ان القول في شرعية وصحة الاجراءات التي يقوم بها العبادي محل نقاش، وهي ليست حقيقة او حجة بيد من يصرحون بها حتى لو كانوا يحملون صفة خبير او مستشار قانوني او محامي او دكتور في القانون، وما دفعني في الكتابة في موضوع الإصلاحات، هو ما اطلقه المحامي طارق حرب (زميلي وصديقي) من تصريحات منذ بدء الإصلاحات، متناقضة ولاحظته ينتقد البرلمانيين بمقال لكثرة ظهورهم الإعلامي، وطارق حرب لديه حضور وبيانات في الاعلام المرئي والمقروء والمسموع (اكثره لقاء اجر)، لا تقل عن اكثر البرلمانيين ظهورا بالأعلام في حين ان عمل المحامي لا يتجانس ولا يتلاءم مع دخوله المعترك الإعلامي، وفي كل صغيرة وكبيرة وبخاصة الأمور السياسية ذات البعد المليشياوي؛ لأنها قد تؤدي الى نتائج عكسية، وفي دعوى الصحفي منتظر الزيدي كنت والسيد نقيب المحامين نتولى زمام رئاسة هيئة الدفاع عن منتظر الزيدي، وقد توكل طارق حرب عن منتظر الزيدي واخذ يصرح بطريقة لا تنسجم مع عمل هيئة الدفاع عن منتظر الزيدي التي كانت في وقتها دعوى خطرة ومعقدة وذات بعد سياسي ودولي لتعرض رئيس اكبر دولة عظمى برميه بالحذاء، ونحتاج الى حسن تصرف وسرية بالعمل، وطلب مني نقيب المحامين ان اطلب منه الالتحاق بالهيئة، لكنه رفض وغادر المانع الادبي الذي يحتم عليه انضمامه لهيئة يرأسها نقيب المحامين وهو محامي مسجل في النقابة، واخبرني بانه سيفجر قنبلة في يوم المحاكمة، ولم اعر أهمية لكلامه لأني اعرف طريقة عمله جيدا، ولان الدعوى ليس فيها ثغرات قانونية لم ندرسها، وفي يوم المحاكمة تعرض زميلي طارق حرب لكلام جارح من اخوة منتظرالزيدي لان توكيله كان بدون علمهم وطلبوا منه مغادرة المحكمة وحاولوا الاعتداء عليه لكني منعتهم وحميته، وفي المحاكمة قدم دفوعا معلومة، ولم تعر المحكمة لها أهمية، وغضب طارق حرب وغادر المحاكمة، بعد مشادة كلامية مع رئيس المحكمة، وبعدها بفترة طلب مساعدتي في دعوى لقاء اجر مثبت عندي في ورقة لكنه لم يفي بالتزامه، وبقى صديقي واسال عليه ولا يسال علي وعندما طرق سمعي انه في السليمانية بسبب امر قبض صدرعليه من المحكمة الجنائية العليا بدعوى جزائية حركها النائب صباح الساعدي، وعلمت انه مريض، أرسلت له رسالة هاتفية ولم يجبني كما هي سياقات الرسائل، فعندما ترسل رسالة لشخص وقور من الاخلاق والآداب العامة ان يجيبك ولو بكلمة، ومعذور، ويبقى صديقي وزميلي، المهم نعود لعنوان مقالنا ونسطر في ادناه تصريحات المحامي طارق حرب وحسب تواريخها، وما ندونه بصددها، وفق ما يلي:
أولا– صرح طارق حرب في 9/8 / 2015عراق برس، ان” قرارات رئيس الوزراء حيدر العبادي …والغاء المناصب العليا لا تحتاج مطلقا لموافقة مجلس النواب…. ولا تحتاج ايضا الى موافقة مجلس الوزراء”
وهذا مخالف للدستور والقانون لانتفاء أي صلاحية لرئيس مجلس الوزراء بإلغاء أي منصب ولم ترد كلمة الغاء في قانون او دستور والصلاحية في الدستور معقودة لمجلس الوزراء وليس لرئيس المجلس، ولرئيس مجلس الوزراء اقالة الوزراء ولا تكون نافذة الا بعد تصويت مجلس الوزراء والبرلمان عليها(المادة 78) من الدستور، وحددت صلاحيات رئيس مجلس الوزراء، وجعلته المسؤول التنفيذي المباشر للسياسة العامة للدولة، والمادة (80) من الدستور حددت صلاحيات مجلس الوزراء.
