23 ديسمبر، 2024 9:08 ص

إصلاح الأجهزة الأمنية

إصلاح الأجهزة الأمنية

التعسف الكبير في إستخدام القوة من قبل الأجهزة الأمنية والإنتهاك الكبير لحقوق الإنسان وقبل هذا للدستور الحالي المقيد (المنظم) للعملية السياسية الحالية في العراق ؛ وإنتهاكه للقوانين والأعراف التي تنظم عمل الأجهزة الأمنية وإطلاق يد القادة الأمنيين بلا رادع ولا ضابط ولا محدد ولا قانون تحت مسوغ محاربة الإرهاب وبالشكل الذي يولد الإرهاب ويصنعه وبوسائل إرهابية بعيدة عن أي مفهوم إنساني ويعكس صورة “بشعة” ومتخلفة للنظام ويسهم بشكل وبأخر لتهديم الدولة وتفكيك العملية السياسية بزي حماية النظام! لم يعد التستر على تلك الأجهزة ممكناً  كما لم يعد التستر على الفساد بكل أشكاله ممكناً وتجاوز العالم مصطلح “العالم قرية صغيرة” إلى مصلح “العالم كامرة هائلة” ولم يعد فيه للخوذة والبسطال أي أهمية وأستعيض عن الهراوة بالحاسبة الإلكترونية محصية الأنفاس ؛ وبداء العالم يستعد لإستقبال نظرية جديدة للحرب ولم يعد الشأن الداخلي كما كان سابقاً لأنه لم يعد بالأمكان إبقائه داخلياً بفعل التشابك الإنساني والتكنولوجي وظهرت ثوابت إنسانية جديدة تبداء من حماية الحيوان وتمر بحقوق “الإنسان” وتنتهي في الفضاء وطبقة الآوزون ؛ وتجاوز العالم في كل يوم الأطر والمفاهيم والنظريات السابقة وبدء عصر جديد يكتب فيه الناس حياتهم ويصنعوها وتضائل دور الحكام وأصبح الحاكم مجرد موظف غير عادي بحكم مسؤولياته الجسام الذي يشفق الكثيرين منها وتبدلت النظرية الأمنية من ضمن ما تبدل في حياة الإنسان المعاصر والمجتمعات المعاصرة و وضعت مقاييس جديدة للرقي وللرفاهية والعدالة والتقدم ؛ كل شيء يتغير بالدقيقة والثانية وأنقرض عصر جامعوا الفراء وقتلة الدببة وصيادوا الفقمة وجاء عصر المحميات وحماية البيئة ورقع طبقة الأوزون و لم يعد قتل النفس أمراً هيناً وكأن من قتل نفساً بغير حق أو فساداً في الأرض فكأنما قتل الناس جميعاً وتعذيب إنسان يهم كل إنسان ولم تعد أقبية السجون السرية معزولة عن ضوء الحضارة وإمكانياتها الجديدة وأصبح صوت أي إنسان يصل إلى إي إنسان في العالم هكذا هي الحياة الآن!.
فكيف بمن يمارس الإعتقالات والمداهمات والصولات التعسفية والوقائية والإحترازية والتحقيقية والضبطية بلا ضابط وبلا رادع وفي أي وقت وفي أي مكان وبأي كيفية وبمبرر ومن دونه وأخذ ألف بريء لمعرفة متهم واحد لن يعترف وسيعترف البريء! وأخذ الطفلة بجريرة ابوها والزوجة والاخت بجريرة زوجها او اخوها ( و وصل الأمر إعتقال الإنسان إذا ما وجد خارج محافظته؟!) …
فكيف من يتسلى بأغتصاب الرجال والنساء على حد سواء ومن يثقب الإنسان بالمثقاب ومن يشوي الجلود ويقطع اللحم ويكسر العظام . فكيف من لا ضابط ولا رادع له ولا يهمه كبير أو صغير مسئولا كان أم فقير بل هو فوق المسألة والقانون …
أي مدمر هذا لكل معاني الإنسانية وكل الأعراف والسياسية. وكل القوانين الأرضية والسماوية بل هو مدمر للدين والحضارة والثقافة انه وحش متجبر بما منح له من سلطة غير شرعية ودعم من سلطة ترتدي ثوباً ديمقراطياً وإستغلاً متوحشاً لتلك الأجهزة الغبية السرطانية لمآرب سياسية ومصلحية وطائفية وحزبية ؛ وما التظاهرات الأخيرة إلا صناعة تلك الأجهزة وإن جاءت متأخرة وكل هذا هو من ردود أفعال من تسلطت عليهم تلك الأجهزة إضافة إلى فقدان التوازن الحكومي المطلوب أما بقية الحقوق فهي حقوق يشترك بها كل العراقيين من أقصى العراق إلى أقصاه .
لأجل كل هذا وذاك لابد من إصلاح الأجهزة الأمنية لإعادة الحقوق المنتهكة والمسلوبة لإهلها وإيقاف التدمير الكبير للعملية السياسية الحالية والتدمير للوحدة الوطنية وبنية الشعب العراقي والتدمير للقوانين والأنظمة والتدمير للإنسان وحقوقه الذي أقرتها المواثيق والأنظمة الدولية فما هو السبيل لذلك :
١ . تفعيل القوانين الضابطة والمحددة لحركة تلك الأجهزة وتحديد صلاحياتها عبر قوانين ضابطة (قانون عاجل يصدره البرلمان) بدعوة من وزارتي الدفاع والداخلية ورئاسة الوزراء يحدد صلاحياتها وقوانين حركتها وضوابط الإشتباك ويؤكد حياديتها وإلتزامها المطلق بقوانين وإتفاقيات حقوق الإنسان المحلية والدولية .
