المعاني أهم من النصوص، والعمامة الفكرية أهم من العمامة الجامدة ورجل الدين في المجتمع علامة فارقة، وصورة مغايرة، هناك انواع كثيرة من العمائم، بعضها تحاول ابعاد التخريف والتجهيل وتسعى إلى اشاعة ثقافة التنوير في المجتمع وبعضها تتقصد الاستمرار في مشروع الخرافة والتجهيل الجمعي للناس وبث التخلف الفكري والتراجع المعرفي والاستمرار في اشغال المجتمع بقضايا خلافية كوسيلة من وسائل ابقاء الجمهور بلا عقل باحث ولا معرفة واسعة والغاية كل الغاية الاستمالته على عصا الصوت العالي لا على القراءة ولا البحث ولا على تنشيط الوعي.
المجتمع العراقي – على أغلبه – ينظر إلى المعممون أنهم قديسون ومقدسون وغير مقبول نقدهم بينما الضرورة تقول أن الدعوة إلى توسيع دور العمامة فيه فائدة للعباد والبلاد.
كثيرون هم الذين ارتدوا العمامة كزينة ووجاهة وعقلوهم خاوية من الفكر والمنطق والثقافة المعرفية وباتوا يذهبون بالمجتمع مستغلين عواطف الناس في دهاليز الجهل والتخلف والمضي بسلوب يتقاطع تماماً مع البحث العلمي.يحتاج المفكرون من المعممين ورجال الدين العقلائين إلى ثورة داخلية تحد من استسهلال ارتداء الزي الديني وحجب العمامة التي باتت زياً دينيا لا زيا عربيا عن الذين لايحملون مقومات الوعي الديني والمعرفي والانساني.
ليس من شأن العمامة الدينية بث تعاليم الدين الاسلامي فحسب بل من واجباتها الاساسية بث روح المواطنة واشاعة ثقافة السلام والتسامح والحب وتقليص فجوات الاختلاف وتعزيز الهوية الوطنية ليتحول المسجد من مقر عبادة إلى مقر يهدف للاصلاح الذات وبناء المجتمع واحتواء آلاخر المختلف.
لايمكن لذلك أن يتحقق في القريب المنظور وعمائم المساجد تدعو إلى التفرقة وتبحث في كل اختلافات التأريخ وتصدرها على انها حدثت بالامس.
المعممون بشر مثلنا وحالهم من حالنا ومن حقهم أن يمارسوا حياتهم بشكل طبيعي ، لكن وظائفهم كبيرة فلم يخلق المعمم ليؤم الناس في المسجد، فحسب بل خلق لاشاعة ثقافة الحوار وتعزيز دور الأنسان في بناء المجتمع.تتقلص وظيفة رجال الدين،فلم يعد بالضرورة الرجوع إلى امام المسجد لسؤاله عن قضايا شرعية في ظل تطور الالكتروني، لكن يمكن استغلال نفوذ رجل الدين في تحقيق الاصلاح الفعلي في بناء المجتمع عبر التشجيع على ضرورة الالتزام بضوابط الوظيفية وعدم التجاوز على المال العام واحترام القانون وتجفيف منابع الفساد وتطوير القدرة على صياغة مفاهيم جديدة للتعايش المجتمعي لا فائدة من عمامة تصلي ولا تصلح ولا فائدة من عمامة تتعبد ولا تدعو المجتمع إلى ممارسة تفاصيل الحياة بلا عقد الماضي ولا هلوسة الروايات التي تثير الفتن والتخلف!.