وهناك تصريح سابق لطارق حرب يعزز ما ذكرناه حيث انتقد وجود “رئيس وزراء ليس له الحق في حل البرلمان إلا بموافقة رئيس البلاد، وليست له إقالة الوزراء إلا بموافقة مجلس النواب”.
ثانيا – صرح طارق حرب في 11 اب 2015 ان “صفة نواب رئيس الجمهورية، ورئيس مجلس الوزراء، أصبحت سابقة بعد موافقة مجلس النواب على حزمة الاصلاحات الحكومية والنيابية”. مشيرا الى انه “لا يمكن حضور هؤلاء الى الاجتماعات الرسمية في دوائرهم كونهم لم تعد لهم صفة وظيفية او قانونية”.
وهذا الكلام غير دقيق لأنهم يبقون في مناصبهم وصفتهم الوظيفية ما لم يصوت على اقالتهم من قبل البرلمان الا إذا طلبوا هم الاستقالة، وتأكيدا ان النواب الثلاثة للرئيس يواصلون مزاولة اعمالهم اليومية، وقرار رئيس الوزراء بإلغاء مناصب نواب رئيس الجمهورية مخالف للدستور، وإذا قصد الإقالة فيحتاج الى الغاء قانون نواب رئيس الجمهورية رقم 1 لسنة 2012، وبطلب من رئيس الجمهورية على ان يبقى أحدهم طبقا للدستور.
ثالثا-وفي يوم 12/09/2015 اكد طارق حرب:(ان رئيس الوزراء حيدر العبادي مسؤول دستوريا عن الدولة بأكملها وليس عن السلطة التنفيذية أو الحكومة أو مجلس الوزراء فقط،..) وبين حرب انه “ووفق هذه المادة الدستورية(78) فإنها تعطي لرئيس الوزراء صلاحية رسم واقرار السياسة العامة لمجلس النواب وكذلك لرئاسة الجمهورية لان الدولة تشمل جميع هذه السلطات”. مبينا ان ″قرار رئيس الوزراء بإلغاء هذه المناصب أمر لا يخالف القانون والدستور وعلى معصوم الاستجابة لهذه القرارات كونها صدرت من صاحب السلطة العليا في الدولة″
وهذا الكلام مجافي لأبسط القواعد الدستورية والقانونية، بخاصة ان الدستور العراقي النافذ اقر نظاما دستوريا برلمانيا قائما على توزيع السلطات واحترام كل سلطة اختصاصات ومهام السلطة الأخرى وليس هناك مصطلح في الدستور والقانون اسمه(سلطة عليا او الغاء مناصب)، ان الاستناد على المادة 78 من الدستور في شرعية وصحة الاجراءات التي يقوم بها العبادي ليست حقيقة او حجة، لان الدستور العراقي قام على مبدأ واساس واحد هو تفتيت السلطة وتوزيعها بين عدة اشخاص ومؤسسات وهيئات بحيث يمنع أو يحول في ان تتركز السلطة بيد شخص او جماعة؛ ورئيس الوزراء يرأس مع رئيس الجمهورية بموجب المادة(66) السلطة التنفيذية ولا يجوز لأي رئيس سلطة ان يتجاوز على صلاحيات رئيس سلطة أخرى، اما ما ورد في نص المادة 78 من الدستور بانه المسؤول التنفيذي المباشر عن السياسة العامة للدولة، ويعمل ما يريد تحت هذا العنوان، فان ذلك فيه اسقاط لمبادئ وروح الدستور، لا سيما ان تخطيط وتنفيذ السياسة العامة للدولة معقودة لرئيس مجلس الوزراء بموجب