22 نوفمبر، 2024 10:08 م
Search
Close this search box.

اسماعيل قاآني ورحلة البحث عن خاتم سليماني

اسماعيل قاآني ورحلة البحث عن خاتم سليماني

خاتم سليماني الذي كان الشاهد الوحيد على الغيبة الإجبارية الكبرى للممهد الأبرز لعصر النفوذ الإيراني في المنطقة العربية الجنرال قاسم سليماني. حالة من التدفق السردي فجرته الصواريخ ألأمريكية بين لحظة انطلاقها المسّير إلى جسد الرجل واللحظة الفائقة الآخيرة التي فارق بها الجسد والخاتم الحياة معا ، ليتحول في اللحظتين من خاتم سليمان الذي يمنح صاحبه الملك والنفوذ وتسخير عشرات الآلاف من ملوك الجن المدججين بالصواريخ القاتلة. إلى خاتم سليماني الذي منح صاحبه الحضور الرمزي المؤقت في أوساط أمة حزب الله الأمة التي تحكم قبضتها على صولجان الملك بايران الثورة وتتحكم بمسارات المواجهة بايران المقاومة .
غاب سليماني لكن خاتمه لم يغب وبقي يشكل ثنائية رمزية في تراجيديا الغياب والحضور بآن واحد ، الغياب الذي فرضته رغبة المجازفة، والحضور الذي تستدعيه رغبة الثأر لكبرياء وطني نازف . وسط هذا البحر الهائج من الانفعالات السياسية التي اختلط بها السردي بالرمزي والواقعي بالافتراضي ، والتحدي بالطموح والبقاء بالقوة والتموضع بالتفكك يجد المستخلف الجديد على جحفل القدس ( اسماعيل قاآني ) نفسه واقفا على خشبة مسرح متحرك يطالبه الجمهور ان يؤدي دور ممثل قدير اجبره المخرج على ترك دوره الذي برع بتأديته لوجه جديد دون ان يكتب له حتى سيناريو المشاهد التي من المفترض تأديتها .. لم يترك سليماني له سوى خاتم مضمخٍ بالدم والثأر في يدٍ مستأصلة ، وقوة من الجن والإنس تفرض حضورها النوعي في خطابات مرشد الثورة الايرانية علي الخامنئي الأخيرة التي تأجج على اثرها الشارع الايراني بين متأزم يحاول كسر أطواق الأزمة القاتلة بدفعة تبريرية وان لم تكن منطقية وبين متهكمٍ يحاول ان يتناصف المرح مع اصحاب الرايات البيض من طواقم الطب الايراني وهم يكافحون فايروس كرونا بمقابر المستشفيات الجماعية بالرقص والموت والدموع .

