السياسات الاقتصادية بشتى أشكالها، مع ما تتعلق به تلك السياسات، من نوع نظام الحكم، وهيكلية الدولة؛ تكون متشابهة الى حد كبير، في سائر بلدان العالم، بل إن آثار تلك السياسات، هي الأخرى تكون متشابهة، لأن الجهة المنفعلة بتلك السياسات، هو المواطن، والجنس البشري متماثل بصورة كبيرة، مهما اختلفت طبيعة حياته!
أما العوامل الفاعلة؛ فهي مرتبطة إرتباطاً وثيقاً، بما تقدمه تلك السياسات، من رفاهية للشعوب، وأحترام لقيم العدالة، والحرية، والمساواة، وتلك القيم متحققة على أرض الواقع، في بلدان مختلفة؛ كالإتحاد الأوربي مثلاً، وإن كان ذلك بصورة نسبية، وبنسب مختلفة، من بلاد الى أخرى، بما يتمكن البشر من تحقيقه، وفق قوانينهم الوضعية.
من مصاديق العوامل الفاعلة، والتي تكون ضرورية الى حد كبير؛ الحدّ من المستويات المرتفعة للفساد المالي، وعدم التمييز بين المكونات الديموغرافية للبلد، وإحترام الأقليات، والعدالة المكانية، وتوزيع الثروة، ومن القضايا ذات الأهمية الكبرى؛ توزيع الصلاحيات، بين الأقاليم، والمحافظات غير المنتظمة بإقليم، وبين الحكومة المركزية، وتلك العوامل تعمل على تحصين البلد.
عادة في الدول التي تحكمها أنظمة ديمقراطية حديثة العهد، كما هو الحال في العراق، فإن تلك الديمقراطيات، هي ديمقراطيات إجرائية وليست حقيقية، لذا نجد إن المواطن، يشعر بعدم الرضا، لعدم إنطباق تلك الإجرائية، مع ما رسمه عقله الباطن، من صورة شفافة، تمثل إنعكاس الممارسات الديمقراطية، في أوضاع دول العالم المتقدمة!
لذا نجد على سبيل المثال، مطالبة واسعة لمواطني البصرة، بتحويل محافظتهم الى إقليم، وذلك برغم عدم ملائمة الظروف التي يمر بها البلد، فالأقاليم تقام عادة في الظروف الطبيعية، عندما تكون الحكومة ذات سيادة، على جميع أراضي الوطن، وتكون البلاد في منأى عن المخاطر، والأزمات، والمتربصين سوءً بالوطن من الداخل والخارج.
مهما بلغت مطالب المواطنين من حد بعيد، فمن غير المحتمل أن يُفسّر إجماعهم، ضمن نظرية المؤامرة، وإنما يعود ذلك كله، الى بعض المخاوف التي يخشاها المواطنون، كشعورهم بضياع بعض الحقوق، فبالرغم من أن نسبة عالية من إقتصاد البلد، يعتمد على نفط البصرة وموانئها، بيد أن الحالة الاقتصادية للمواطنين مازالت متدنية!