حاولت أن أجد فرصة عمل في وكالة خبرية, لاستطيع أن أواجه الأزمة الاقتصادية الخانقة, فكانت رحلتي صوب وكالة خبرية, مرموقة وسط بغداد, فوجدت مدير في الخمسينات من عمره, بقميص وردي! وهو يدير الوكالة, حدثني عن شهادته الفخمة من ( قبرص ), والحقيقة لأول مرة اسمع عن شهادة, تتحصل من قبرص! وكان حديثه معي عن مواكبة التطور, والخطوات الهامة التي اتخذها للتميز, وانه اليوم في القمة بين الوكالات الخبرية, بحسب المردود المادي, وباحصائات مهنية, قامت بها جهات محايدة.
لكن ما اشد انتباهي, هو كادر الوكالة العجيب, حيث تتواجد فتيات بمظاهر غريبة, لا تنتمي لمهنة الأعلام بشيء, حيث ملابس الإعلاميات تظهر أكثر مما تخفي, من مفاتن الجسد, كأنني في أستوديو تصوير السهرات, ولست في وكالة خبرية, أحدى الإعلاميات دخلت علينا, لتعطي المدير ملف احمر, فما أن دخلت علينا حتى وصفها بالكاتبة الراقصة, وحدثني عن إعجابه الشديد بكفاءتها الإعلامية, وأنها راقصة سابقة, ولها إمكانات كبيرة في الإعلام!
تحسرت على مهنة الإعلام, التي أصبحت أسيرة لرجال, اقرب ما يكونوا نخاسين, يأتون بمومسات, لغرض تحقيق إغراضهم, عبر التزلف بهن للتجار والساسة, بهدف تحقيق مكاسب للكيان الإعلامي.
أتذكر تلك الكاتبة, التي تنشر سمومها يوميا, تتملق ولي نعمتها, وتسفه وعي الناس, في مقابل المكاسب المادية التي تحصل عليها, أنها مجرد متملقة, أضيفت لقافلة من المحسوبين على الأعلام, ومن أمثالها الكثيرات, ممن رضين لنفسهن عبادة الشخوص, وصنع الالهه, لتعبد بين الناس, فهن المروجات للأوثان الحالية, هكذا تصنع بعض معاهدنا الإعلامية, كتاب وكاتبات منافقون, كأنها معابد وكهنة وعبيد, وليست مراكز إعلامية.
وضحية كل هذا هو المجتمع العراقي, الذي تتسلط عليه منظومات إعلامية تهدف لتسفيه وعيه.
انظر لحجم السقوط, الذي يحصل لمهنة الإعلام, فبعض شيوخه أسرى النزوات والمادة, مما يجعلهم يصنعون معاول للهدم يوميا, في سعيهم لكسب المادة والمناصب الإعلامية, وما يحصل من فساد النخبة الحاكمة, يعود لتواجد هذه الصنف من الكتُاب والكاتُبات, وشيوخ الأعلام المتصابين, بمجموعهم يجملون سوء أفعال الساسة, ويجعلوها بمنزلة الأعجاز والتفرد, بلغة متكاملة, أي كذب عالي الجودة, فيؤثر في المتلقي.
مسؤولية كل كاتب, ملتزم بأصول المهنة, ويخاف على شعبه ووطنه, تكمن في تعرية أعلام الجنس والتملق, كي يفقد تأثيره على المجتمع, وبالتالي تنكشف صفحة اللصوص والمفسدين.