إسطوانة الأمية أصبحت مشروخة وعتيقة ولا قيمة لها ولا معنى , فالتقنيات التواصلية المعاصرة قضت على الأمية , وأوجدت بشرا يعيش حاضره ويريد مستقبله.
فالأمية لا وجود لها في زمن التواصل الخطي الإجتماعي , وما في أجهزة الهاتف النقال من تطبيقات تعين على التعلم والفهم والتفاعل مع أبناء البشر بثقافاتهم ولغاتهم.
الأمية بمفهومها الضيق إنحسرت , فالناس صارت تعيش في قلب زمانها وتحيط بأحداثه وتفاعلاته , ولديها رؤيتها ونظرتها للأمور , وكل شخص في المجتمع إمتلك قدرات القراءة بأنواعها , وكوّن رأيا ونظر حلا.
فالإنسان العادي في المجتمع لا يختلف عن غيره في إقترابه من الأمور , التي يواجهها ويعرف أسبابها وعللها , وكيف الخروج منها , وبسبب الوعي الجديد وجد نفسه في مواجهة مع رموز السلطة وأنظمة الحكم , التي تريد إمتهانه والنيل من وجوده الإنساني.
فهو يعرف أن حقوقه مُستلبة , ويدرك أن الفساد شريعة الحاكمين , ويفهم أن القول الفصل للقوى المتحكمة بالبلاد والعباد , والمتأسدة بمعونة الآخرين الذين تؤمن مصالحهم بإخلاص وتفاني.
ويعرف الناس أن الوطن يراد له أن يتحول إلى خبر كان وأخواتها , ما دامت العقائد ذات توجهات طائفية عدوانية وتطلعات إستحواذية غاشمة.
الناس تعرف , رغم الضغط الشديد المسلط عليها والعوائق القائمة أمامها , وهذه العدوانية السافرة ضدها.
الناس لا يجوز إتهامها بالأمية , والكراسي ومن فيها هي التي تعاني من الأمية الوطنية والإنسانية , وتتداعى في أحضان القوى الأجنبية , وتقوم بدور الوكيل لتأمين الأجندات والبرامج الطامعة بالبلاد والعباد , وكأنها في صوامع النكران والإمتهان.
فلا تقل أن الأمية هي السبب , وعليك أن تنظر بعيون العصر , لتكتشف أن الضغط المسلط على الجماهير لصالح مفترسيها سبب مهم , وهذا الضغط المجحف سيؤدي إلى إنفجارات تقتلع التابعين والموالين لأعداء المواطنين.
وتلك إرادة التأريخ ومذهب الدوران السرمدي العتيد!!