إستطابوا وجعا لا ينتهي…وعذابا إرتضاه المشتهي

العذاب هو الشعوربالمعاناة النفسية أو الجسدية  وينتج عن العقوبة في أكثر الأحيان , وإعتياد العذاب يؤدي إلى التكيف معه  ليصبح جزءاً من الحياة اليومية , فيغيب الفرح ويكون الظلم مقبولا , وكأنه أمر طبيعي.

التكرار المتواصل للأحداث المأساوية يبلد المشاعر , ويجعل الناس تتلقى الفواجع وكأنها حدث عادي لا يستحق الإهتمام.

وهذه العاهة يمكن مقارنتها بالعجز المُتَعلَم , الذي يؤدي للخنوع وفقدان القدرة على الخروج من المأزق المرهون به الشخص أو المجتمع , ويمكن تلخيص ذلك بالآتي: العجز المتعلم حالة نفسية يتسبب بها التعرض بتكرارية متواصلة لمواقف سلبية دون القدرة على تغييرها , فيصاب المتعرض لها بالشعور بالعجز , وقد أوضح ذلك عالم النفس (مارتن سليغمان) , فالتعرض المستمر للفشل والقهر سيتسبب بفقدان الثقة بالنفس والإستسلام للوضع القائم.

المجتمعات يمكنها أن تتحول إلى مطية للويلات والتداعيات , وتحسب سفك دمائها نصرا وفوزا عظيما , وتتكاثر في شوارعها اللافتات السوداء , وتصدح منابرها بالشهداء الذين في عرفها كلما زاد عددهم تأكد النصر والفوز الكبير.

إن إستلطاف العذاب وتعزيز دور الضحية في ربوع الأجيال من أخطر السلوكيات والأوبئة الطاعونية التي تفتك بالأمم والشعوب , فالمطلوب الوقوف الثابت الراسخ أمام التحديات , وتحفيز الطاقات العقلية والبدنية للمواجه المتوافقة مع نوع االتحدي ومعرفة مهارات وآليات النزال الصحيح.

فالإنهزام يحققه الجهل والقنوط النفسي والإضطراب السلوكي , فالمنتصرون يحققون الهزائم النفسية أولا في أهدافهم , ومن ثم يتقدمون نحوها بثقة لأنها أصبحت خاوية أكلت قلبها وروحها الآفة العدوانية المستترة.

والتصدي للحالة يستدعي تظافر جهود النخب الواعية الرشيدة المتبصرة , لمواجهة آليات التردي والإنتهاك الصارخ لجوهر القيم والمبادئ المتصلة بكينونة المجتمع المادية والروحية والفكرية , وتقديم الآمثلة الحسنة التي يُقتدى بها , وتكون واضحة المعالم والمسارات , لتمضي على هديها الأجيال وترتقي إلى غاياتها الوطنية والإنسانية.

فالناس بقدواتها وقادتها !!