23 ديسمبر، 2024 9:18 م

إستشهاد الاعلامي محمد بديوي..عبر ودلالات

إستشهاد الاعلامي محمد بديوي..عبر ودلالات

لو لم يكن الاعلام رسالة انسانية لما قدمت صاحبة الجلالة كل هذه الشموع المضيئة من كواكب شهداء الصحافة الذين سجلوا في تاريخها وسفرها الخالد اروع صفحات المجد والخلود، فكانوا حقا قرابين أضاءت طريق الاجيال نحو غدها المشرق الوضاء.
ومن محاسن الاقدار ان تكون حياة أي اعلامي مبدع منارا للحرية ولرسم معالم الدرب ، لينير طريق الاجيال الى حيث الكلمة الحرة المعبرة عن أمانيهم، في ان يكون بمقدور مجتمعهم ان يحيا الحياة التي تليق به بين مجتمعات الارض.
واستشهاد الاعلامي الدكتور محمد بديوي وحملة التضامن الواسعة معه في كل ارجاء العراق اكدت جملة حقائق اولها ان الاعلاميين لديهم حظوة كبيرة عند جمهورهم ، وهي وان كانت خسارة كبرى لايمكن ان تعوض الا انها اكدت حقيقة ان الموت حصد من عمالقة صاحبة الجلالة ما يكفيها فخرا انها قدمت كواكب عقولها المبدعة قربانا من اجل العراق ومن اجل تحقيق ما يصبو اليه العراقيون من امن واستقرار وسعي الى ترسيخ دعائم الحرية وحق التعبير وحق وفي ان يكون الصحفي المدافع الامين عن تطلعات الشعب وامانيه في ان يجد الحياة الحرة الكريمة ويكون طريقهم الى حيث معالم الرقي والتقدم والنهوض .
البعض من ضعاف النفوس من الأميين والجهلة وتحت ضغط الاندفاع السلبي بعد وقوع الجريمة راح يردد هتافات أو يخط شعارات على الكتل الكونكريتية القريبة من مسرح الجريمة تندد بالكرد وتطلق عليهم مختلف الاوصاف، كما رواه لي أحد الزملاء من نقابة الصحفيين الذين حضروا مسرح الجريمة واشار الى انه قام بنفسه برفع هذه اللافتات لكي لاتتم الاساءة الى أي مكون ، فالجريمة حدثت ويفترض الاقتصاص من الجاني وتقديمه الى القضاء لينال عقابه الذي يستحقه، لا ان تشن حملات دعائية مغرضة لاغراض انتخابية وتأجيج جماهيري سلبي ضد قومية أو مكون تشاركنا العيش وتشترك معنا في المصير والعيش المشترك.
واللافت للنظر ان البعض إتخذ من حالة الاستشهاد وسيلة للدعاية الانتخابية، ليحصد من حالة الموت رغم مأساويتها مكاسب يحقق من ورائها الحصول على أوسع حشد من التأييد لحملته الانتخابية، ووجد فيها ( البعض ) ضالته ليطبل ويشحن بالاتجاه الطائفي والقومي، وكانها  ( غنيمة ) حلت عليه من السماء ليجد فيها مبتغاه في ان يعوض عما كان يظنه خسارة واذا بموت الشهيد محمد بديوي يتحول الى حملات دعاية للكثير من السياسيين راحوا يرفعون شعارات تقترب من بعض الأميين الذين لايجيدون حتى الكتابة في أبسط أشكالها، ليشنوا حملة تحريض ضد مكون له وجود فاعل ولم يسبق ان اشترك في اي اعمال ارهابية، لكن خطأ من ضابط وتصرف لاقى استهجان الكثير من العراقيين، راح البعض يوظفه لغير الاغراض التي كان البعض يرمي من خلالها الى تأكيد ان تجد العدالة طريقها لحالة فردية، لاتحسب على تصرف ملة أو جماعة ـ وانما كان طابعها فرديا وتصرفا لم يتكرر من قبل، بهذه الطريقة وان ما تعرض له الصحفيون من اعتداءات شبه يومية وقتل لهم على يد جماعات ارهابية او حتى مدفوعة من جهات سياسية ليؤكد حقيقة ان شهداء الصحافة لن يكونوا عنوانا للمزايدة على دمائهم من احد، والمغالاة في هكذا حملات انتقام ودعوات للثأر والدم، لاتخدم توجهات اقامة دولة تقام على اساس القانون والعدل، وعلى الجميع انتظار العدالة لتأخذ مجراها، لترتاح روح الشهيد وتستقر في عليين من ان من حاول استهدافه القت عليه العدالة القبض لينال جزاءه العادل، لا ان نؤجج مشاعر القبائل والعشائر لتطالب بالاقتصاص من دم الشهيد وتخلق حالة من الفوضى تخرج حالة الاستشهاد من معناها، وهوما يتمناه الشهيد في ان يبقى فرحا لأن من تضامنوا معه في هذه الفاجعة قد خففوا عنه وعن عائلته عظم المصاب.
رحم الله الاعلامي الدكتور محمد بديوي واسكنه فسيح جناته وألهم أهله وذويه ومحبيه الصبر والسلوان، فقد كان الفقيد احد زملاءنا في جريدة الجمهورية قبل عشرين عاما وقد كان مبدعا في عطائه وأخلاقه وما قدمه من نماذج صحفية رائعة يفخر بها كل صحفي غيور..وكان الله في عون أهله ..ودعواتنا بأن يسكنه الله فسيح جناته ..انا لله وانا اليه راجعون.