُجْرِمِينَ (41) مَا سَلَكَكُمْ فِي سَقَرَ (42) قَالُوا لَمْ نَكُ مِنَ الْمُصَلِّينَ (43) وَلَمْ نَكُ نُطْعِمُ الْمِسْكِينَ (44) وَكُنَّا نَخُوضُ مَعَ الْخَائِضِينَ (45) وَكُنَّا نُكَذِّبُ بِيَوْمِ الدِّينِ (46) حَتَّى أَتَانَا الْيَقِينُ (47) فَمَا تَنفَعُهُمْ شَفَاعَةُ الشَّافِعِينَ (48)﴾.

بقي شئ…
بعض المفسرين يذهب إلى الزنا كمعنى للفحشاء، والخمر كمعنى للمنكر، وهي وإن كانت مصاديق لهما، لكن لا يمكن إختصارهما بذلك، كذلك تفسيرهم لليقين بالموت أعتقد أنه خطأٌ كبير…