19 ديسمبر، 2024 12:18 ص

عبارة سقراط “تكلم لأراك” , أصبحت “أكتب لأراك” , والأصح ” إعمل لأراك” , فالعمل هو المقياس الأصوب للإنسان , أما الأقوال المنطوقة والمدونة فأنها قد تكون قناعا أو من وسائل التضليل السهلة , خصوصا عندما يمتلك أصحابها مهارات الضحك على الذقون.
كم من الخطباء والوعاظ والكتاب والشعراء والمبوقين يقولون ما لا يفعلون , والكثيرون منهم يريدون الناس العمل بموجب أقوالهم , لا كما يفعلون أو يعملون , والعديد من أولياء المنابر يطالبون الناس بإتباع أقوالهم وحسب , ولا يقدمون لهم قدوة حسنة بالعمل الصالح المفيد.
وبعد أن أصبحت المتاجرة بالدين مشاعة , وفتاواه فوق الدستور والقانون , والتقليد من الإيمان , والفساد مشرعن ومحبب ومقبول , على الناس أن تطالب أي مدّعي بالعمل لا بالقول , فعليه أن يبرهن بفعله الواضح المبين عما يردده بخطاباته ودعواته.
أما أن يغنم ويعيش في رفاهية ونعيم , ويستحوذ على حقوق الآخرين , ويطالب الناس بتحمل الفقر والعوز والقهر والظلم , والحرمان من أبسط حقوق الإنسان بفرية أنهم سينالون جنات النعيم , وأن الدنيا فانية والحياة الآخرة باقية , فعليه أن يطبقه على نفسه أولا قبل أن يصدح به من فوق المنابر.
فمن الواضح إنتشار المنافقين وأدعياء الدين , الذين وجدوا فيه تجارة مربحة , ووسيلة للسيطرة والنفوذ والإغتنام المريح , فيخدعون الناس بأكاذيبهم , ويستحضرون ما يسوّغ أضاليلهم , ويستثير عواطف الناس ويشحنهم ضد بعضهم , وهم يتفرجون ويستحوذون على حقوقهم بإسم الدين.
وبسبب مقبولية هذه التصرفات المناوئة للدين , وجدتنا في واقع تبسط نفوذها فيه القوى المؤدينة الرافعة لرايات الإسلام , ومن حولها ينتشر الظلم والنهب والسلب وإغتصاب حقوق الناس , وإشاعة الكراهية والتفرقة والعدوانية بين أبناء البلد الواحد والدين الواحد.
ولن تجد عندهم جوابا , بل يسبّحون بحمد ربهم الذي رزقهم بغير حساب , وفتح عليهم غنائم الدنيا والآخرة , وجعلهم في عليين , ولا يعنيهم من الأمر إلا ما يتمكنون من وضع اليد عليه , فليسحوذ المستحوذون وليكبروا وليسبّحوا بإسم ربهم العظيم.
فلا تقل لأحدهم من أين لك هذا , فأنك ستكفر بنعمة رب العالمين , الذي أغدقها على عباده الصالحين الطيبين , الرحماء الأصفياء المنزهين من الآثام والخطايا والإجرام!!
وتبارك بهم وقل الحمد لله!!
د-صادق السامرائي