خرجت علينا بعض وسائل الأعلام مؤخراً, بتصريحات منسوبة للسيد المتحدث الأعلامي, بأسم المرجعية العليا, الحاج حامد الخفاف.
مفادها أن المرجعية العليا في النجف الأشرف, رفضت مقابلة وفد التحالف الوطني, كما وأعلنت رفضها لمشروع التسوية الوطنية.
تصريح ناري ثنائي الغرض.
الأول الأساءة للتحالف الوطني, ورسمه بصورة الرفض وعدم المقبولية, في نظر المرجعية العليا, وتصدير هذه الرؤيا للشارع.
الثاني هو الأساءة لمشروع التسوية الوطنية, الكابوس الذي يجثم على صدور الفاسدين وتجار الحروب.
تصريحات وقف الشارع العراقي أمامها حائراً.
لأنها أستنتجت من تصريحات المرجعية, في خطبة الجمعة التي تسبق هذا التصريح بأيام قليلة, مباركة المرجعية وحثها على السلم المُجتمعي, في أشارة غير مباشرة منها, لتأييدها كل المشاريع التي يكون غرضها السلام, بما فيها مشروع التسوية الوطنية.
وكما عُرف عنها بعدم زج نفسها بصورة مباشرة, لأنها تريد من القوى السياسية, تحمل مسؤولياتها أمام شعبها.
الغريب إن التصريحات الأخيرة المنسوبة للسيد الخفاف, تتضارب مع تصريحات الجمعة التي سبقتها بفترة قصيرة!
وهذا التضارب يتعارض مع وضوح المواقف ورصانتها, التي تميز هذه المرجعية المباركة, عبر سنين عاشتها, وضعت بها تحت الأختبار في أكثر من موقف.
وهذا أمر مشهود لها, من قبل أعدائها قبل مناصريها, في بلد عاش حقبة غنية بالأحداث والمواقف, على مختلف المستويات.
مرة أخرى تفشل بعض وسائل الأعلام, في أختبار المصداقية والأمانة الأعلامية, لتوسع بذلك فجوة الثقة بينها وبين الشارع.
كان الأجدر بها أن توضح للشارع, إن هذا ليس تصريح السيد الخفاف.
إنما هو تحليل ورؤيا شخصية, في تصريح السيد الخفاف, لتترك لنفسها طريق للرجوع وأستدراك الموقف.
الفرق كبير بين نقل خبر منسوب لشخص ما, على أنه تصريح رسمي نقل كما قيل عن لسانه.
وبين تحليل ورؤيا شخصية للتصريح, كما يعتقد المحلل ويرى.
وهذه المفاهيم من أبجديات الأعلام وأصوله.
فإما أن تكون المصادر التي نقلت هذا الخبر, مأجورة لها غايات ومأرب, في تصدير هذه الرؤيا عن التحالف الوطني, ومبادرة التسوية الوطنية.
وإما إنها نقلت الخبر, بدون التحقيق في مدى صحته, وهذا مايُعبر عنه بالسذاجة الأعلامية.
وهذا مانراه واضحاً, حين نستعرض تصيريح السيد الخفاف الأخير:
(( بعد الجدل الذي دار حول التصريح, الذي أدليت به مؤخراً, ومافهمه البعض منه خطأ, من أن سماحة السيد السيستاني دام ظله, لايرى المصلحة فيما يسمى بمشروع التسوية الوطنية, المطروح أخيراً, يهمني التأكيد على أن سماحته, لم يبد أي موقف تجاه هذا المشروع, وقد أبلغ ممثل الأمين العام للأمم المتحدة, وسائر الجهات المعنية, فيما سبق بأنه لايرى من المصلحة, زج المرجعية الدينية في النجف الأشرف, في أمر هذا المشروع, بل يرى ان على القوى السياسية, أن تتحمل كامل المسؤولية عنه أمام الشعب, بتفاصيل بنوده وتوقيت طرحه, وتوفير فرص نجاحه وغير ذلك… حامد الخفاف)).
وهذا ليس بأمر غريب, إنما الغريب هو ماتتناقله بعض وسائل الأعلام, من كلام ينافي العقل والمنطق.
فأن كانت المرجعية الدينية العليا, رافضة للتحالف الوطني أو مبادرة التسوية الوطنية, هل يستوجب الأمر تصريحات إعلامية!
فالتحالف الوطني, ومن قمة الهرم فيه, والمتمثل بالسيد عمار الحكيم, الى أصغر زعيم سياسي, منضوي تحت لواء التحالف الوطني, هم جنود أوفياء للمرجعية, سائرون بنهجها, متمسكين بحبلها.
تكفيهم إشارة من المرجعية, تبين فيه رفضها لهذا المشروع أو غيره, لتجدهم أول الملتزمين برؤيتها.
ألم نكتفي من المزايدات والأكاذيب الأعلامية؟
ألم يكتفي الأعلام المأجور والساذج, بدعم الفاسدين, وتأجيج الفتن, والمساهمة في تدمير العراق؟
كُلنا أمل أن نشهد إندثار وإندحار, ذلك الأعلام الملطخ بالدماء.