بعد سقوط نظام صدام، القائد الأوحد للعراق، في زمن تكميم الأفواه، إستبشر العراقيون خيراً، بقدوم عصر الديمقراطية الجديدة، التي ستحمل لهم الخير الوفير، لكن حقاً ما صدم به، هؤلاء الفقراء والبسطاء، وهم الأكثرية الساحقة في البلد، بوجود أكثر من طاغية، وقاتل، وفاسد، مع ذلك لم تترك التجربة الحديثة، أثراً على حياتهم، وباتوا يعلمون بعد عقد ونيف، من الدماء والأشلاء، بأن صبرهم قد ينفذ، وكأن رجال السياسة جاءوا من كوكب آخر، وما علينا سوى أن نمنح صوتنا لهم، أيام الإنتخابات ليس أكثر!
عانينا كثيراً، ودفعنا ثمن المعاناة، من أبنائنا، وأموالنا، وأمننا، فصبرنا لأننا مؤمنون، بأن للحرية ثمن، ولكن عندما تتحول الحرية، الى سلعة يتاجر بها رجال، تسلقوا فوق أكتافنا، وبإسم الحرية، ويتحكمون بحياتنا التي أصبحت لا تطاق، فهذا فوق المعقول.
الحشرات السياسية الزاحفة، نحو عملية التغيير، ترغب في ألا يمس الإصلاح مصالحها، وتريد الإحتفاظ بكل مكاسبها، حيث لا تشبع ولن تشبع، من المال الحرام، وفيما بينهم يقولون، فلنعش أيامنا بروعة السلطة والنفوذ، ولا تهمنا هموم المتشكين والباكين، الذين أصبحوا متظاهرين معتصمين، فنسي سياسيونا الأجلاء، أن شيخوخة مناصبهم آيلة للسقوط.
اليوم نجد أن المعتصمين، قد أحرجوا رئيس الوزراء، الذي أمسى عاجزاً، مكبلاً بقيود كتلته، وحزبه، ومستشاريه، فلا يكاد يفقه شيئاً من الإصلاحات، ويتنقل بين مفردات، كان من المفترض أن يقوم بشرحها، مستوفياً شروط هؤلاء، مَنْ سيجلبهم للعمل، في حكومته التكنوقراطية الجديدة، والتي يتمنى الشعب ظهورها، ولو ملامح بسيطة منها.
الحقيقة والعدالة، وتحقيق مطالب الأكثرية، المعتصمة في الشارع العراقي، تمثل جميع مكونات الشعب، الذي أمضى آلاف السنين، متآخياً جنباً الى جنب، معاصراً سراؤه وضراؤه، بالوحدة، والتكاتف، والتعايش، والتسامح، إذن لما هذه العزلة، عن القرار السياسي؟ ثم أن هؤلاء المستشارين يمثلون مَنْ؟ واللجان تعود لأي حزب؟ إذا كان الشعب لم يصرح لهم، بالتفاوض والإختيار، أفتونا إن كنتم للرؤيا صادقون.
ساسة الصدفة من حزب الدعوة، الذين تسنموا المناصب المهمة بالدولة، أصبحوا بلا معجزات، وها هي الإعتصامات، ملأت الشارع العراقي، وما زال العبادي يراوح مكانه، فهل يريد رئيس الوزراء، الدخول للمنطقة الخضراء، بعدها سيتناقش مع المعتصمين، وتنقلب الى مدينة حمراء، ألا يجدر برفاق الحزب الواحد، وقائدهم الضرورة، أن ينتبهوا لحالة الغليان السياسي، الخاص بالإصلاحات؟ وهل سيجري وفق معايير النزاهة، والكفاءة، والمهنية، لكل مستقل في حينها؟ الأيام ستكون الفيصل، بين الشعب والحكومة.
ختاماً: إن مستقل تكنوقراط، شخص لا وجود له، في العملية السياسية، لأنه سيموت سريعاً، خائفاً من الخوض بخفايا الملفات الخاصة بالوزارات، التي تبدو أنها مرهونة بصفقات ومهاترات، وهم أيضاً لا يدركون مخاطر، عالم السياسة العراقية، المرتبط بأجندات الشركاء الآخرون في الوطن، ودول الخليج، والدول المجاورة، والغرب وأمريكا، وشيطانتها إسرائيل، وهذا كله مخلفات ممَنْ سبقهم بإدارة الحكومة.