18 ديسمبر، 2024 8:39 م

إقلیم كوردستان ومبادرة الإستدامة لعام 2030

إقلیم كوردستان ومبادرة الإستدامة لعام 2030

بالرغم من أن حکومة إقلیم كوردستان تعمل الآن بعقلية الإصلاح والتوسّط والتسوية والمصالحة والشراكة وتشتغل برؤیتها الجديدة إلى ترشيق القطاع الحکومي لتمکين القطاع الخاص والمجتمع المدني والأفراد، بحيث تكون أهم مسؤولياته التنظيم والرقابة وإدارة عملية التحول الاقتصادي الاجتماعي ضمن إطار حوكمة فعّال، بهدف توفير حياة أفضل للمجتمع الكوردستاني، إلا أنّ الحاجة الی إنشاء مبادرة التکهن بالإستدامة “Sustainability” لعام 2030 بات من الأولويات والاحتياجات الرئيسية وذلك بشق طريق المستقبل لإقلیم كوردستان المليء بالمستجدات العصرية المختلفة من خلال بناء سياسة عامة مبلورة ووضع رؤية مستقبلية ومخطط استراتيجي للتقدم نحو هذه الرؤية وتشخيص العوائق التي تعرقل الطريق أمام تنمية جغرافية شاملة قائمة على مبدأ اللامركزية، والشراكة وتكامل الأدوار بين الحكومة والقطاع الخاص والمجتمع و دراسة وسائل التصدي للأخطار وكيفية تحديد الفرص واستغلالها، خاصة في هذا الزمن المليء بالأزمات السياسية والصحية، زمن التخلي عن مزاعم القبض والسيطرة أو عقلية الاحتكار والمصادرة.
کان الهدف والمحرك الأساسي من الثورة المعلوماتية والمستحدثات والتحولات التكنولوجية على مستوى العالم هو للوصول الی تقديم حلول أبسط وأسرع لا للأفراد فقط، بل للشرکات والمؤسسات الخاصة والجهات الحکومیة والدولة بشكل عام، لذا نتمنی علی مستوی الإقلیم أن تخطو الحکومة بأسرع وقت نحو الرقمية، بأعتبارها فرصة للارتقاء بمستوى الخدمات الحكومية للأفراد والشركات ورفع كفاءة العمليات الإدارية الحكومية وزيادة مستوى الشفافية والمشاركة المجتمعية.
الدول المتقدمة أثبتت من خلال إستخدامها لتکنولوجیا المعلومات والحکومة الرقمیة أنه یمكن التواصل مع الجمهور وعالم الأعمال بسهولة لتلبية احتياجاتهم اليومية.
إذن الرقمیة هي وسيلة، تساعد في دعم الأداء الحكومي، من خلال إتاحة القدرة على متابعة سرعة وجودة التنفيذ، بها تتعزز آلیة الوصول إلى البيانات المفتوحة، تلك التي تتعلق على سبيل المثال بنتائج الرعاية الصحية أو بنتائج خدمات عامة أخری، لأن القنوات الإلكترونية تضمن المشاركة المجتمعية الواسعة والفعالة للشباب والخبراء وغيرهم من فئات المجتمع وتسمح بزیادة الشفافية والانفتاح لمشاركة شرائح المجتمع في إعداد السياسات والمشاریع الإستراتیجیة.
مبادرة الإستدامة يجب أن تتضمن مشروع إستحداث وتفعیل أداء وزارات، فعلی سبیل المثال يمکن إستحداث وزارة الأوقاف والشؤون الدینیة بوزارة التسامح، وذلك لترسيخ التسامح، والاعتدال وتقبل الآخرين كقيم أساسية في المجتمع الكوردستاني وکذلك يمکن أن تدمج وزارة التعليم العالي والبحث العلمي في وزارة التربية والتعليم تحت وزير واحد وتوسيع صلاحيات وزارة التربية والتعليم للإشراف الاستراتيجي على قطاع التعليم من الحضانات وحتى الدارسات العليا ومنح صلاحيات واستقلالية شبه كاملة للجامعات والمدارس الحكومية أو تدمج الهيئة العامة للسياحة وهیئة الإستثمار في وزارة التجارة والصناعة (الإقتصاد) وتوضع مستهدفات وطنية لمساهمة القطاع في الناتج المحلي الإجمالي. من الممكن العمل علی تغيير هیکلة وزارة الصحة وتغيير مُسمى وزارة الصحة ليصبح “وزارة الصحة ووقاية المجتمع” مثلاً وإطلاق مؤسسة مُستقلة لإدارة المستشفيات الحكومية في الإقلیم.
أما فيما يخص إنشاء مجلس علماء الإقلیم، ليضم نخبة من الباحثين والأكاديميين بهدف تقديم المشورة العلمية والمعرفية للحكومة ومراجعة السياسة الوطنية للعلوم والتكنولوجيا والابتكار، وإطلاق برامج لتخريج جيل من العلماء، فهذا أمر لایمکن التخلي عنه، خاصة في ظل التطورات التكنولوجية الحديثة والتحديات والرهانات والآفاق المستقبلية.
بالإضافة الی تغييرات أخری ضرورية، کتغيير هيكلة وزارة الثقافة بهدف التركيز على المحتوى، وحماية اللغة الكوردية وتنمية المعرفة، وتغيير مُسمى الوزارة ليصبح الأسم “وزارة الثقافة وتنمية المعرفة”…
ختاماً: علینا أن نفکر بموضوع الإستدامة لعام2030 ونقوم بإعداد سيناريوهات مستقبلية وذلك بالاستناد إلى فهم واستيعاب ترابط المتغيرات الاجتماعية والاقتصادية والثقافية في الإقلیم مع محركات التغيير العالمية ونسعی ونساهم بآرائنا وتطلعاتنا لتحقيق رؤیة مستقبلیة تحت شعار “كوردستان 2030 أولاً”، وذلك لوضع إقلیم كوردستان في مصاف الأقالیم والدول المتطلعة الی التقدم في العالم، لكي يقدم الإقلیم لمواطنیه خدمات صحیة ذات جودة و کفاءة و يعزز وقایتهم ضد المخاطر الشاملة والأوبئة الصحیة ويضمن أمنهم التنموي والغذائي.
بهذە الرؤیة الراقية یمکن أن نستفيد من الموارد المائية بشكل مستدیم و نحقق الاستدامة المالية ونقوي اقتصاد المعرفة، ذي البنية التنافسية عبر تعزيز التنويع، ونحمي بيئة الإقلیم من أخطار الطبیعة ونهيء ونحمي مناطقە الطبيعية الخلابة.
علیه أن تتسق کافة هذه الأولويات المذکورة أعلاه مع التوجه الإستراتيجي للإقلیم المبني علی أساس الإعتزاز بالهوية والثقافة الكوردستانية والإلتزام بالمواطنة لتكون مبادرة الإستدامة إنعكاساً حقيقياً لتطلعات ورؤى أبناء الإقلیم، نحو آفاق المستقبل الذي ننشد إليه جمیعاً.