18 ديسمبر، 2024 8:10 م

إسرائيل تكفيها الطائفية، والتطبيع كرم زائد

إسرائيل تكفيها الطائفية، والتطبيع كرم زائد

بداية أني متيقن تقريبا أن مؤتمر أربيل عقد بعلم المسؤولين هناك، فهو رسالة للايرانيين الذين ارتفعت لهجتهم هذه الأيام ضد كرد العراق، بسبب نشاطات للمعارضة الكردية الإيرانية، علاوة على وجود علاقة تاريخية بين البرزانيين والصهاينة، وهو اشبه ببالون اختبار، فعلى ضوء ردات الفعل ترتب الخطوات اللاحقة.
كما أنه ليس حدثا مفاجئا، فان من يقرأ الحاضر مستعيدا بعض مقاطع التاريخ، لا يستغرب انعقاد مؤتمر للتطبيع في أربيل، وربما في بغداد، لان الأمور في المنطقة العربية والإسلامية تدار أمريكيا بطريقة توصل حتما الى ما يحقق مصلحة إسرائيل، فان إذكاء نار الطائفية، وبعبع النفوذ الإيراني يوظف صهيونيا في توجيه الأمور وجهة يرضاها هرتزل.

بالأمس سقطت دولة بني العباس على يد هولاكو، يقال ان وزيرا عباسيا شيعي الهوى، يعرف بابن العلقمي، تواصل أيام المستعصم العباسي، سرا مع التتار، نكاية بالعباسيين الذي امعنوا في التنكيل بالشيعة، خصومهم السياسيين الذين يسعون الى انتزاع الحكم منهم، لانهم من وجهة النظر الشيعية مغتصبين، واعادته الى العلويين أصحابه الحقيقين، ولكن هولاكو عندما دخل بغداد انتزع الحكم من الطرفين واخضع الجميع لاحتلاله.

وقريبا فعل صدام ما لم يفعله العباسيون ولا غيرهم من الطغاة، وعندما تحركت أمريكا بشعار ظاهره اسقاط نظامه الذي يهدد العالم بأسلحة دمار شامل، وباطنه احتلال العراق، الذي يشكل خطرا على إسرائيل حسب روايات التلمود التي يقرها عقديا مسيحيون انجيليون منهم بوش الابن، رأى الشيعة أن الله سلط بوش الظالم على صدام الظالم من اجل رفع الحيف عنهم، فلم يقاوموا المحتل في بداية الامر، ولكن ما ان اسقط الامريكان الطاغية، واستلموا مقاليد البلاد، وكشفوا عن وجههم الاستعماري قاوموهم، سياسيا وعسكريا

اليوم التاريخ يعيد نفسه، ولكن بتبادل أدوار، فالسنة الذين يشعرون بخطر نفوذ إيراني يحصرهم من بغداد الى صنعاء لا يوقفه من وجهة نظرهم سوى إسرائيل، القوة الامريكية الضاربة في منطقة الشرق الأوسط، راح بعضهم يمد جسور التواصل معها، ولكن ما يعترض هذا المنحى الجديد ان المغول إذا ما كانوا غزاة فانهم ليسوا ساعين لفرض عقيدة، فهم لا يعتقدون بحقوق تاريخية في أراضي المسلمين، أو ثأر ديني، وليس هدفهم القضاء على الإسلام وانما حكم بلاد المسلمين، فهم طلاب حكم وحسب، بدليل انهم اعتنقوا الإسلام، بجهود الطوسي رحمه الله، اما اليهود فعلى النقيض تماما، لن يعتنقوا الإسلام حتى لو ملكوا مكة.

إن الطائفية حققت لإسرائيل ما لم تحققه كل حروبها، ما كان منها وما يكون، ففي سوريا قتلت الطائفية قرابة 350 الف، وفي العراق اكثر من هذا العدد، أما في اليمن فحدث ولا حرج، فهذه الطائفية القابعة تحت مقولة الفرقة الناجية، المنتزعة بانتقائية من حديث شريف، يحذر الامة من التمزق ويدعوها الى التوحد تحت لواء محمد (ص)، بدليل ان احدى روايات الحديث تنص على النجاة لسواد الامة، ولكن التعصب والتوظيف السياسي جعل كل جماعة تدّعي انها هي الفرقة الناجية وما عداها هالك، وهذا التفكير سوف يؤدي في نهاية المطاف ان لا فرقة ناجية سوى الصهيونية.

إن التوظيف السياسي للمشاعر الدينية، من اجل نفوذ أو سيطرة اقتصادية، أو حالة استراتيجية ما، لن يؤتي ثماراً لأحد، انما هو زيت يصب على نار الطائفية، التي إذا ما استعرت سوف تلتهم الجميع، فتحقق لإسرائيل الحلم الذي تتضمنه المقولة الصهيونية: “العربي الجيد أو الطيب هو العربي الميت”، ومن ثم فحتما ان المسلم الجيد أو طيب، من وجهة النظر الصهيونية، هو المسلم الميت.