ينشغل الشارع العراقي الان، بالاصلاحات التي اعلن عنها رئيس مجلس الوزراء حيدري العبادي، في كلمته التي وجهها لمجلس النواب،طالبا منه ، اختيار وزراء تكنوقراط واصلاحات سماها (بالجوهرية)،في عملية هروب الى الامام والقاء المسئولية على مجلس النواب ،علما ان تغيير الوزراء من صلاحيته الدستورية ، وقبل ان ندخل في تفسير تهرب العبادي وتخليه عن مسئوليته الدستورية في اختيار وزراء اكفاء وتكنوقراط من خارج الاحزاب الطائفية ، علينا توضيح لماذا التغيير الوزراي بهذا التوقيت ، وهل هو تنفيذ اوامر امريكية تلوح بها ادارة اوباما ،من خلال تسريبات اعلامية تقلب العملية السياسية رأسا على عقب ،ربما هي خيالية للبعض ،نقول اننا نعرف تماما ان اصلاحات حيدر العبادي، ماهي الا ترقيعات وتغييرات شكلية لاقيمة لها ابدا، طالما التغيير لايشمل بنية العملية السياسية الغارقة في الفساد، والا ما قيمة التغيير بالاسماء وتبديل الكراسي فقط ، في حكومة يتحكم فيها شخصيات وكتل واحزاب طائفية فاسدة وفاشلة ، وان هذه التغييرات ليست تلبية مطالب شعب خرج ليغير حكومة وليس وزير هنا او وزير هناك، الخلل ليس في الوزير الفاسد فقط الخلل يكمن في المحاصصة الطائفية ،وشكل الحكم الطائفي التحاصصي،الذي وضعه الحاكم بول بريمر لتفتيت وتدمير العراق وادخاله في فوضى الفشل والفساد والاحتراب الطائفي الى يوم يبعثون ،هنا تكمن ازمة الحكم، التي تسيد عليها احزاب طائفية وعمائم فاسدة وزلاؤها ليس للعراق ابدا ،هما النهب والسلب باموال الدولة وتهريبها الى الخارج ، وهذا ما اوصل البلاد الى الافلاس والانهيار الاقتصادي، مما اجبرها على بيع ممتلكات الدولة وقصور الشعب ،وخصخصة مشاريعها ، وقطع رواتب الموظفين واعلان حالة التقشف القصوى في كل شيء،لتقوم حكومة العبادي بالسفر الى دول العالم تستجدي الاموال لتمشية امور السلطة التي نخرها سرطان الفساد ، لذلك تأتي تغييرات العبادي في هزيع الحكومة الاخير ، وفي الوقت الضائع تماما ، لان الاوضاع لم تعد تحتمل الانتظار ، ومعالجة الحكومة بتبديل وزراء فاسدين بوزراء جدد من نفس الكتل والاحزاب ، وهي عملية ترميم لاجدوى منها لمرض السرطان ،الذي استشرى في اعماق الاحزاب والحكومة والكتل ، ولاشفاء منه ابدا الا بقطع جذوره ،واحالة المفسدين الى قضاء نزيه وقوي، وقلع الوجوه والاحزاب الفاشلة من المشهد السياسي كله، لانها هي سبب الفساد والفشل والخراب والقتل والتهجير وظهور داعش وغيره من ميليشيات طائفية خارجة عن القانون في العراق، باختصار لابد لقلع العملية السسياسية باكملها ،وفي مقدمتها الدسستور الطائفي المفخخ ، والغاء قرارات بريمر ، واجراء مصالحة حقيقية تشرف عليها الامم المتحدة ومجلس الامن والجامعة العربية ومنظمات دولية وحكومات غربية اخرى، كحل اوحد لانقاذ العراق او ما تبقى منه ، واعادته الى حضن الامة العربية ،بعد ان إختطفته الايادي والاحزاب الايرانية الموالية قلبا وقالبا لها ،اذن نحن ازاء مهمة مستحيلة تتطلب قرارات جريئة ومصيرية ، ولكن من يحقق هذه القرارات ، اعتقد من اوجد مسبباتها ، هو المعني الاول بتصحيح ما اقترفت اياديه ،من خطايا بحق شعب العراق، حين جلبت لنا احزابا فاسدة وطائفية ، واعتمدت على شخصيات عميلة لها ولاتاثير لها في الشارع العراقي، ولذلك حينما تسربت معلومات عن وجود حكومة معارضة تهيؤها واشنطن ، واجراءات لاحالة كبارالفاسدين والمجرمين والقتلة والطائفيين ،ممن اوغلوا والغوا في الدم العراقي ،وكانوا سببا من اسباب خراب العراق وتدميره واشعال الحرب الاهلية الطائفية ،الى هيئة نزاهة شكلتها ادارة اوباما خصيصا لهم ،او حل الحشد الشعبي بميليشياته الذي انشي بفتوى دينية، وحسبت عليه الكثير من الجرائم وعمليات التهجير والتطهير الطائفي والخطف والقتل على الهوية، وتهجير المسيحيين والمكونات الاخرى وغيرها ممن وصفهم حيدر العبادي (بالخارجين عن القانون) وانتقدهم في مؤتمر ميونخ الاخير بقسوة ،واعترف بجرائمهم ،هذه التسريبات وغيرها هي