انتابني سَوْرةٌ من الاشفاق ، وأنا أتابع بدّقة، أحاديث بعض المُرشحين للانتخابات النيابية المزمع اجراؤها في الثلاثين من نيسان القادم، عن أنفسهم في الفضائيات ..!!
أما سبب الاشفاق ، فهو الإخفاق في تقديم صورة مقبولة يمكن ان تحظى برضا الناخب وتدفعه للتصويت لصالح المتحدث المخفق ..
ان الأحمق يريد ان ينفعك فيضرك .
وهذا المتحدث عن نفسه ، يريد ان ينفعها فيضرها، ويحملُ المشاهدين والمستمعين على اتخاذ قرار سلبي قاطعٍ بحقه ..!!
ان بعضهم يكرّر ، في سياق حديثه عن نفسه ، عدد اللقاءات التلفزيونية التي أَجْرَتْها معه الفضائيات المتعددة قبل سقوط الصنم ، ويعتبر ذلك مادة دعائية يحسبها نافعة له في حسابات الناخب العراقي ..!!
ان هذا الناخب العراقي ليس على دراية بما قيل في تلك اللقاءات ، ولايُعيرها العناية المنشودة ، لأنه متخم باللقاءات التلفزيونية الراهنة ، الحافلة بالعجائب والغرائب ، ولا يبحث عما جرى قبل أكثر من عقد من الزمن ..!!
ان نقطة الارتكاز التي يستند اليها بعضهم ، هي اصدار الأحكام القاسية المرتجلة، بحق جميع الرموز والأعلام الذين تحملوا المسؤولية خلال الفترة الممتدة من 9/4/2003 وحتى الساعة ، دون تمييز بين (المحسن) و(المسيء) .
ان خلط الأوراق بهذه الروح ، الناقمة ، البعيدة عن الموضوعية ، يسقط الكلام عن الاعتبار ولا يُبقى له باقية .
من الخطأ الفظيع اتهام الاسلاميين العراقيين جميعاً ، بأنهم وضعوا أيديهم بأيدي المحتلين ، وأنْ من تسنم منهم منصباً معيّنا ، فان ذلك قد تم باختيارٍ المحتلين أنفسهم …
ان هذا يعني إلغاءً كاملاً لادارة الشعب العراقي حين أنتخب اعضاء الجمعية الوطنية التي كتبت الدستور ، ومنها انبثقت الحكومة التي توّلت المسؤولية وما لحق ذلك من ممارسات واجراءات ، لانريد الخوض في تفاصيلها الكاملة لأنها معروفة .
من حقّ المتحدث – مرشحاً كان للانتخابات أو لم يكن – ان يُبيّن مواطن الخلل والتقصير في عمل هذا المسؤول أو ذاك ، ولكن ليس من حقه ان يكيل الاتهام بالجملة ، ويصبّ جام غضبه على شريحة سياسية معيّنة بكاملها ….
ان مهاجمة الدين والمتدينين مسلك وعر ، وخيم العواقب ، وهو مضرّ براكب هذه الموجة يقيناً .
ان الدين ، والموازين الشرعية والوطنية ، براء من كل من أساء اليها ، فليس بين الله وبين أحد قرابة .
ان القسم الأكبر من الاسلاميين العراقيين هم أول الناقمين على الممارسات السلبية ، والمفارقات الكثيرة التي حفلت بها المرحلة ، وسيكون لهم بالتأكيد، دور في عملية التغيير المنتظرة ..
ان من حق المتحدث ان يسلط الأضواء، على ما يؤمن به من أفكار ونظريات ومشاريع ، وليس من حقه على الأطلاق ان يتجاوز على الآخرين.
ان التجاوزات والاساءات بحق الأخرين خط أحمر …