تعد الإصلاحات المزعومة التي وعدت بها الحكومة العراقية عبارة عن جعجعة إعلامية يراد منها امتصاص غضب الشارع العراقي الذي انتفض على فساد الحكومة والكتل البرلمانية والأحزاب السياسية, وما نلاحظه إن الكتل البرلمانية والأحزاب استغلت موجة التظاهرات وركبتها بشكل واضح وعلني بما يتناسب معها ومع الدول التي تقف خلف تلك الكتل والأحزاب, فبعدما أحست تلك الكتل بأن الشارع العراقي مُصرّ على التغيير رأت إن الفرصة مؤاتية لتوسيع نفوذها الوزاري في الحكومة العراقية من خلال إكذوبة ” التكنوقراط ” وفي الوقت ذاته تظهر أمام الشعب بأنها هي راعية الإصلاح وهي المصلحة والمنقذة للعراق وشعبه.
لكن هم غفلوا عن إن للإصلاح شروط ومقدمات وظروف خاصة, منها أن يكون المصلح – هو أو من يمثله في الحكومة والبرلمان – خارج دائرة الفساد ولم تتلوث يديه بالسرقة والفساد إختلاس المال العام, كذلك أن تبدأ الحركة الإصلاحية من الصفر لا أن تبدأ من حيث الفساد, أي لا تكون قواعد الإصلاح قائمة على أسس فاسدة, بمعنى أخر يجب أن يكون التغيير الإصلاحي عام ويشمل جميع المشتركين بالعملية السياسية الفاسدة سواء كانوا في الحكومة أو في البرلمان, بالإضافة تشمل العملية الإصلاحية تغيير الدستور الذي يعد من أهم وأبرز أسباب الفساد والتي استغلها المفسدين في الحكومة والبرلمان للتغطية على فسادهم وسرقاتهم.
يضاف لذلك كيف يمكن أن نتوقع من حزب أو كتلة برلمانية تقبل وتوافق على إبعاد ممثليها في الحكومة مالم يوجد البديل؟! ولهذا نجد إن أغلب الكتل الآن تطالب بالإصلاح وبالتغيير لكن أي إصلاح ؟ الإصلاح الذي يتماشى مع أهدافها ومصالحها ومكاسبها, وما يؤكد ذلك هو الأسماء التي طرحت كحومة تكنوقراط فأغلبها عبارة عن شخصيات تنتمي لهذا الحزب وتلك الكتلة وهذا الإئتلاف لكنها غير معروفة في الشارع بحقيقة إنتمائها, فحاولوا الضحك على الشارع بها, لكن التنافس فيما بين الكتل فضح ذلك الأمر, فصارت هذه الكتلة تعترض على الشخصيات المقترحة من الكتلة الأخرى بسبب الإنتماء وكذلك لعدم الكفاءة.
فالعملية الإصلاحية ” اللاإصلاحية ” التي تشهدها الساحة السياسية العراقية اليوم فاقدة لكل شروطها ومقوماتها ومقدماتها, وهذا ما شخصه المرجع العراقي الصرخي في جوابه على استفتاء بعنوان ” اعتصام وإصلاح….تغرير وتخدير وتبادل أدوار ” حيث قال …
{{…ـ طالما نادينا بالإصلاح وكتبنا الكثير عن الإصلاح وسنبقى نؤيد وندعم كلّ إصلاح، نعم نعم نعم…للإصلاح ، نريد نريد نريد…الإصلاح.
ـ ولكن يقال إنّ للإصلاح رجالًا وظروفًا وشروطًا ومقدّمات مناسبة، وواقع الحال ينفي وجود ذلك !!.
ـ ولا أعرف كيف سيتم الإصلاح بنفس العملية السياسية ووسائلها وآلياتها الفاسدة المُسَبِّبة للفساد؟!.
ـ وهل الفساد منحصر بالوزَراء أو أنَّ أصلَهُ ومنبَعه البرلمان وما وراء البرلمان، فلا نتوقع أي إصلاح مهما تبدّل الوزراء والحكومات مادام اصل الفساد ومنبعه موجودًا ؟!!.
ـ وهل نتصوّر أن البرلمان سيصوّت لحكومة نزيهة (على فرض نزاهتها) فيكون تصويتُه إدانةً لنفسه وللكتل السياسية التي ينتمي إليها؟!.
ـ وأدنى التفاتة من أبسط إنسان تجعله يتيقّن أنه لا يوجد أمل في أيِّ إصلاح لان كل المتخالفين المتنافسين المتصارعين قد اتّفقوا على نفس التهديد والتصعيد وهو سحب الثقة من رئيس الحكومة وحكومته!!! وهذا التهديد ونتيجته الهزلية يعني وبكل وضوح الرجوع إلى المربّع الأوّل في تشكيل حكومة جديدة حسب الدستور الفاشل وتوافقات الكتل السياسية نفسها والدول المحرّكة لها…}}.
وهذا ما نلاحظه اليوم فإن الأزمة السياسيّة التي يمر بها العراق واعتراض الكتل على الطاقم الوزاري الجديدة، والذي قدمه العبادي،تدفع إلى توحد مطالب ومواقف الكتل والأحزاب بوجه العبادي، الأمر الذي أرغمه على القبول بشروط الكتل وهي القبول بمرشحيها في التشكيلة الوزارية الجديدة !! فهل تعد هذه حركة إصلاحية أم إنها خدعة و إكذوبة تزينت بزي الإعتصامات والتظاهرات من أجل تمرير مشاريع تلك الكتل من جهة ومن جهة أخرى امتصاص غضب الشارع والتغرير به وخداعه, فالعملية الإصلاحية في العراق سالبة بإنتفاء موضوعها, فلا يوجد مصلح ولا توجد إصلاحات حقيقية.