23 ديسمبر، 2024 4:06 ص

إعلام أمير الشعر اء أنا اكتب، إذن أنا كلكامش

إعلام أمير الشعر اء أنا اكتب، إذن أنا كلكامش

سلسلة دروس جريئة في التنظير
الشاعر ضربان: شاعر إعلام وشاعر الهام، والأمير كذلك نوعان : أمير الهام وأمير إعلام ، أمير الإعلام هو من ظهر وبجلناه وعظمناه ، فما بالنا بأمير الإلهام الغائب الذي هو أكثر ثراء ورمزية وجدوى من أمير الإعلام ، وإذا كان أمراء الإعلام ظاهرين ، فإن أمراء الإلهام مغيبون ، وهذا دليل واضح لمن أراد أن يسلك الطريق في الوصول إلى الأمير الحقيقي، هل دار في بالنا يوما ان نبحث بحثا حقيقيا عن أمير الشعر الحقيقي ، بعيدا عن هذه المنصات التي يتزاحم عليها طلاب الشأن ، لنصل إلى حقيقة أن ( من السواهي دواهي) ، وان من سواهي تقصيرنا الإعلامي هي دواهينا الإبداعية المغيبة؟!
إن إعلام امير الشعراء مازال يراوح على المنصة وحولها ، ولم يكلف نفسه جهدا للبحث والتقصي خارج القاعة ، وخارج حلبة الروتين التي فيها ثكلت الضاد كل أمراء شعرها الحقيقيين ، وفرض عليها البدلاء عنهم ، ففي رحاب الضاد الواسعة ، وفي رحاب القلوب التي سكنتها الضاد أكثر من أمير ووزير شعري ، لايحتاج منا أن نطليه بطلائنا الزائف 0
إن الإعلام لم يجروء يوما أن يقدم لنا حقيقة واحدة تدل على الخفي العظيم المعول عليه من الامير كونه هو أدهى من الظاهر العابر ، وهذا يشير إلى أن الشعر العربي بمنصته الرفيعة ، لايمكن أن يباع او يساوم على هذا المركز ،الذي ظل شاغرا منذ المتنبي وحتى يومنا هذا ، وهو منصب ظل الإعلام يملؤه بالأشباه والأنصاف ،دون ان يعثر على عملته النادرة ، ويأتي بها من خارج اللعبة الصنمية المخترقة 0
ان لعبة أمير الشعر الصنمية لاتختلف عن لعبة مزيفي الشعر التي ظلت تعبث في العقول قرونا عديدة ، فأسلمتنا إلى أن نصبح نعاتا للمغيبين بامتياز، هذه اللعبة خدعت الكثير من الذين لايميزون بين إلقاء القصيدة وقصيدة الإلقاء ، فوقعوا في شباك اللعبة وتم تتويج الأمير الورقي ، وإزاحة الأمير السوبرماني بتسوية صفيقة0
فلهذا أقول: أن أمير الشعر هو أمير الموقف والقصيدة واللجنة المقيمة له ، وليس بالأمير المطلق ، فحذار من تصديق الكمائن الكبيرة التي تردنا من فلك الأخبار والمناكفات الصاخب!
وهذا لايعني أني اشكك بكل من جاء من على المنصة وتوج ، ففيهم أمراء أجلاء ، يحملون باطنا غنيا وظاهرا حفيا0
إن الفجوة الكائنة بين الإبداع والإعلام، وبين الأصالة والزيف ،تكمن فيها اخطر الكمائن المدمرة ، ويكاد عفريت تخلفنا كذلك يكمن في هذه الفجوة التي تجعلنا ننظر متقدمين ونتبصر متأخرين نادمين00