ليست لدينا مراكز دراسات بحثية، لقياس الرأي العام، لأن المنطق السائد، وياللأسف، هوالرعي العام، كما لاتوجد معاهد متخصصة لإجراء الإستطلاعات، أو الإستبيانات، بشأن القضايا التي تمس حياة الناس في الصميم، فضلاً على القضايا المصيرية، المتعلقة بكيان الدولة وسيادة الوطن، لكن لايعني هذا غياب الصوت الشعبي عن مجمل الأحداث التي تشهدها الساحة العراقية، بل بالإمكان أن نستخلص المواقف التي تعبر عن آراء الناس، ونحن نجلس في مقهى، او نركب في ” كيا”، ولاسيما أن زحمة الطرقات، وكثرة التوقفات على نقاط التفتيش، كافية لبيان وجهة النظر الشعبية، من أية قضية، خاصة تلك التي تمس حاجات الناس الأساسية، ومعيشتهم، لكن دعونا نرفع ” نقطة نظام” هنا، للتوضيح، أن كل ما يطرح في “برلمان الكيا”، لايخضع لمنهجية الدراسات البحثية.
في واحدة من الخطوط الطويلة، والمزدحمة أيضاً، اثار أحد الركاب، موضوع رواتب الموظفين، وتأخر توزيعها، والإشاعات المتكررة التي تنتشر كل ” راس شهر”، وملخصها ” ماكو راتب”، فيما وضع راكب آخر يده على جرح الإستقطاعات، التي أخذت تستنزف رواتب الموظفين، وأنبرى احدهم بطرح تساؤلٍ، ليس إستفهامياً، وانما ليلفت نظر مستمعيه اليه، فيما كان سائق ” الكيا”، يستدير يميناً مرة، ويساراً مرة أخرى، لإيجاد منفذ له لتجاوز الزحام، قال السائل، وهو يقلب في ورقة كانت بيده : اليس الحشد الشعبي مؤسسة حكومية؟، وقبل أن نجيب، إسترسل في الحديث بعد أن لبس نظارة القراءة : هاهو القانون أمامي، إسمعوا وعوا : ” تكون هيئة الحشد الشعبي تشكيلاً يتمتع بالشخصية المعنوية، ويعد جزءاً من القوات المسلحة العراقية، ويرتبط بالقائد العام للقوات المسلحة”، ليس هذا فحسب، ” قال صاحبنا”، إسمعوا وعوا، كررها ثانية، وهو يقرأ من الورقة، التي حجبها حتى من أقرب الركاب اليه : ” يتم تكييف منتسبي، ومسؤولي، وآمري، هذا التشكيل على وفق السياقات العسكرية من تراتبية، ورواتب، ومخصصات، وعموم الحقوق والواجبات”.
قال أحدهم، بعد أن عرّف نفسه، بأنه أحد رجالات القضاء الواقف، أي يمتهن المحاماة، : أن قانون موازنة 2017 في مادته الخاصة بإستقطاع 3.8 % من رواتب الموظفين والمتقاعدين لصالح الحشد يتعارض مع قانون هيئة الحشد الشعبي، بل لا يجوز دستورياً فرض أي إستقطاعات من موظف، لصالح موظف آخر، وبالتالي لابد من إلغاء الإستقطاع المنصوص عليه في قانون الموازنة، لوجود قانون معارض، وهو القانون الذي تم بموجبه إعتماد ” الحشد الشعبي” كهيئة حكومية، تتمتع بصفة معنوية، وتخضع للقوانين العسكرية النافذة في جميع النواحي.
وقبل أن أصيح ” عندك نازل”، قلت لنواب ” الكيا” : بالملخص المفيد، أن أي منتسب في الحشد مثله مثل أي جندي في القوات المسلحة، صعوداً، ومحكوم بالسياقات العسكرية التراتبية، والرواتب، وهوموظف،يخضع لجميع الإستقطاعات، بما فيها إستقطاعات ” الحشد الشعبي”.
نازل يابا نازل