المادة(80) من الدستور، والسياسة العامة للدولة وتنفيذها لا تستقيم مع التجاوز على صلاحيات رئيس الجمهورية او صلاحيات مجلس النواب او السلطة القضائية، لان في ذلك نسف لمبدأ استقلالية القضاء، وتأسيس لفوضى دستورية وقانونية وإدخال البلد في حالة طوارئ بدون موافقة البرلمان، وتنفيذ السياسة العامة قطعا ويقينا لا يتقاطع مع القواعد الدستورية التي اقرها الدستور، فلا يجوز تنفيذها بإلغاء مناصب دستورية، بل بالتعاون بين السلطات الثلاث لرسمها، والدولة العراقية ليست محصورة بشخص رئيس الوزراء؛ بل ان من يمثل الدولة ورمز سيادتها رئيس الجمهورية بموجب المادة 67 من الدستور، ونظرية طارق حرب خارج مضامين الفقه الدستوري، حيث يذكر ان عناصر الدولة ثلاثة وهي (ارض الدولة وشعب الدولة وسلطة الدولة.. وبذلك فان رئيس الوزراء وبحكم المادة السابقة وبحكم القانون الدولي …. يعتبر مسؤولا عن جميع سلطات الدولة سواء كانت هذه السلطات تشريعية او تنفيذية او قضائية، وان نظام الحكم نظام برلماني نيابي).
وهذا الكلام ليس له أسس قانونية او دستورية صلدة، وان مبدأ الفصل بين السلطات يكون في أروع صوره في النظام البرلماني فكيف يكون النظام البرلماني متغول ومتسلط ولاغي لكل السلطات تحت ذريعة ان رئيس مجلس الوزراء المسؤول التنفيذي لسياسة الدولة العامة، ورئيس الحكومة مهمته الأساسية تنزيل مضامين الدستور تجسيدا لـ”لإصلاح” الذي انخرط فيه العراق، والذي اذا تجاوز شكلية التعديل الدستوري، فان الشعب العراقي يكون في ظل دولة مؤسساتية ويصبح الشعب يرفل فيه بالحقوق والحريات والعدالة الاجتماعية والتداول الحقيقي على السلطة.
وهل تنفيذ سياسة الدولة تجعل رئيس مجلس الوزراء يتصرف وكأنه صاحب السلطات الثلاثة ويقوم بإلغاء مناصب دستورية وفق مشيئته؟
هذا معناه، ان من صلاحية السيد العبادي وتنفيذا للسياسة العامة للبلد ان يقيل مثلا رئيس السلطة القضائية أو رئيس الجمهورية لان وجودهم حسب فكر السيد العبادي فيه ضرر على السياسة العامة للدولة؛؛؛؛ وهذا وغيرها لا يدخل ضمن مفهوم تنفيذ السياسة العامة للدولة بل انها نسف لمرتكزات الدولة والثوابت العامة للدستور.
ان الغاء بعض المناصب فيه مخالفة للقانون ولمبادئ الدستور والأصل قانونيا إن القانون لا يلغى إلا بقانون كما إن القانون لا يكون نافذا إلا إذا توافق مع الدستور حسب مبدأ دستورية القوانين، فكيف يتم الإصلاح بمخالفة القانون والدستور، وليس هناك نظرية او اجتهاد دستوري يسعف تلك الاقاويل، ولم أجد تجربة في اي دولة قام رئيس مجلس الوزراء بالوضع الطبيعي للدولة؛ بإلغاء كافة السلطات او الغاء مناصب دستورية وقام بما يشرعنه طارق حرب.