#قاآني_والرمال_العراقية_المتحركة :.
العراق قلب ايران الذي يضخ الدم في شرايين نفوذها بالمنطقة العربية والقفص الصدري التجاري الذي تحبس به القيادة الايرانية انفاسها الاقتصادية في ماراثون العقوبات الامريكية الخانق.
يجد به القائد الايراني الجديد وفي اول ظهور نفسه محاصراً بموجة من الانفكاك الشيعي الداخلي يقودها لاعبون جدد لم يكونوا ضمن دائرة النسق التخطيطي للحرس الثوري الجهة التي تمسك بخيوط اللعبة العراقية وتحركها بالاتجاهات التي تقتضيها المصلحة الأمنية الايرانية ، القواعد الشبابية الباعث الجديد في انتاج القرار الوطني العراقي والحاضر الأقوى في مشهد التجاذبات السياسية ورحلة احلال الهوية الوطنية في المواضع المتأرجحة للهويات البديلة . حولت الحجر الصحي الميداني الى ثورة من التغريدات المنتفضة ضد زيارة قاآني على تويتر ، حتى ان صور إصابة قاآني بالحرب العراقية الايرانية تحولت الى ماركة رقمية تنتقل بسرعة الضوء بين صفحات المدونين العراقيين بمواقع التواصل في اشارة لا تخلو من المغزى الاشهاري الرمزي لتحدي هذا الحضور الذي اعتبره العراقيون استفزازاً ايرانيا مباشرا . وحالة من حالات الاستقواء الذاتي الذي تمارسه الكتل الشيعية البرلمانية المسلحة في تأدية دورها التعطيلي بتشكيل الحكومات العراقية للإبقاء على رئيس الوزراء عادل عبد المهدي ومنحه أشواطًا إضافية تمكنها من كسب الوقت في استيعاب القواعد الترامبية الجديدة للاشتباك الايراني .
الإصرار الإيراني على إختيار الملعب العراقي كميدان مفترضٍ للمواجهة ألأمريكية كان واضحاً في التصريحات الأولى لإسماعيل قاآني حين أعلن ان ايران جهزت الكتائب العراقية الموالية بمنظومة صاروخية من طراز ( أس 375) لحماية سماء العراق ..! وكأن الشق السياسي المعلن من الزيارة والمتعلق بإخراج عدنان الزرفي من لعبة التشكيل الحكومي كان غطاءًا لسياق عسكري اخر كشفه قاآني بتصريح لا يخلو من الانفعال المتبادل مع الرافضين لزيارته ، اللغة الانفعالية الايرانية سبقت تصريحاته بسيل من التصريحات لقادة التيار المحافظ ومنظريه ابرزهم محمد باقر قاليباف المرشح الرئاسي المحافظ السابق الذي أشار الى ان مكونات محور المقاومة ستقف مع الشعب العراقي في مواجهة امريكا ،
كذلك تصريح الدكتور حسن عباسي احد ابرز منظري التيار المحافظ الذي رفع أعمدة سقف الخطاب التعبوي بإشارته الى ان زوال الحرس الثوري هو زوال للإسلام .. بينما ينشغل التيار الاصلاحي باستراتيجية احتواء الصدمة التي خلفها فايروس كرونا بقياداته بعد اعلان إصابة قائد التيار محمد خاتمي الرئيس السابق وإصابة علي لاريجاني رئيس مجلس الشورى المنسحب من الانتخابات النيابية الاخيرة ، كرونا الذي فتح حرب الأبواب الموصدة على مصراعيها فبعد التمرد الذي شهده سجن عادل أباد بشيراز انضمت مجموعة اخرى من السجون المنتفضة على الموت بزمن كرونا .. سجنا شيبان وسيبدار بالاهواز يلتحقان بمعركة الأبواب الموصدة ثم سجن تبريز ومهاباد فسجن سقز بكردستان بينما تنشغل وكالة فارس شبه الرسمية والتابعة للحرس الثوري بكشف مسارات الطيران الامريكي في العراق الذي يريد فرض عدنان الزرفي بالقاذفات الصاروخية ..!
يشير المنظر الفنلندي ( كاليڤي هولستي) في كتابه ( الدولة والحرب ) ان الحروب المعاصرة حروب تتعلق بكينونة الدولة ودور الامم والفئات الاجتماعية ووضعها داخل الدولة . الفواعل الداخلية بنظر هولستي هي التي تدفع باتجاهات الحرب الخارجية وهذه النظرية تنطبق على الواقع الايراني المتفاعل مع الأزمات التي تزيده ارباكاً وتعقيدًا منذ العهد الاول للثورة الإسلامية .. رسالة الناشط الإيراني حشمت الله طبرزدي التي طالب بها مصابي الكرونا بأن لا ينتظروا الموت بالفايروس بل يذهبوا لقصر روحاني ويسقطوه اعتبرها المتابعون اشارة مباشرة لحجم الانفعال الشعبي من اداء القيادة الايرانية مع أزمة المرض ، والتي تعزز نظرية هولستي بالتدافع الايراني نحو ميدان الحرب الامريكي في العراق امريكا التي تحكم قبضتها على السماء تحاول احكام القبضة الثانية على الارض بينما يتطلع النمر الايراني لتناصف السماء العراقية مع الصقر الأمريكي بمنظومة ( اس 375) بعد تعرضه الى هزة ارضية اثر استهداف سليماني مهندس النفوذ الذي ترك مشروع المقاومة الغير مكتمل لرفيق دربه (سردار شامي ) القائد الشامي اسماعيل قاآني الذي يبحث عن خاتم رفيقه في الرمال العراقية المتحركة .
الرمال التي استفزت صحراء النجف وحولتها لكتلة موصدةٍ بوجه الوافد الايراني الحديد وحولت حضوره السري من المستوى السياسي الداعم لعزل عدنان الزرفي برلمانياً الى محض حضورٍ عسكري واضح ، حتى ان احد المصادر البرلمانية ذكر ان الرجل طالب رجاله العراقيين بافشال جلسة التصويت على الحكومة بكل الطرق وكأن المانشيت الذي نشرته وكالة فارس حول مؤامرة دعم الزرفي بالطائرات الامريكية كتب بيد قائد القدس التي مازالت بلا خاتم ، والمحطات الاعلامية التابعة لإيران والتي روجت لفكرة خطر فايروس كرونا على النواب العراقيين مستغلة إعلان النائب القادم من ايران سالم المسلماوي عن إصابته بالفيروس في حسابه الشخصي بالفيس بوك . وهي محاولة ضمنية لبث الرعب في نفوس النواب وافشال جلسة التصويت .بينما ينشغل الزرفي بتوأمة النزاعات الشيعية الشيعية واستئصال شبح توفيق علاوي الشاخص بانتظار ان يستدير القرار الشيعي من اليمين الايراني إلى الوسط العراقي الذي يجنب سماء وأرض العراق من الصواعق الأمريكية والزلازل الايرانية ..
اذن .. تقسيم الخنادق وتجهيز البنادق واستعادة ملك سليماني المتنازع عليه، وجدولة الاصطفاف الداخلي هذه العناوين التي وضع قاآني فوق طاولتها كل اوراقه بانتظار لحظة الاندهاش الكبرى التي تحبس انفاس سكان هذا الجزء النفطي من العالم اللحظة التي تفتقد سليماني كثيراً ويندفع نحو مطافها خليفته المبعوث بأمرٍ المرشد الخراساني فهل سيستعيد إسماعيل قاآني خاتم قاسم سليماني .

أحدث المقالات