18 ديسمبر، 2024 7:14 م

إعادة تدوير الحكومة

إعادة تدوير الحكومة

ما زال المنادون بالإصلاح يسبحون في فلك السياسيين المخضرمين، الذي قضوا نصف أعمارهم في المعارضة، والنصف الآخر داخل العملية السياسية المصابة بالجذام والجرب والعَوَق والنكاف وكل الأمراض المنقولة وغير المنقولة.
تشهد الساحة السياسية حراكاً سياسياً ومجتمعياً يتمثل بالمظاهرات والإعتصامات، وهذا شيء إيجابي يولد روح الرفض لدى الشارع العراقي بعد أن ماتت تحت ركام العملية السياسية المذهبية ونصرة المذهب، لكن الغريب أن كل هذه الجهود من الواضح أنها لا تثمر إصلاح حقيقي يمس جوهر المشكلة، والسبب أن هذه العلمية ما زالت متمسكة بالسياسيين وترفض الخروج عن إطارهم ولغاية الآن تدور في فلكهم، رغم أنهم مكامن الفساد للبلاد والعباد.
لماذا لا ينادي المصلحون اليوم والمعتصمون وعلى رأسهم صاحب الخيمة الخضراء في المنطقة الغبراء بتغيير العملية السياسية برمّتها، لماذا يُصرّون على النموذج الحالي الذي أثبت فشله بجداره؟، لماذا يصرون على حكومة ” التنك قراط” وهم يعلمون علم اليقين أن المشكلة في واد ومطالبهم في واد آخر؟ .
لماذا تذهب سدى هذه الجهود الكبيرة وهذه المظاهرات والإعتصامات التي تحمل آمالاً وآلاماً ونعود إلى ما قبل المربع الأول ؟.
مشاكل البلاد معروفة وواضحة كوضوح الشمس والشمس لا تحتاج إلى قصد وبرهان، ومعروفة حتى للإطفال فلماذا نقفز عليها ونتجاوزها إلى مهاترات وخطابات ولقاءات وبيانات منذ سبعة أشهر نشهد طلتها البهية كل يوم من خلال القنوات التابعة للمصلحين أنفسهم.
أكبر مشكلة واجهها البلد ومنذ عام 2003 هي القضاء العراقي المسيّس التابع بقده وقديده لنوري المالكي وحزب الدعوة، وهذا ما أكدته منظمة هيومن رايتش ووتش حيث قال جو ستورك وهو يشغل منصباً رفيعاً: “ما زال القضاء العراقي يصدر أحكام الإدانة في محاكمات مسيسة، حافلة بأوجه الخلل القانوني، ورغم وعود الإصلاح إلا أن الحكومة لا تحرك ساكنا بينما يقوم نظام العدالة العراقي بالحكم على أشخاص بالإعدام بغير أدلة تذكر”.
أضف إلى ذلك أن الشرطة الدولية “الأنتربول” لا تتعامل مع القضاء العراقي في القبض على المجرمين لأنها تعتبره مسيّس، ولو اردت استقصاء الأدلة التي تدين القضاء العراقي وكيف يتعامل مع المعتقلين لتطلب الأمر أكثر من مقالات بل ربما مجلدات.
لكن رغم مساوئ هذا القضاء لا نجد اليوم مطالبات بالإصلاح داخل هذه المنظومة المهمة بالنسة للدولة من قبل المعتصمين ولا من قبل مقتدى الصدر ولا من أي أحد، لكن كل المنادين انحصرت مهمتهم بالتكنوقراط وأهملوا ملف القضاء اهمالاً كلياً، وهذا خطأ فادح بل المفروض أن يأخذ إصلاح القضاء مساحة كبيرة من المناشدات والمطالبات والسعي نحو التغيير المطوب، فالدول التي تطورت كان القضاء عاملاً رئيسياً في تطورها وتقدمها .
نحن اليوم في العراق ليس من الصعب كشف الفساد بل أينما اتجهت يمين أو يسار تجد فساد، لذلك اليوم أغلب السياسيين لديهم ملفات فساد على بعضهم لو كانت في الدول الغربية لأصبحت السجون ملأى بهم، ولكن اليوم قضاؤنا المبارك ” يطمطم” أكبر القضايا ويدفنها تحت الركام الهائل من القضايا ” المطمطمات” وليس قضية الدايني منا ببعيد ، وكذلك قبلها لما أدانت لجنة سقوط الموصل نوري المالكي كيف سانده القضاء ولم يقدمه للمحاكمة.
لذلك اليوم ملفات الفساد كثيرة ولكن أين المحاسب وأين القضاء الذي يوقف الرؤوس العظام أين المحكمة لتحاسب على كل درهم ودينار اختلسه الفاسدون من أموال الشعب المنهوب.
هذا الملف الخطير اليوم هو غائب عن خطابات الإصلاح ولقاءات الاصلاح، وعمليات الاصلاح حيث لا اصلاح ، والقضية الأكبر أن الجماهير المعتصمة أصابها داء السياسة “والتطمطم” فلم نسمع من أحد حديثاً واحداً عن القضاء وانحصرت عملية الاصلاح “بالتنك قراط” وكأن هذا التغيير” جنةً ونعيماً وملكاً كبيرا”.
يا سادة يا كرام لا نقفز على جراحنا مرة ثانية ، لماذا نتجاوز مشاكلنا مرات أخرى ، كلنا نعرف أين الخلل فلماذا لا ننادي بإصلاحه .
هل القضية سياسية ؟ هل هناك مآرب أخرى لا ترى بالعين المجردة خلف هذه الاعتصامات والمظاهرات؟ هل تحت عباءة السيد مقتدى ملفات بخاصية “الإختفاء” تستخدم كورقة ضغط على الحكومة وستظهر (show ) في وقتها؟