صـدرت للـروائـيـة الـعـراقـيـة ( أسـراء عـبـد الـعـالـي ) روايـتـهـا الأولـى والـمـوسـومـة ( أنـغـام الـشـيـطـان ) مـن مـؤسـسـة الـبـلاغ فـي لـبـنـان ، بـحــلــّة تـقـاربـت مـن حـيـث الـشـكـل ، مـحتـوى ومـضـمـون جـوهـر الـروايـة نـفـسـهـا .
فـالـروايـة الـمـكـونـة مـن ( 414 صـفـحـة ) مـن حـجـم الـوسـط ، وبـغـلاف سـمـيـك ورصـيـن ، وتـصـمـيـم مـتـقـن ، ولـه دلالات روحـانـيـة ، يـوحـي إلـى الـقـارئ أجـواء ومـسـاحـات مـن الإيـمـان الـمـطـلـق ، والـصَـلاة الـسـامـيـة ، والـصِـلات الإنـسـانـيـة والـفـلـسـفــيـة .
وعـنـد الـولـوج فـي أغـوار الـروايـة ، مـن حـواف شـواطـئـهـا ، وغـيـاهـبـهـا ، وأشـواكـهـا ، وعـنـبـرهـا ، سـتجـد فـي هـذه الـفـهـارس والـمـسـمـيـات ، طـعـم عـراقـي جـديـد . مـمـزوج بـعـبـق الـمـاضـي ، ونـكـهـة الـحـداثـة . تـرادفـهـمـا ( الـحـشـمـة والـعـفـاف ) الـذي يتـصـاهـر عـادة ً مـع الأدب الـنـسـوي فـي بـلاد الـشـرق .
ومـع سـلاسـة الـعـبـارات ، وخـفـة الـمـفـردات ، ونـعـومـة الـجـمـل ، وكـيـاسـة الـحـوارات الـتـي صـاغـتـهـا بـتـأن ٍ شـديـد ، وحـذر ٍ تجـاوز المـألـوف ، بـيـد أن الـروائـيـة ( الـمـبـدعـة ) أسـراء عـبـد الـعـالـي ، استـطـاعـت أن تـصـل إلـى وجـدان الـقـارئ الـحـاذق ، وحتـى الـهـاوي ، والـمـبـتـدأ ، ومـن ثـم الـنـاقـد الـمتـخـصـص . بـأن مـا تـخـتـزلـه مـن ذكـريـات ، ومـا تـتـمـتـع بـه مـن مـوهـبـة عـالـيـة ، وإمـكـانـيـات كـبـيـرة ، وتـراكـم هـائـل مـن الـمـوروث الأدبـي الـثـر ، مـكــّـنـهـا مـن أن تـكـون واحـدة مـن أبـدع وأروع الـروائـيـات الـعـراقـيـات والـعـربـيـات خـلال الـسـتـيـن سـنـة الـمـنـصـرمـة .
فـلـقـد استـطـاعـت الـكـاتـبة أن تـســتـلـهـم تـجـارب مـن سـبـقـنـهـا مـن الـنـسـاء فـي مـضـمـار الـروايـة ، والـقـصـة الـطـويـلـة مـن الـكـاتـبـات والأديـبـات ، لـتـؤسـس لـهـا وحـدهـا ، هـيـكـلا ً مـعـمـاريـا ً مـتـمـيـزا ً ، مـن بـيـن صـروح الإبـداع الـنـائـي والـمـعـاصـر .
ومـن الـثـوابـت والـبـديـهـيـات بـأن أي مـوهـوب ، لابـد أن تـكـون تـجـربتـه الإبـداعـيـة ، هـي مـن صـلـب نـتـاج الـمـوروث الإنـسـانـي وامتـدادا َ لـه ، فـأن الـروائـيـة مـوضـع الـبـحـث سيـكـتـشف الـقـارئ الـمـتـابـع بـان لـهـا ( تـفـرد ) فـي جـانـب الـسـرد الـقـصـصـي . ولـهـا قـدرة غـيـر عـاديـة فـي تـصـعـيـد الـحـوارات واشـتـدادهـا ، ومـن ثـم لـجـمـهـا حـيـثـمـا تـريـد ، ولـكـنـهـا تـبـقـى جـزءا ً لا يـتـجـزأ ، وحـلـقـة ً لا تـنـفـصـل عـن هـذا الـمـوروث الإبـداعـي .
والـذي قـرأ ( لـبـنـت الـهـدى ) مـجـامـيـعـهـا الـرائـعـة ، وعـالـيـة مـمـدوح ( لـيـلـى والـذئـب ) ومـيـسـلـون هـادي ( الـعـالـم نـاقـص واحـدا ً ) ولـطـيـفـة الـدلـيـمـي ( مـن يـرث الـفـردوس ) وحـربـيـة مـحـمـد ( مـن الـجـانـي ) وسمـيـرة الـمـانـع ( الـسـابـقـون اللاحـقـون ) ومـائـدة الـربـيـعـي ( جـنـة الـحـب ) وسـمـيـرة الـدراجـي (أشـواك فـي الـطـريـق ) ونـاصـرة الـسـعـدون ( ذاكـرة الـمـدارات ) وابتـسـام عـبـد الله ( مـمـر إلـى اللـيـل ) وغـيـرهـن مـن الـكـاتـبـات والـروائيـات الـعـراقـيـات ، سـيـجـد ذات الـنـكـهـة الـعـراقـيـة الـمـمـزوجـة مـع ( كـوب الـشـاي الـعـراقـي ) مـتـشـابـكـة ومـلتـويـة فـي تـلابـيـب إسـراء عـبـد الـعـالـي مـع تـلـكـم الـمـبـدعـات ، ولـكـنـي قـد لا أجـانـب الـصـواب إن قـلـت إنـهـا قـد فـاقـت أكـثـرهـن تـفـوقـا ً وبـامـتـيـاز .
ومـن يـخـتـلف مـعـي فـيـمـا قـلـت ، فـعـلـيـه أن يـقـرأ روايـة ( أنـغـام الـشـيـطـان )
وللـحـديـث صـلـة فـي الـحـلـقـات الـقـادمـة .