19 ديسمبر، 2024 4:30 ص

إستهداف العبادي من خلال الإدخار الوطني في موازنة 2015

إستهداف العبادي من خلال الإدخار الوطني في موازنة 2015

رغم المغالطات الكبيرة التي وردت في مشروع قانون الموازنة المحال من مجلس الوزراء الى مجلس النواب والتي تمت الاشارة اليها في العديد من الكتابات وباتت نقاط جدل في لجان البرلمان , إلا ان ما يثير الاستغراب فعلا ما ورد في نص المادة 37 من المشروع والتي نصت على ( لغرض مساهمة موظفي الدولة والقطاع العام في مواجهة التحديات الاقتصادية ودعم قواتنا الامنية في تامين متطلبات الحرب ضد الارهاب يتم اعتماد نظام الادخار الوطني لموظفي الدولة والقطاع العام يصدره مجلس الوزراء الاتحادي ) , وقد حدد القانون نفسه قيمة الادخار الوطني بمبلغ ( 2) تريليون دينار عراقي , وان ما يثير الاستغراب في موضوع الادخار الوطني انه موجه للموظفين كافة وليس لأصحاب الدرجات الخاصة كما كانوا يروجون له , كما انه يشمل الموظفين دون غيرهم من التجار والمقاولين وأصحاب الاعمال والمتقاعدين , ويقتصر شموله على الموظفين خارج اقليم كردستان , والمبلغ المستهدف لا يشكل ايرادا مهما فهو لا يعادل سوى 4% من العجز بوضعه الحالي ويمكن ان يكون بنسبة 2% عند تعديل الايرادات والعجز , وقد انيطت مهمة اصدار التعليمات لهذا المبلغ البسيط بمجلس الوزراء , في حين ان تمويل العجز المتبقي يتم من قبل وزير المالية فقد خوله القانون للاقتراض لسد العجز بمبلغ يزيد عن 20 مليار دولار , ولا نعلم لماذا تم اشراك الموظفين في مواجهة التحديات الاقتصادية ودعم اقوات الامنية من مرتباتهم الشهرية وبعضهم من المتطوعين في الحشد الشعبي او ان ابنائهم او اخوانهم هم من القوات المسلحة والمتطوعين وفي عوائلهم شهداء يضحون عن الوطن , وبعضهم من النازحين او المتضررين من الاحداث الامنية , فهل ان ضريبة المواطنة يدفعها الموظفين لوحدهم ؟ , كما لا نعلم من هو الذي اوجد فكرة الادخار الوطني والنظام البائد لم يطبقها إلا في حالة واحدة سنة 1972 بعد تأميم النفط رغم المرور بمختلف الظروف .

ان ما يؤكد بان اضافة النص الى قانون الموازنة بقصد احداث فجوة بين الموظفين ورئيس مجلس الوزراء , هو قيمة المبلغ الذي كان بالإمكان تدبيره بحوالات الخزينة او الاقتراض حاله حال العجز الذي سيصل لأكثر من 60 تريليون دينار , وإيجاد نص يقضي بإصدار نظام بتوقيع السيد العبادي بوصفه رئيسا لمجلس الوزراء , كما ان ما يؤكد ذلك هو عدم وضع آليات لإعادة الادخار او منح الحوافز عن مبالغ الادخار كدفع الفوائد او اعطاء الاسبقية في استرداد المدخرات عند تحسن الوضع الاقتصادي , فمن وضع هذه المادة يعلم علم اليقين بأنه سيكون من الصعب اعادة مبالغ الادخار لان العجز سيستمر مادامت الموازنة الاتحادية تعتمد على الايرادات النفطية , والكل يعلم ان انخفاض اسعار النفط تعود لأسباب سياسية وليست اقتصادية قط , وللأسباب التي عرضناها , كان على السيد العبادي ان لا يمرر هذه المادة لأنها ستمس علاقته مع الموظفين , لأنها ستؤدي الى التذمر وربما ستكون دافعا لضعاف النفوس في الطعن بشخصه والتشجيع على الفساد الاداري , ولان الموازنة لم تقر بعد فانه من الواجب والضرورة ان ترفع هذه المادة , فالوطنية لا يتم اثباتها من خلال ادخار الموظفين بهيئة اذعان , آخذين بنظر الاعتبار ان القرارات التي ستتخذ بموجب الموازنة وبعدها من شانها اضعاف القدرات الشرائية للموظفين , مما يعني بان المتضررالاكبر من سياسات التقشف سيكون الموظف في وقت يمكن ان تحذف احدى فقرات البذخ في النفقات والامتيازات او الترهل في المناصب لتعويض مبلغ الادخار الوطني البالغ تريليوني دينار , وليتذكر من يعنيهم الامر بان الاجيال ستتحدث عن الادخار الوطني بالسوء لعقود , لان من تبقى من الجيل الذي خضع للادخار الاجباري الذي دام لتسعة اشهر لا يزال يلعن ذلك الاجراء رغم اعادة المدخرات .

أحدث المقالات

أحدث المقالات