22 نوفمبر، 2024 8:39 ص
Search
Close this search box.

إستراتيجية أوباما في معركة الموصل

إستراتيجية أوباما في معركة الموصل

منذ اكثر من عام وادارة الرئيس اوباما تضع الخطط العسكرية ،وترسل المستشارين العسكريين ،وتدرب الجيش العراقي، وتحشد الغرب والعالم ،وترسل احدث الاسلحة والطائرات والصواريخ ،وتكدس العتاد ،لخوض اهم معركة في التاريخ الحديث ،والتي ستفوق معركة واترلو التي هزم فيها نبليون بونابرت،ونقصد بها معركة الموصل ،التي تعدها امريكا والعالم ،آخر المعارك  للقضاء على تنظيم الدولة داعش، وفي نفس الوقت يعدها تنظيم داعش ،أخطر معركة يخوضها قبل ان تفشل تجربة قيام دولة (الخلافة الاسلامية في العراق والشام)،ويهزم الى الابد في أهم معاقله العسكرية ،مدينة الموصل التي وضع فيها، خيرة مقاتليه الاجانب، وكدس فيها احدث الاسلحة والصواريخ، والاف المقاتلين والانتحارييين عدا الانفاق والقناصين والمفخخات والعبوات وسورها بخنادق ملغومة ، فلمن ستكون الغلبة في معركة الموصل ،وماهو شكل المعركة ،هل ستكون معركة الارض المحروقة للطرفين،أي معركة وجود ،أم ستكون معركة خاطفة وسريعة كما يتصورها البعض ،
 وماهي نتائج هذه المعركة وتداعياتها على أهل المدينة ومستقبلها، في ظل صراع سياسي محتدم ،بين حكومة العبادي والحشد الشعبي من جهة ،وبين الاقليم واهل نينوى من جهة اخرى ،حيث ترفض حكومة العبادي أي تغيير ديمغرافي لنينوى بعد طرد داعش منها ،واقامة محافظات تتبع للاقليم الكردي،وكما تطالب حكومة الاقليم كشرط لها في مشاركة قوات البشمركة في المعركة ،في ضرورة الاتفاق السياسي على كيفية ادارة المحافظة ،قبل المعركة حفاظا على حقوق الاقليات ،كما تدعي ، مقابل مشاركة الحشد الشعبي في المعركة ، وفي ظل هذا الصراع ،تأخرت عملية تحرير الموصل لاشهر ،ومازالت الامور تراوح مكانها ،نتيجة الاصرار والخلاف على فرض الامر الواقع على أهل المدينة، وابتزازهم سياسيا لتحقيق اهداف واغراض فئوية لن تتحقق في المستقبل،مقابل التحرير،اليوم تعي الموصل اسوأ حالاتها من حصار واذلال وجوع وذبح يومي لابنائها على القتلة والمأجورين والظلاميين ،واعتقال ابرز شخصياتها العسكرية والاجتماعية وقتلهم بلا سبب سوى انهم قاتلوا بشرف في القادسية الثانية ،وهذا يؤكد لنا بما لايدع مجالا للشك ان داعش هو تنظيم تابع لايران وصنيعته واداة للثأر من ابناء العراق الذين قاتلوا ايران في حرب الثماني سنوات،وما قتل الطيارين وكبار القادة العسكريين على يد داعش الا دليل على ذلك ، نعم معركة الموصل ،ستغير شكل المنطقة ، ومعركة الموصل ستسقط كل الاقنعة المزيفة ،لانها ستضع العالم كله في مواجهة الحقيقة،اقصد حقيقة داعش ،وحقيقة جميع الاطراف التي تقاتل داعش، في هذه المعركة ، وسيعرف العالم من هي داعش ومن صنعها ومن قضى عليها ولماذا ،وسيصحو العالم على كذبة داعش،التي قلناها مرارا انها صنيعة امريكية-ايرانية-اسرائيليةن وهناك الاف الادلة الدامغة التي تؤكد هذه الحقيقة المفضوحة ،ولكن تمويه داعش غطته الاحداث التي تلت سيطرته على مدن العراق ومحافظاته ،ومن ثم تمرده على سيده الامريكي والايراني، فما قام به داعش في الموصل ،من افعال واعمال اجرامية تفوق التصور بالاجرام ،
وتحدد الهدف من ورائها يثبت لكل العالم انها صنيعة ما ذكرنا،فتفجير اضرحة الانبياء والاولياء،وتفجير الاثاروالمواقع التاريخية والرموز الحضارية ،وتهريب اثارها وبيعها في المزاد العالمي ،هو ابرز الادلة ،وليس اوحدها ،عدا التوحش في قتل الابرياء لاتفه الاسباب،ورميهم من اعلى البنايات،أو قتلهم بطرق وحشية لاتخطر على بال الشياطين ، نعم معركة الموصل ،كما نراها معركة مفصلية وحاسمة ،ولكنها صعبة ومعقدة ،كما تشير كل الدلائل على الارض، ومنها ،تأخير حسمها بزعم الدعاية الانتخابية الرئاسية الامريكية، أو صعوبة اقتحامها حفاظا على ملايين البشر فيها ،واستخدام استراتيجية انهاك العدو واستنزاف قوته العسكرية والنفسية والمطاولة في التحرير ،لتقليل الخسائر في النفوس،مع تدمير منظم لمقراته ،وقطع امداداته العسكرية ،وهذه الاستراتيجية اثبتت فشلها ،وعززت قوة داعش دال المدينة ، وكسبت الرأي الداخلي لقيام التحالف