رابعا- وصرح طارق حرب أيضا، ان “موافقة مجلس النواب على الاصلاحات لا تحتاج الى مصادقة رئيس الجمهورية ولا يحق له الاعتراض عليها وحتى لو كان ذلك فهي لا تحقق اية نتيجة”، وقال حرب في تصريح لوكالة أنباء براثا ان ″إعفاء نواب رئيس الجمهورية وبموجب القانون مناط به وهو صاحب قرار إعفائهم والغاء مناصبهم″، وفي تصريح اخر وصف الرئاسة بانها لديها تمرد على إصلاحات العبادي، مشيرا الى ان ″عدم تعاون رئاسة الجمهورية يدخلها في متاهات هي في غنى عنها″. ولا اعرف هل نحن في انقلاب عسكري حسب وصف طارق حرب وهل اعتراض رئيس الجمهورية على الغاء مناصب نوابه، واصلاحات لم يسمع بها الا من خلال الاعلام يسمى تمرد، وأنها ستدخل الرئاسة في متاهات لا غنى عنها؛ كل ذلك بسبب اعتراضها على صلاحية منوطة بها؛ وإعفاء واقالة نواب رئيس الجمهورية وبموجب الدستور والقانون(قانون نواب رئيس الجمهورية المرقم 1 لسنة 2011) مناط برئيس الجمهورية حصرا؛ وهو صاحب قرار إعفائهم(لا الغاء مناصبهم) ولن يكون الاعفاء(الإقالة) متاحا لرئيس الجمهورية ما لم تكن اسبابه حاضرة وقطعية، وليس من حق رئيس الجمهورية الغاء مناصب جاءت عن طريق الدستور وتم التصويت عليهم بالبرلمان، وليس هناك مفردة في الدستور مضمونها الغاء مناصب، ولا اعرف وفق أي نص قانوني يسمي طارق حرب الاعتراض (ان وجد) تمرد، ولماذا لا يجوز له الاعتراض؟ هل هناك نص يمنع رئيس الجمهورية من حق الاعتراض على الغاء مناصب نوابه بطريقة مخالفة للدستور وفيها اسقاط لهيبة رئيس الدولة ورمز سيادتها؟
وقد كتب طارق حرب مقالة (اكثر مقالته عبارة عن بيان صحفي) في وكالة نون في 21 تموز 2014 نقتطف منها ما يعزز كلامنا ((..بعد ان كثر عدد المرشحين لمنصب رئيس الجمهورية والذي حدد البرلمان يوم 23/7/2014 موعدا اوليا للنظر في انتخابه .. مما يقتضي ذكر احكام هذا المنصب…وهي: –
4-يشترط تحديد تسلسل نواب رئيس الجمهورية عند الترشيح والتصويت او على الاقل تحديد النائب الاول لرئيس الجمهورية وذلك لأن القانون اوجب حلول النائب الاول محل رئيس الجمهورية عند خلو منصب الرئيس لأي سبب كان …)) انتهى
هذا ما كتبه زميلي طارق حرب، والذي يؤكد على ضرورة وجود نائب لرئيس الجمهورية لا كما قاله في تصريح له بأن (.. رئيس الجمهورية لا يحتاج لنواب ومن الممكن ان يستأنف صلاحياته ومهامه بعد عودته من السفر او الغياب لأي سبب يمنعه من مزاولة عمله، لأنه من الناحية الواقعية والدستورية والقانونية ليس هنالك اي اشكال في ذلك) واضاف:” ان المادة 75/ رابعا، من الدستور اعتبرت رئيس البرلمان رئيسا للجمهورية عند خلو منصب رئيس الجمهورية في حالة عدم وجود نائب له، ولو كان منصب نائب رئيس الجمهورية وجوبيا بحكم الدستور لما منح الدستور رئيس البرلمان منصب رئيس الجمهورية عند الخلو، بحيث يكون رئيسا للجمهورية وللبرلمان في ان واحد ولمدة قصيرة جدا..”، ان هذا التخريج القانوني خاطئ لان حالة الخلو غير حالة الغياب والخلو معناها استحالة عودة الرئيس اما بسبب الوفاة او المرض المزمن او الاستقالة وغيرها؛ اما الغياب فانه مؤقت اما بسبب السفر او تمتعه بإجازة وغيرها، وحلول السيد رئيس مجلس النواب محل الرئيس في حالة الخلو الحقيقي، ونذكر ان السيد الطالباني استمر غيابه بسبب مرضه لأكثر من سنة واستمر نائبه السيد الخزاعي بالقيام بواجبات الرئيس طيلة هذه الفترة ولم يحل رئيس مجلس النواب محله، وفي وقتها صرح طارق حرب في حديثه لـ«الشرق الأوسط» ليوم 12/فبراير 2014 «رئيس الجمهورية الآن بحكم الغائب عن ممارسة سلطاته بسبب المرض، ومن ثم فإن نائبه يتحمل المسؤولية الدستورية بالنيابة عنه، حيث إن صلاحياته تنتقل طوعيا إلى النائب… ولكن لو كنا في حالة فراغ دستوري فإنه لا بد في غضون شهر من تحمل رئيس مجلس النواب مسؤولية رئيس الجمهورية يجري انتخاب رئيس جديد»
(ولاحظوا الفرق والتناقض بين التصريحات) وله تصريح لشفق نيوز في 18/8/2015 يؤكد:
(.. ان على رئيس الوزراء ان يكلف أقدم وزير في الحكومة ليقوم بمهامه في حال سفره او غيابه..)
