إضافت الخدمة الصحفية، للموظف الحكومي، واحدة من المنجزات المهمة التي تحسب لنقابة الصحفيين العراقيين، ونقيبها الزميل مؤيد اللامي، لكن هناك عقدة وضعت في طريق تنفيذ هذا المنجز، تأكل من جرفه إن لم تبتلعه بالمرة، والذي فوجيء فيه الصحفيون الذين لديهم خدمة صحفية طويلة قبل التعيين، وهو ما يعرف بإستيفاء التوقيفات التقاعدية، ويعني ذلك أن الخدمة الصحفية لاتحتسب مالم يدفع الصحفي مقابلها مبلغ من المال يمثل قيمة الإستقطاعات التقاعدية عن السنوات التي أضيفت له أسوة بالموظف الحكومي الذي أدى هذه الخدمة وتقاضى عنها راتباً شهرياً.
القضية من هنا تبدأ، وتتشابك خيوطها، إذ أن الصحفي لم يتقاض راتباً من الدولة عن خدمته الصحفية التي سمح القانون العراقي بإضافتها له عند التعيين، وبالتالي إذا كان لابد له أن يدفع لصندوق التقاعد نقداً قيمة السنوات التي ستضاف الى خدمته الوظيفية، بأثر رجعي، فإن من حق الصحفي الذي شمل بإضافة خدمته الصحفية أن يطالب برواتب تلك السنوات من الدولة، وبأثر رجعي أيضاً، مادامت قد احتسبت له لأغراض الترقية والتقاعد، والا يصبح هناك إجحافاً بحق هذا الصحفي الذي حفظ القانون حقه في خدمته الصحفية، ومن غير الممكن أن نفسر القانون بأسلوب المقايضة، أو عملية بيع وشراء، ليست سلعة هذه المرة، وانما خدمة صحفية.
ثم دعونا نعيد ترتيب مفردات الخدمة الصحفية، قبل 2003 ، كانت الصحف محدودة، وكان الصحفيون موزعون بين هذه الصحف، وبعد 2003 جرى ضم صحفيي جريدتين فقط لوزارة الثقافة، واستثني الآخرين، فلماذا لم يتم إستيعاب كل الصحفيين وضمهم الى وزارة الثقافة؟ .. ربما يقال أن إحدى الصحيفتين كانت حكومية، لكن الأخرى ليست كذلك، ولسنا في مجال عقد مقارنات أو إثارة مواضيع جانبية، قد تثير حساسية مع زملاء المهنة، وإنما الذي نريد أن قوله أن بالإمكان المقاربة بين جميع المؤسسات الصحفية التي كانت تعمل قبل 2003 وشمولها بالضم، وبالتالي استثنائها من الإستيفاءات التقاعدية، وكذلك الحال مع الصحف التي صدرت بعد التغيير.
أن سنوات الحصار التي مرت على العراق، لم تشمل بإستقطاعات أو ضرائب، فكيف يتم إحتسابها الآن على الصحفي المشمول بإضافة الخدمة الصحفية، ومن أين له تلك الإمكانية لدفع مبلغ التوقيفات التقاعدية مرة واحدة، وهو لم يزل يصارع على لقمة العيش.تساؤل ينبغي ان نمعن النظر به طويلاً، هذا الصحفي الذي لديه خدمة صحفية تجاوزت العشرين سنة، مالذي دفعه الى التعيين أخيراً، اليست الحاجة والبحث عن مصدر رزق، فكيف به يطالب بدفع ملايين الدنايير مقابل اضافة خدمته الصحفية، فيما راتبه الوظيفي لم يصل الى المليون؟.
في المقابل، المحامون شملوا كذلك بما شمل به الصحفيون، لكن من دون مطالبة بأية استيفاءات تقاعدية، مع أن المحامي يمارس مهنته مقابل اتعاب تزيد عشرات المرات عن راتب الصحفي المتواضع، وبلا حسد، وإذا قال قائل أنه يدفع رسوماً لنقابته، فالصحفي أيضاً يدفع، سواء من خلال تجديد هويته أو إعتماد صحيفته، وكل حسب إمكانياته، أقصد بين النقابتين.
أخيراً، إن كان الأمر لايقبل نقاشاً، ولامراجعة، فبالإمكان إستقطاع الإستيفاءات التقاعدية على الراتب بنسب غير مرهقة، مثل أي موظف آخر، والا تنتفي الفائدة المرجوة للصحفي من هذا القانون الذي أريد منه حماية الأسرة الصحفية التي خدمت في سلطة صاحبة الجلالة، ونوجه خطابنا أولاً وأخيراً لنقيب الصحفيين والأمين العام لإتحاد الصحفيين العرب، لوضع هذا الموضوع أمام السلطتين التشريعية والتنفيذية، وانقاذ الصحفيين المشمولين به من تبعات لاقدرة لهم على تحملها، والله من وراء القصد.