إستشهدت مئات السنين، عندما قُصِفَت مدينة حلبجة بالغاز الكيمياوي، الذي إغتال خمسة آلاف وخمسمائة من مواطني المدينة الكوردية، التي يعود تأسيسها الى العام ١٦٥٠ ميلادي. هذا التاريخ العميق للكورد، في حلبجة، أغتاله الكيمياوي في ثلاثة أيام ١٥ _ ١٧ آذار ١٩٨٨.
لم يبالِ النظام السابق، برفعة الحق، إزاء وضاعة الباطل؛ ما دام حكمه مدعم الأركان “بعث تشيده الجماجم والدم.. تتهدم الدنيا ولا يتهدم” فهو نظام أثبت وجوده بالإبادات.. إبادة ثمانمائة كوردي برزاني وتهجير وإبادة الكورد الفيلية، وظل ناعور الدم دائراً من ١٧ تموز ١٩٦٨ الى ٩ نيسان ٢٠٠٣.
حلبجة.. واحدة من سلسلة جرائم إرتكبت بحق الكورد.. ليس أولها الأنفال.. مرورا بإبادة البرزانيين.. ولا آخرها تهجير الكورد الفيلية، فقبل ذلك ظلم مريع ألحق بالكورد، وبعده فظائع تعمدت الإبادة الجماعية ولم تفلح؛ لأن الإنسان الكوردي خالد.. أقوى من القدر.
لن أُبكي الكلمات حزنا على شهداء يحلقون في فضاءات الجنة؛ قدر ما أفخر بإرادة الكورد، وهم يقاومون الموت بالحياة؛ إذ ورث الكورد من الملا مصطفى البرزاني، النضال جهادا ابديا ما زال يأخذ أشكالا واضحة، من سراديب الجبال الى منصات الوطنية حيث ترجمة الكرامة فعلا ميدانيا معاشا. “لسنا على الاعقاب تدمى كلومنا.. ولكن على أقدامنا تقطر الدمى” لذلك يستفيد الكوردي من الموعظة الحسنة في تجربة الماضي، ولا يقف رهينها؛ إنما يتقدم نحو مستقبل مشرق يتخطى العقبات.. ريح وريحان وطيب مقام؛ كوردستان القائمة على مآسي ماضٍ لن يعود، كشجرة ثابتة.. أصلها تحت صخور الجبال وثمرها يطرح فروعه من السماء. كوردستان الآن تمد جذورها تحت الثرى وأغصانها تطاول الثريا؛ وفاءً لشهداء حلبجة والنضال الوردي.. بل هي سؤال كبير عن حقوق الشعب الوردي، وهو يقاوم عسف الباطل.. جهادا منذورا للحق.