فكيف لا يجوز لرئيس الوزراء ان يبقى بدون نائب (مع العلم ان المادة 139من الدستور اوجبت وجود نائب لرئيس الوزراء لدورة واحدة فقط) ويجوز لرئيس الدولة ورمز سيادتها والساهر على ضمان الالتزام بالدستور ان يبقى بلا نائب؟ وتذكيرا، ان رئيس الدولة ليس لديه وزراء ليحل اقدمهم محله.
ان وجود نائب لرئيس الجمهورية اختياريا كلام ليس له صحة ومنافي ومناقض من ناحيتين:
الناحية الدستورية: يتعارض مع ـمادتين دستوريتين وهي:
الف: المادة 69 ثانيا (تنظم بقانون اختيار احكام اختيار نائب او أكثر لرئيس الجمهورية) وهذا يعني ان هذه الوظيفة منصوص عليها في الدستور ولا يمكن المساس بها الا وفق الاطر الدستورية، وتعني أيضا ان منصب نائب واحد للرئيس على الاقل جاء بنص دستوري وإلغاؤه لا يتم الا بتعديل الدستور، وان سن قانون لاختيار نائب او اكثر لرئيس الجمهورية ليس اختياريا، والاختيار فقط معقود لرئيس الجمهورية بصدد عدد النواب اما وجود نائب للرئيس، فانه ملزم بموجب الدستور وليس اختياريا، وليس من حق رئيس الوزراء وحتى رئيس الجمهورية الغائها الا بتعديل الدستور وطرحه للتصويت العام، وقانون نواب رئيس الجمهورية رقم 1 لسنة 2011 يقضي بانتخاب نائب أو أكثر لرئيس الجمهورية والذي يقترن قبولهم أو إعفاؤهم من المنصب بموافقة رئيس الجمهورية ومجلس النواب، والقانون خالي من أي نص يعطي صلاحية للرئيس بالعمل دون نائب نهائيا.
باء: المادة 75/ ثانيا (يحل نائب رئيس الجمهورية محل الرئيس عند غيابه)
المادة 75/ ثالثا (يحل نائب رئيس الجمهورية محل رئيس الجمهورية عند خلو منصبه لأي سبب كان)
اكدت الفقرتين على حلول نائب رئيس الجمهورية محل الرئيس عند غيابه وعند خلو منصبه.
مع العلم ان الإقالة لأي نائب يجب ان تتم بناءا على أسباب قانونية ودستورية، وعند عدم توافرها لا يجوز اقالة أي نائب رئيس جمهورية، كونه منصب دستوري، وبالتالي لا يمكن إلغائه مطلقا، إلا بعد تعديل المادة 75 من الدستور العراقي ووفق الالية التي رسمتها المادة 126 من الدستور.
