23 ديسمبر، 2024 4:46 م

إشكالية الدين بين الدجل والنزعة القومية

إشكالية الدين بين الدجل والنزعة القومية

الدين تلك المتلازمة الإنسانية التي لا تحتاج الى جواز عبور كي نستقبلها فهي شعور بدائي طفولي جنيني فطري يعيشه الانسان باحثا عن قوة اعظم خلقته وسوته بشرا ليدخل معمعة الوجود والصراع من اجله..فمنهم من وجد ضالته في بقرة واخرون في نار وجماعة في حجر وأخرى في بشر ومنهم من ذهب ابعد من المرئيات متخيلا الخالق الأعظم انه موجود محجوب نراه في قدرته فسماه (الله) وجمع اخر لا يعتقد بكل هذه الرموز ليترك امره للطبيعة التي خلقت وسوت كما تشاء ..

ليس من حقنا ان نصادر ما يعتقده الاخرون (لكم دينكم ولي دين) وليس من حقنا ان نشارك الله في قراراته وفي حكمته فلو أراد لجعل كل البشر مسلمين وانتهى الامر..لقد ترك الله الاعتقاد في من هو الخالق حق من حقوق العقل البشري كي يفكر ملييا ويتجلى ليل نهار وفي خلوته باحثا عن الخالق الأعظم عن الله وبطريقته الخاصة وباليته التي يراها مناسبة للتعبير عن خالقه..فهذا مسلم وذاك يهودي وهذا نصراني ومنهم من هو بوذي وفريق استهوته النار وجمع سموا انفسهم وثنيون زلفا وهكذا دواليك..

السؤال الكبير ما هو موقف الدين من تصنيفاتنا البشرية الأخرى فكلنا انحدر من عائلة والعائلة تناسلت عن عشيرة والعشيرة توالدت من قبيلة والقبائل هم مجموعة الشعب والشعوب هم مكون عالمنا البشري الذي حاء أصلا عن حواء وادم أي من نفس النوع الحي(species) ولهذا ترانا نحمل نفس الطبعة الوراثية ويمكن للعربي ان يتناسل مع العنصر الإنكليزي والصيني مع العربي والروسي مع الاميريكي والألماني مع العربي وهكذا ولا جناح ان نتناكح بيننا كشعوب بشرية بل وربما نتبادل الأفكار ونزاوج المعتقدات بعد القناعات بحكم كوننا بشر من ابويين هما حواء وادم ؟؟؟!!!

هنا يكمن التساؤل المكرر وللتذكير فقط لاني عندما ارسم افكاري دوما افترض ان المتلقي اذكى مني واسرع في الحصاد على لوح زجاجي ..نعم أتساءل ما الضير ان اتعامل مع النصراني او اليهودي وانا مسلم؟ وهل ان معتقدي الكوني يحول بيني وبين تبادل المصالح او العيش بسلام وتصالح مع الاخرين ذو العقائد الأخرى؟أي بمعنى اخر هل اصبح ديني مشكلة لحياتي واستمراريتها ام انني اولجت الدين في لجة المصالح ومقتضيات العيش لارضي الخالق؟ وهل الخالق امرني بذلك ؟ لا اعتقد فالخالق الذي رمى على الأرض جزءا من مئة جزء من الرحمة لهو اعطف بخلقه البشري من خلقه البشري..

هنا ينبري السؤال الاخر فارضا نفسه علينا كمخلوقات لا خالقين وهو هل سينصاع الانسان بالقوة ليؤمن بفكر يريد ان يفرض نفسه على افئدة مغلقة امامه؟ فكم من الشعوب تضاهرت بالإسلام وعندما ضعفت الدولة الإسلامية في فيافيهم ارتدوا الى دين ابائهم واجدادهم والاندلس ومناطق أخرى من العالم امثلة حية على ذلك حيث لم يبق من روح الإسلام فيها غير العناوين المجتزءة التي لا تسمن ولا تغني وليس لها في الخلود حيز او مكان بل أضحت كارثة على

روح الإسلام الحنيف الإسلام الوسطي الذي يقبل كل شيء معقول ( وجعلناكم امتا وسطا)(وخلقناكم شعوبا وقبائلا)..

ان الذي اعرفه تماما واعيشه هو ان ايماني المطلق بالله جعلني احبه ولاني احبه فقد طفح حبي حتى شمل كل مخلوقاته البشرية ناسيا قوميتهم ودينهم متذكرا انهم كلهم عباد الله مباشرة او عن طريق وسطائهم بفكرة الاشراك..لست مأخوذا بعقيدتهم التي توصلهم الى الله لكني مسكون بكونهم مخلوقات الله الذي احبه , اذا من هنا كان علي ان اترك امرهم الدنيوي والاخروي لخالقهم وعلي ان اعاشرهم بالمعروف واتبادل معهم كل ما تستلزمه ضروف الحياة واحتياجاتها مع الحفاظ على ما اعتقد به من طريق اراه هو الاصوب الموصل الى الله الخالق الأعظم..

بهذه الفكرة المختمرة في عقلي اجد ان لا قوميتي ولا ديني فرقاني عن اشباهي من المخلوقات البشرية وعليه وجدت من السهولة بمكان التعامل مع كل الشعوب والأديان والألوان الذين انتشروا من مشارقها الى مغاربها..بل وتعايشت مع فكرتي واخضعتها للتجربة وكانت ناجحة مبهرة حتى امتلأت كتب مذكراتي بالاسماء والعنواين لاناس تعرفت عليهم في شتى اصقاع الدنيا فكانوا اخوة بالبشرية وسند في حقل تخصصي طالما لم ار حساسية منهم تجاه معتقدي الديني ومنبعي الولادي أي قوميتي..

اما في بلدي العراق فكم انا مشتاق لعبد الاخوة الشيعي العربي ولكميل المسيحي وبعو الصابئي ولمعاوية اليزيدي ولربوار الكردي ولصايغن التركماني الذين فرقتهم عني ضروف وصروف لست منها بشئ ولله درك يا عراق…