٢ . تحديد صلاحيتها الضبطية فقط (ضبط وإحضار) أمام القضاء دون أي صلاحية تحقيقية ودون أي صلاحية إعتقال أو سجن ويترك كل ذلك للقضاء ولقضاة مختصون وبحضور محامي عن المتهم وحقه في معرفة السلطة الضبطية والقانونية التي يمثل أمامها وأسم القاضي المحقق (قاضي التحقيق) ومكان الإحتجاز ودون أي تدخل من سلطة الإعتقال والضبط والإحضار (الأجهزة الآمنية) ؛ وكل ذلك معمول به في كل الدول المتحضرة وتم أعتماده أخيراً في جمهورية مصر العربية (كواحدة من ثمار الثورة).
٣ . إعادة الخبرات والكفاءات الأمنية والعسكرية إلى كل التشكيلات الأمنية وتفعيل قوانين وأنظمة الترقية ومنح المناصب القيادية ؛ وإحالة ضباط “الدمج” من الحزبين إلى التقاعد أو إحالتهم إلى الدوائر المدنية وتنقيتها من المفسدين والمجرمين والمتخلفين والمرضى النفسيين.
٤ . إعادة التوازن الإجتماعي إلى كافة تشكيلات الأجهزة الأمنية ومنع إقتصار أي وحدة عسكرية على مكون إجتماعي واحد ؛ وإعادة الإعتماد على الأجهزة الأمنية المحلية والغاء وزارة الداخلية وإبقاء وزارة الدفاع كوزارة فدرالية “مركزية” وتفعيل دور السلطات الإقليمية والمحلية في بسط النظام
٥ . قيام الضباط وقادة الأجهزة الأمنية بتقديم تعهد خطي عبر دوائرهم ومراجعهم يتعدون فيه بإحترام حقوق الإنسان وعدم الإعتداء عليه بأي شكل يخل بإنسانيته ؛ و أن ليس من صلاحيته الحكم على أي متهم يتم القبض عليه من قبله وإن ذلك من صلاحية القضاء حصراً ؛ ويتعهد بتطبيق كافة بنود مواثيق حقوق الإنسان الدولية والمحلية .
٦ . يمنع على كافة الأجهزة الأمنية إلقاء القبض على أي متهم إلا بقرار من قاضي وبموجب مذكرة رسمية منه ؛ وأن تعطى نسخة من (مذكرة إلقاء القبض) لذوي المعتقل حال إعتقاله أو تعطى لمختار المحلة أو مركز الشرطة في المنطقة إذا لم يكن ذوي المعتقل متواجدين في مكان وزمان الإعتقال ولذويه ولمحاميه الحق في أخذ نسخة منها متى شاءوا يذكر فيها سبب الإعتقال ومادته وجهة الإعتقال و وقته وأسم القائم بالإعتقال .
٧ . حل كافة الأجهزة الأمنية غير القانونية وغير الشرعية وإعادة تشكيلها بموجب الدستور والقوانين المرعية و التصويت من خلال البرلمان على كافة القادة العسكرين بموجب ما شرعه الدستور العراقي الحالي وإعطاء الأهمية الكبرى لتلك القيادات لتاثيرها المباشر على حياة المواطنين وكرامتهم وبما يخول القانون تلك القيادات من سلطات إستثنائية
٨ . تجميد وسحب يد كل الضباط والقادة الذين اتهموا بتهم تتعلق بحقوق الإنسان أو إي جريمة أخرى ولحين البت بها من قبل القضاء .
٩ . منع الأجهزة العسكرية والأمنية من إنشاء سجون أو معتقلات داخل وحداتهم العسكرية أو الأمنية لإحتجاز المدنيين بما يتجاوز اربعة وعشرون ساعة يمكن تمديدها من قبل القاضي ولا يمكن أن تجدد إلا في سجون مدنية خاضعة لسيطرة وإدارة وزارة العدل وخاضعة للتدقيق والرقابة البرلمانية وبموجب القانون
١٠ . إخضاع كافة السجون والمعتقلات للرقابة من قبل البرلمان و وزارة الصحة و وزارة حقوق الإنسان ومنظمات حقوق الإنسان بموجب قوانين ضابطة ومعتمدة وبالشكل الذي يحقق الشفافية والنزاهة ويضمن  الإلتزام بحقوق الإنسان وحقوق المتهمين بموجب القوانين المرعية ويجعل تلك لأماكن تحت رقابة الشعب للحد من التعسف والجهل بحقوق الإنسان الذي تمتاز بها الأجهزة الأمنية الحالية
وأخيراً هل تريدون نزع فتيل أزمة التظاهرات الحالية إصلحوا الأجهزة الأمنية وأجعلوها صمام أمان للمواطن و إن أدعى البعض أنها كذلك أقول إن المواطن السني لا يشعر بذلك بل يترقب المداهمات العشوائية في كل لحظة ؛ وتأكدوا أن المطالبة بإسقاط لنظام هي تعبير آخر عن إسقاط التعسف والإرهاب الأمني ليس للإرهابيين بل لشريحة كبرى من الشعب العراقي ؛ وتأكدوا ثانياً أن هذا التعسف لن يقف عند هذه الشريحة بل سيتحول إلى عرف أمني بغيض يتاجر بكرامة الناس وأمنهم وشرفهم ومصالحهم فعالجوه وحضروه قبل أن يمتد إليكم !

[email protected]