فكيف لا يشترط الدستور وجود نائب لرئيس الجمهورية؟
الناحية القانونية: ان قانون نواب رئيس الجمهورية رقم (1) لعام 2011 والنظام الداخلي لنواب رئيس الجمهورية رقم 1 لسنة 2014 المنشور بالوقائع العراقية بالعدد 4336، قد رسم معالجات قانونيه في مسالة الإقالة ولم يرد فيه لفظ الإلغاء نهائيا، حيث اكدت(المادة 5/ رابعا) من القانون المذكور، لرئيس الجمهورية قبول استقالة نائبه واعلام مجلس النواب بذلك على ان يختار نائبا له خلال 15 يوما من تأريخ قبول الاستقالة أو يطلب رئيس الجمهورية من مجلس النواب اعفاء نائبه على ان يكون الطلب مسببا، ويصوت عليه المجلس بأغلبية عدد الأعضاء، وهذا مانصت عليه (م5/فق2) من القانون، اما الفقرة 3 من نفس المادة جوزت للمجلس مسائلة النائب بناء على طلب مسبب بالأغلبية المطلقة لأعقائه، ومنح القانون نائب رئيس الجمهورية الاول سلطة الحلول محل رئيس الجمهورية عند خلو المنصب، ورئيس الجمهورية ملزم بتحديد النائب الاول له من بين نوابه، وان ذكر المادة 75/رابعا من الدستور من قبل طارق حرب والاستشهاد بالفقرة رابعا وترك ثانيا وثالثا وعد رابعا الزامية وثانيا وثالثا ليست الزامية، يٌعد تزويق ومغالبة في الالتفاف على نصوص الدستور لاسيما هناك اسبقية وردت في ثانيا وثالثا لا يمكن القفز عليهما والذهاب الى رابعا لأجل إعطاء مشروعية لما يقوله طارق حرب، وواجب رئيس الدولة لا يقل خطورة عن واجب رئيس الوزراء في دولة القانون؟
ان اقالة وليس الغاء مناصب نواب الرئيس يمس رئيس الجمهورية ويحتاج إلى اخذ موافقته في هذه الاصلاحات وبالتالي يجب أن تكون هناك رسالة من قبل الرئيس فؤاد معصوم إلى البرلمان بصدد اقالة نوابه، ومجلس الوزراء ينتهك الدستور بإلغاء مناصب نواب رئيس الجمهورية، ووفقا لقانون نواب رئيس الجمهورية، رقم 1 لسنة 2011 النافذ، فإن إعفاء نواب الرئيس يتم إما بطلب يقدمه رئيس الجمهورية إلى مجلس النواب لإعفاء أحد نوابه، او مساءلة البرلمان لنائب الرئيس ومن ثم التصويت بالأغلبية على إعفائه من منصبه.
والخلاصة: لا يجوز ان يكون رئيس الجمهورية بدون نائب يحل محله في حالة غيابه لأي سبب او خلو منصبه، والسؤال هنا إذا غاب الدكتور معصوم فترة طويلة هل يبقى البلد من دون رئيس؟
خامسا-عند تصويت مجلس الوزراء في 15/9/ 2015 على مشروع قانون إلغاء مناصب نواب رئيس الجمهورية وأحالته إلى البرلمان، عاد طارق حرب عن تصريحاته بطريقة مكشوفة وبعيدة عن الواقعية حينما اكتشف غلطه الفاحش السابق وصرح في بيان:” ان تصويت مجلس الوزراء بالموافقة على مشروع قانون الغاء منصب نائب رئيس الجمهورية، وارساله الى مجلس النواب لتشريعه هو خطوة جيدة، جاءت تنفيذا لأول حزمة في الاصلاحات الجديدة..”.
