أظنكم شاهدتم رئيسة كرواتيا السيدة كيتاروفيتش وهي تحضر مباريات فريق دولتها مع روسيا والتي أهلته للربع النهائي , وكيف تفاعلت وإنفعلت ورقصت وإبتهجت وخرجت عن الطور البروتوكولي سرورا بفوز فريقها , ويمكن لأصحاب العمائم واللحى والمدعين بألف دين ودين أن يصفونها كما تحلو لهم أوهامهم وخزعبلاتهم , لكنها أسمى خُلقا من معظمهم وأكثر أمانة وشعورا بالمسؤولية , فهي تؤكد على أن تذكرة المونديال قد إشترتها من مرتبها ولن تأخذ فلسا واحدا من المال العام.
فقل لي بربك كم من الجالسين على كراسي التسلط على مصير العرب , يستطيعون الإقرار بأنهم لم يأخذوا فلسا واحدا من المال العام؟!!
وقل لي كم من أدعياء الدين يستطيعون التصريح بذلك , أم أن السحت الحرام يعتبرونه رزقا من ربهم الذي يعبدون , وكل منهم ربه ودينه على هواه!!
هذه المجتمعات والشعوب لم تتقدم وتتحضر إلا بالقيم والأخلاق والصدق والأمانة , أما في مجتمعاتنا فأن أول مَن يدوس القيم والأخلاق هم أدعياء الدين الذين صاروا يعيثون فسادا في البلاد والعباد , وهم يتبخترون بعمائمهم ولجاهم ويتباهون بمناصبهم التي بواسطتها يكنزون الذهب والفضة , ويظلمون ويغدرون ويخونون ويستحوذون على أموال الناس , وهم يسبحون لربهم بكرة وأصيلا وكل منهم قد رصّع جبينه بطرة من أثر الفساد , ويدّعون بأنهم من الذين سيماهم في وجوههم من أثر السجود , ولكن أي سجود؟!!
تلك مصيبة أمة ومحنة دين صار وسيلة للتجارة والظلم والإمتهان وتبرير القتل والعدوان والكراهية , وكل معتوه يرفع راية ذات عاهة يريد بواسطتها إبادة الخلق أجمعين , فالدنيا دنياه , وله الحق في ما تقرره نفسه الأمارة بالسوء بنوازعها المفلوتة وتوجهاتها المسلوتة.
نعم إنها إشترت تذكرة المونديال من مالها الخاص , وجميع ذوي العاهات الكرسوية , يعتبرون سرقة المال العام من حقهم وواجبهم , وأن ربهم الذي يعبدون قد أوصلهم إلى هذه المناصب لكي يمعنوا بالفساد والإفساد , ويصبحوا من الأثرياء الفاحشين والسراق الماهرين الذين يستحوذون على الملايين والمليارات وأبناء الشعب يتضورون , وهم يمعنون بحكمهم ورهنهم بالحاجات , فتراهم يخربون ويدمرون ويتمتعون بالموبقات , ولا يعرفون إلا كيف يأخذون ويقتلون ويغدرون ويفسدون.
فهل من واحد منهم يصل إلى بعص خلق رئيسة كرواتيا , لكي نشعر بأن هناك بشر يجلس على كراسي الحكم اللعين؟!!
وبعد هذا هل ستعلمون لماذا ستنتصر كرواتيا على فرنسا بعد إنتصاراتها الرائعة على روسيا وإنكلترا؟!! إنها الأخلاق , وبذهابها ذهبت ريحنا!!