23 ديسمبر، 2024 7:18 ص

إسراء عبد العالي ، امتداد للروائيات العراقيـّات – 2

إسراء عبد العالي ، امتداد للروائيات العراقيـّات – 2

كـنـا قـد تـطـرقـنـا فـي الحـلـقـة الـسـابـقـة فـي هـذه الـدراسـة الـنـقـديـة حول ( روايـة أنغام الـشـيـطـان ) للـكـاتـبـة الـعـراقـيـة ( إسـراء عـبـد الـعـالـي ) عـن بـعـض الـجـوانـب الإبـداعـيـة والـبـنـيـويـة لـمـحتـوى هـذه الـروايـة شـكـلا ً ومـضـمـونـا .
وبـالـمـقـارنـة مـع مـا سـبـقـنـهـا مـن روائـيـات وقـاصـات عـراقـيــّات ، لا لأغـراض الـمـفـاضـلـة والاسـتـقـراء ، بـل لإمـاطـة اللـثـام عـن الـوجـه الـنـاصـع للأديـبـة الـشـابـة إسـراء عـبـد الـعـالـي ، التـي فـاجـأتـنا ( ولـمـّـا تـزل ) فـي بـدايـة مـشـوارهـا الأدبـي ، وفـي حـقـل هـو مـن أصـعـب نـواصـي الإبـداع الـفـكـري ، واجـتـازت الامتحان الـعـسـيـر بـامـتـيـاز فـاق الأوصـاف ، وقـد تـجـلـّـت قـدرتـهـا الإنـشـائـيـة فـي الـسـرد والـحـوار والـمـحـاكـاة عـلـى مـوهـبـة راقـيـة ، لا بـد أن تـكـون قـد صـقـلتـهـا بـجـهـود مـضـنـيـة فـي الـقـراءة والـمتـابـعـة والإيـثـار ، وبـرزت لـنـا مـن بـيـن ثـنـايـا بـسـاتـيـن الإبـداع الـعـراقـي ( الـنـسـائـي  ) مـبـدعـة لا يـشـق لـهـا غـبـار .
 وكـنـت أعـنـي مـا أقـول عـنـدمـا أشـرت فـي ( انـطـبـاعـي ) هـذا ، والـمـوسـوم فـي عـنـوانـه أعـلاه ، بـأنـهـا امـتـداد  للـروائـيـات الـرائـدات ، مـع مـا تـتـمـيـز بـه ِ عـن الـبـاقـيـات مـن خـصـوصـيتـهـا كـمـدرسـة جـديـدة للأدب الـمـعـاصـر ، وبـوتـقـة تـنـصـهـر فـيـهـا سـتـة أجـيـال مـن الـمـبـدعـات فـي مـيـدان الـروايـة والـقـصـة الـطـويـلـة لـجـمـلـة مـن الأسـبـاب الـمـنـطـقـيـة التـي لا تـخـفـى عـن الـنـقـّـاد والـبـاحـثـيـن والـمـخـتـصـيـن ، لـسـبـب وجـيـه هـو أن ( أنـغـام الـشـيـطـان ) لا تـنـتـمـي لأي ٍ مـن الـمـدارس الـتـي انـتـهـجـهـا مـن سـبـقـنـهـا مـن أديـبـات ، إذ تـأثـرن أجـمـعـهـن بـقـدر ٍ مـا بـالـروائـيـيـن الـعـرب والـعـالـمـيـن ، ولـربـمـا جـاءت بـعـض روايـاتـهـن نـسـخـة رتـيـبـة ومـشـوهـة لأشـهـر بـيـارق الأدب الـروائـي .
ومـع جـل َّ احـتـرامـي وتـقـديـسـي لـكـل مـن نـطـقـت بـحـرف ازدانـت بـه الـمـكـتـبـة الـعـراقـيـة مـن أعـلام ( الأدب الـنـسـوي ) ومـع هـذا الـعـدد الـنـسـبـي للـمـبـدعـات الـعـراقـيـات ، وأسـتـثـنـي مـنـهـن (( واعـظـات الـسـلاطـيـن ! )) والـروائـيـات الـمـأجـورات فـي زمـن الـردح ِ والـمـدح ، فـأنـي أعـيـد مـن جـديـد ذكـر ( ألـمـع ) الـكـاتـبـات والـقـاصـّـات والـروائـيـات اللائـي كـنـّـا مـشـدوديـن إلـيـهـن فـي بـواكـيـر قـراءتـنـا ، واكـتـشـفـنـا بـعـد ردح مـن الـزمـن إن تـلـك الـمـلـَـكـة الأدبـيـة مـا هـي إلا جـنـيـن ( خـلاسـي ) لـمـعـاشـرة جـامـحـة ، اخـتـزلـن بـهـا دون مـا الـفـوق نــتـاج لا تـخـلـو مـن مـتـعـة واستـئـثـار !
وبـمـستـطـاع الـمـعـنـي بـالـشـأن الـذي أنـاقـشـه  ، أن يـلاحـظ مـا ذكـرت ، وأعـيـده للـتـذكـيـر ، لـكـي يـجـد الـمـفـارقـات بـيـن مـا كـتـبـن ، ولأي مـدرسـة يـنـتـمـيـن  ومـا كـتـبـت الـروائـيـة ذات الـشـأن ، ومـا تـنـفـرد بـه مـن مـدرسـة ، لا أجـرأ عـلـى تـسـمـيتـهـا   :
الـكـاتـبـة ( بـنـت الـهـدى ) والـروائـيـات والـقـاصـــات / عـالـيـة مـمـدوح ( لـيـلـى والـذئـب ) ومـيـسـلـون هـادي ( الـعـالـم نـاقـص واحـد ) ولـطـيـفـة الـدلـيـمـي ( مـَـن يـرث الـفـردوس ) وحـربـيـة مـحـمـد ( مـَـن الـجـانـي ) وسـمـيـرة الـمـانـع ( الـسـابـقـون اللاحـقـون ) ومـائـدة الـربـيـعـي ( جـنـة الـحـب )  وسـمـيـرة الـدراجـي ( أشـواك فـي الـطـريـق ) ونـاصـرة سـعـدون ( ذاكـرة الـمـدارات ) وابـتـسـام عـبـد الله ( مـمـر إلـى اللـيـل )
وسـألـج فـي الـحـلـقـة الـقـادمـة فـي صـمـيـم الـروايـة ، وبـتـفـاصـيـلـهـا ، ومـا تـحـمـلـه مـن أبـعـاد إنـسـانـيـة ، لـبـشـر خـلـقـهـم الله بـعـنـايـة ، وأغـدق عـلـيـهـم مـن فـيـض نـعـمـائـه ، ولـكـنـهـم أبـوا إلا ّ أن يـتـنـاغـمـوا مـع تـرانـيـم الـشـيـطـان .
 ( يتـبـع فـي حـلـقـة ثـالـثـة )