ولكي يبرر زميلي طارق حرب ما وقع فيه من مطبات قانونية ودستورية، حاول ايهام الاخرين بانه قصد الإلغاء ولم يقصد الاعفاء، وبذلك اوجد لنا تبرير ليس له ادنى ما يزكيه من الوجهة القانونية او يصدقه من الناحية الدستورية حينما قال، ان(( القرار الاصلاحي الذي اصدره رئيس الوزراء كان يتضمن الغاء منصب نائب رئيس الجمهورية ولم يتضمن اعفاء نائب رئيس الجمهورية، لكي لا يتداخل قرار الالغاء الذي اصدره رئيس الوزراء مع قرار الاعفاء الذي خوله القانون السابق في المادة(الخامسة) منه لرئيس الجمهورية على نوابه، فالإلغاء في القرار الاصلاحي يختلف عن الاعفاء في النص القانوني، وذلك يعني ان رئيس الوزراء مارس سلطته المقررة بالمادة 78من الدستور الخاصة بمسؤوليته عن السياسة العامة للدولة، ما يؤكد دستورية وقانونية قرار الالغاء الذي اصدره رئيس الوزراء))
وهو بذلك كمن يقوم بطلاء جسر من جهة الشط السفلى، لا تراه سوى الأسماك، ومحاولة طارق حرب إظهار هذا الإجراء بأنه قانوني وغير مخالف للدستور، امر غير مستساغ قانونا، ولا يجوز الدوران حوله.
كان امام رئيس مجلس الوزراء طريقاً أكثر دستورية وفعالية وديمقراطية، باللجوء الى قانون الدفاع عن السلامة الوطنية المعروف بقانون الطوارئ رقم (1 لسنة 2004) ولا زال نافذا، او الاستناد الى المادة 61/تاسعا (وهو الأفضل)، الخاصة بإعلان حالة الطوارئ في البلاد، انطلاقاً من الحرب ضد “داعش” الى حالات الفساد والازمة المالية والاقتصادية وغيرها؛ فالإجماع الذي حصل عليه في “حزمة الاصلاحات” كانت ستسمح له بالحصول على تأييد اغلبية الثلثين لمجلس النواب، والفقرة (ج) من المادة 61 التي تنص “يخول رئيس مجلس الوزراء الصلاحيات اللازمة التي تمكنه من ادارة شؤون البلاد في اثناء مدة اعلان الحرب وحالة الطوارئ وتنظم هذه الصلاحيات بقانون، بما لا يتعارض مع الدستور” فيمكن طلب الصلاحيات التي عرضت في الورقة، بل أكثر منها، وتكون موافقة مجلس النواب بمثابة القانون الذي يخوله ذلك، ولكن تحت سقف الدستور والقوانين النافذة والاتفاق السياسي المصوت عليه.
ننوه، ان المادة 86 من الدستور توصي بتنظيم قانون ينظم عدد الوزارات وصلاحيات كل وزير واختصاصات الوزارة، وهذا القانون معطل بسبب الإرادة السياسية، وان إلغاء وزارات ودمج وزارات مع بعضها عملية معقدة تحتاج إلى الوقت وتحتاج أيضا إلى إلغاء قوانين، وتشريع قوانين إدارية جديدة كان يجب اتخاذها قبل تنفيذ هذه القرارات.
وفي الأخير؛ إن مجلس النواب اشترط عند تصويته على الإصلاحات الحكومية ضرورة أن تكون منسجمة مع الدستور والقوانين النافذة، والتصويت على الاصلاحات دون الاشارة الى الخروقات فيها قصديه يشوبها التشويش على تطبيقها لاحقا والطعن فيها واثارة مشاكل وخلافات في المحكمة الاتحادية لها اول وليس له آخر.
وان اي اصلاح حقيقي وصحيح لا بد ان يستند اولا على الدستور الذي هو ضامن وحدة واستقلال العراق وعلى وثيقة الاصلاح السياسي التي على اساسها تشكلت الحكومة العراقية وضرورة اصدار القوانين المتفق عليها وعدم افراغها من محتواها، وعدم تجاوز مبدأ الشراكة والقيادة والمسؤولية الجماعية في ادارة الدولة.
وإذا كانت في الدستور عيوب او نواقص (وهو كذلك) فلا بد من اتباع السياقات الدستورية في تعديل والغاء مواده وليس من خلال الطلب من الشعب.
وعذرا لزميلي طارق حرب لكننا أردنا فقط تصويب الأمور قانونا وتصحيحها دستوريا والله من وراء القصد.