15 نوفمبر، 2024 3:22 م
Search
Close this search box.

إضطراب العواصف!!

إضطراب العواصف!!

عصفت الريح تعصِف عصفا وعُصوفا , وهي ريح عاصِف وعاصفة ومُعصِفة وعَصوف , “والعاصفات ‘صقا” أي الريح التي تعصف ما مرت عليه.
وريح عاصف شديد الهبوب.

“أعمالهم كرماد إشتدت به الريح في يوم عاصف”

ويوم عاصف أي تعصف فيه الريح.

وكلمة عاصفة ذات تأثيرات نفسية سلبية ومدمرة للوجود الإنساني , فالعاصفة أيا كان نوعها تعني الخراب والمخاطر والويلات والتداعيات , والإنهيارات المتواكبة من كل حدب وصوب.

والعاصفة التي هبت على العراق بمباركة العرب وتهليلهم , من أشد العواصف من نوعها في القرن العشرين , فلا مثيل لتلك العاصفة في تأريخ البشرية جمعاء , ولولا العرب لما إجتاحت العراق وفعلت فيه ما فعلت , ومضت بعواصفها المتوالدة المتوعّدة.

ويبدو ان إختيار كلمة “عاصفة” في عام 1991 كان مدروسا ومقيّما بعناية ودقة , وجميع تأثيراتها ونتائجها النفسية والسلوكية محسوبة ومرتبة , وقد أعطت أُكُلها على أحسن ما يُرام , ولا يزال العراق يئن من صولاتها المبرمجة , والمتفاعلة المتفاقمة المدمرة إلى درجة الهلاك والضياع.

ولم يتحسب العرب لكلمة عاصفة ويتأملونها بعناية ويقرؤون منطلقاتها وأهدافها ونتائجها , وإنما أخِذوا في غرة غفلة من وعيهم , بعد أن تم إغراقهم بعواصف نفسية وإنفعالية أذهبت بصرهم وبصيرتهم , فوجدوهم مذعنين صاغرين ومهللين ومندفعين بشدة وعدوانية لا مثيل لها للإنقضاض على العراق , فحصل الذي حصل , وجرى الذي جرى.

ولا يُعرف لماذا يُغرم العرب بالعواصف والزوابع , ويا ليتها ترابية , ثلجية , مطرية , جرادية , لكنها إنتحارية , بمعنى أن العرب يستحضرون أعتى القدرات الأرضية لتدمير أحد بلدانهم , بعد أن يوفرون الأسباب والمسوغات اللازمة لتبرير التدمير الشامل وبلا إكتراث.

وكأنهم لا يدركون بأن العواصف أخطار , وأن الدنيا تتفاداها وتتوقى منها , خصوصا في هذا الزمان الذي إمتلكت البشرية فيه أفظع الأسلحة والمعدات الفتاكة , ويُخشى أن العرب سيهللون لعواصف نووية وكيميائية وبايولوجية , وغيرها من أدوات المحق والإنقراض الشديد.

وفي مجتمعات لا تصنع ولا تزرع وتعتمد على غيرها في كل شيئ , يتحول العاصف إلى معصوف , فالدول التي عصفت العراق صارت تُعصف وتنعصف وتتحول إلى عصفٍ مأكول!!

فهل نتحرر من أسر العواصف , ونتعلم التفاعل الإيجابي ومهارات الحوار , وننقي النفوس من الأضغان والشكوك , ونحترم بعضنا ونؤسس لعقد إنساني يضمن التعايش والمحبة والأمن والسلام , ويكفينا عواصف لا تبقي ولا تذر!!

أحدث المقالات

أحدث المقالات