ما يحتاجه الشارع العراقي، لانقاذ العراق، فهل تتحقق على ارض الواقع، وتفرض امريكا حكومة وطنية جامعة لكل العراقيين ، اي حكومة غير طائفية، علمانية ،مدنية، مؤسساتية ، غير خاضعة لجهات او دول او مرجعية او طائفة يعينها، بعد ان فشلت الاحزاب الاسلاموية واسلامها السسياسي في ادارة السلطة لاكثر من عقد ونصف ،بعد الغزو واحتلال العراق، هنا تبرز الحاجة لكي نفسر احراج العبادي ووضعه في زاوية حرجة جدا وهي اما ابعادك واقالتك ،ممع وجود حكومة ظل معارضة وجاهزة من العسكريين لاستللام السلطة بانقلاب ابيض تشرف عليه ادارة اوباما وتعمل عليه منذ سنوات، او باجراء تغييرات حقيقية في بنية العملية السياسية، واحالة الفااشلين والفاسدين من الوزراء وغيرهم الى القضاء، وهذا ما حدا بحيدري العبادي برمي الكرة بملعب مجلس النواب ،ليتخلص من عبء المسؤولية والتحذيرات التي ابلغتها له واشنطن ،وتلويحها بتغييرات هي تفرضها عند الحاجة وقد سربت بعضا منها للشعب العراقي والرأي العام، اذن العبادي لايستطيع اكمال مهمة التغيير المطلوب امريكيا ، ولا باستطاعته مواجهة حيتان الاحزاب والكتل الذين هم من يرشح الوزراء على المحسوبين عليه ، فيتم فقط تبادل ادوار وتغيير وجوه واخراج وجوه، وهذا ما لايريده الامريكان، فماذا سيفعل العبادي وهوالعاجز ولايستطيع اغضاب ايران وولي الفقيه ،وهو ابن مؤسسة حزب الدعوة الايراني ومن قادته ، المهمة عسيرة عليه اذا لم تكن مستحيلة وهي اكيد مستحيلة فعلا، لذا فهو يهرب الى الامام بالقاء المهمة على مجلس النواب، فهل يستطيع مجلس النواب ان يقوم بالمهمة ، وتخذ قرارات مصيرية ،ويخرج لنا حكومة تكنوقراط بعيدا عن الاحزاب الطائفية والمحاصصة ، اعتقد لن يحصل هذا ابدا لان اساس التوافق طائفي وتحاصصي بنظام اسس لهذا الغرض، بمعنى ان تبقى العملية السياسية في صراع المناصب والمكاسب والمغانم وهو سر فشلها، ودمار وخراب البلاد ، ولهذا سمعنا ان هناك اصوات تدرك ما وصلت اليه العملية السياسية الفاشلة من نهاية مؤكد وانهيار وشيك جدا، فارادت ان تمسك حبل نجاة اخير فاظهرت لنا (وثيقة الوطنية )، كاجراء تنفيسي اخر وترقيعي اخر هي تعرف قبل غيرها لايتحقق ابدا ، لان من يقود العملية السسياسية يخضع لايران واوامر ولي فقيهها ، وشاهدتم كيف هرول(سنة السلطة واذلاؤها) قبل شيعتها، الى احتفالية سفارة طهران في بغداد امس ،وظهروا على الفضائيات مطأطئين رؤوسهم عارا وخجلا ، وكلماتهم التي قرأوها على منصة العار داخل السفارة يقطر من الخزي والخذلان ومجللة بالعار ، اذ نسيت او تناست دماء الشهداء في حرب الثمان سنوات واصرار الخميني على استمرار الحرب المجنونة تلك، وهكذا يبدو الامرفي غاية الصعوبة الا اذا تحققت التسريبات الامريكية وفعلها اوباما، وقام بتصحيح مسار سياستهم بعد الاحتلال، وانتاج حكومات فاشلة فاسدة اودت بالعراق الى قاع الجحيم ،وافراز تنظيم اخذ يشكل خطرا داهما على الامن والسلم في العالم كله وهو تنظيم داعش الاجرامي، والذي هو نتاج ومولود غير شرعي (كما هي الاحزاب الايرانية الطائفية الغير شرعية الولادة التي غزت العراق بعد الغزو الامريكي )، لسياسة نوري المالكي الطائفية خلال ثماني سنوات من حكمه الدموي الطائفي في العراق، كما اعترف بهذا الرئيس الامريكي اوباما نفسه ،اعتقد جازما ان ما تسرب سيتحقق عاجلا ام اجلا، بعد ان ييأس العبادي ومجلس النواب من اجراء اصلاحات حقيقية وتغييرات جوهرية لعملية سياسية اكبر من حجمهم، وهذا لن يتحقق الان الا بعد انهاء وجود خر داعش واستعادة الموصل بمعركة امريكية حاسمة قريبا ، عندها سيكون التغيير الامريكي واقعا ملحا ن وما على العبادي ومجلس النواب الا ان يطأطيء رأسه ويوافق على ما تمليه مصلحة امريكا في العراق، وينحسر النفوذ الايراني وميليشياته ، اما همبلات العبادي وتبجحاته باجراء اصلاحات من مجلس النواب وكأنه يطلب من (الحافي حذاء) ،ما هي الا هروب الى الامام ، واعلان فشل اخرله ولحكومته التي تشهد الانهيار الاخير …