الامريكي، بتدمير كل البنيات والقصور والدوائر والمواقع الرسمية وغيرها بالطيران والصواريخ، كما وفر فرصة ذهبية لتنظيم داعش ،بتبديل قواته وعناصره وتنظيمها من جديد في استراتيجية عسكرية صارمة ،حيث ابعد جميع القادة المحليين والعرب،بقادة اجانب وانتحاريين اجانب وعرب ، وغيروا من استحكاماتهم العسكرية بمزيد التحكيم ،في جعل المدينة مقفلة عسكريا ،وبامكانها ان تقاتل دون خسائر ،وذلك باستخدام طريقة الانغماس الجماهيري بين العوائل والدور والاهالي ،وجعلهم دروعا بشرية هم وبيوتهم ،مما يؤخر عملية التحرير ويجعلها اشد تعقيدا وصعوبة، إن معركة بهذا الحجم لمدينة يعيش فيها اكثر من مليون ونص انسان، لهي معركة استثنائية شائكة،لن يكون فيها رابح ابدا ، ومما يصعب خوضها انها ثاني اكبر مدينة مساحة ونفوسا ،
وهذا ما يجعل نسبة الانتصار فيها ضئيلا ،اذا لم تحسم بمعركة غير تقليدية ،واقصد بالتقليدية سياسية الارض المحروقة ، فاصعب المعارك واعقدها هي معركة حرب المدن والشوارع والعصابات، وتنظيم داعش عبارة عن عصابات انغمس بين اليوت والعوائل ويصعب ان لم يستحيل كشفهم وقتلهم بسهولة ،ما لم يتعاون اهل الموصل مع الجيش والقوات الداخلة الى المدينة،كما حصل في معركة القيارة ، ولكن ماهو العمل لاقناع اهل الموصل للتعاون معها القوات المحررة لمدينتهم، اعتقد هنا بيت القصيد،وهنا سر المعركة كلها ،وعلى الاطراف العمل على كسب اهل الموصل باية وسيلة ، وتقديم الضمانات الصعبة لهم ،وعدم تهميشهم ووضعهم كلهم في خانة داعش، وذلك من خلال تطمينهم على حياتهم واهلهم وذويهم ممن ليس لديه علاقة بداعش ، وتقديم ضمانات اخرى في عدم استباحة المدينة من قبل ميليشيات خارج القانون جاءت لتنتقم منهم وتذل رجالهم وتسبي اعراضهم ،كما فعل لواء الذئب باشراف باتريوس في بداية الاحتلال  من جرائم يندى لها جبين الانسانية ،ويتذكرها جميع العراقيين ،لانها عرضت على شاشة قناة الموصلية، التي كان صاحبها مشاركا في التحقيق معهم، وبطرح الاسئلة ويتلقى اعترافات المتهمين وتعرضها قناته،اعتقد ان تقديم مثل هكذا ضمانات سياسية من قبل الجانب الامريكي والعراقي لاهل الموصل، هو سبب كاف من التعجيل في التحرير ،والقضاء على داعش بالسرعة المطلوبة ،بعيدا عن الصراعات والمزايدات والصفقات المشبوهة ،وانشاء الاقاليم والمحافظات وتقسيم المدينة على اسس طائفية وقومية ومذهبية وعرقية ، لان هذا سيدخل المدينة خاصة والعراق عامة ،في حرب اخرى بعد داعش ،تكون اشد واقسى مما نراه الان على داعش الاجرامي، معركة الموصل ،لاتحتاج الى جيوش وميليشيات وقوات نخبة ،تحتاج الى اتفاق سياسي اولا ، وحل الخلافات بضمان حياة اهل الموصل ،وضمان مسقبلهم ،بعيدا عن التهديدات الطائفية والانتقام والثأر الديني والطائفي والحقد التاريخي البعيد والقريب ، هذه هو مفتاح تحرير نينوى والموصل ، وما استراتيجية اوباما الا تعقيدا للمشهد القادم ،ومزيدا من التدمير والقتل والتهجير والنزوح ،دون ان تتحقق نتائج عسكرية على الارض ،وتهزم داعش كما تريد امريكان ،داعش لن تهزم والصراعات والخلافات قائمة بين الحكومة والاقليم ،وبين اهل الموصل وكل من الميليشيات والاقليم ،وبين اطراف اتحاد القوى والحكومة وهكذا ،يكون الحسم للامريكان ،عندما يفرضوا خططهم على الارض،ويحسموا المعركة لصالح اهل الموصل ،وليس صالح احد غيرهم ،عندها فقط يكون للامريكان حوار مع اهلها بعد داعش،لانهم هم من سيقرر بقاء قاعدة القيارة، بيد الامريكان بديلا عن قاعدة انجرليك، وسيضمنون بقاءا اطول للامريكان في المنطقة وليس غيرهم،وهذا ما انتبهت له امريكا وتعمل عليه الان في معركة الموصل ،فاصدرت أوامرها للاطراف وحددت الواجبات لكل طرف فيها ،ومنعت بعض الميليشيات عن دخول الموصل ،وسمحت لاخرى بشروطها من المشاركة في المعركة ،وهكذا ستكون معركة الموصل مسألة غاية الاهمية لامريكا على المدى الطويل ،وليس كما يريد اطراف العملية السياسية، التي جاءت بهم امريكا ،من مواخير لندن وباريس وقم وطهران ذات يوم ليتسيدوا على العراق بفسادهم، امريكا ستقضي على داعش في الموصل اخر معاقلها، رغم بطء عملياتها وتعثرها ، ولكن ستكون معركتها الاخيرة فعلا مع تنظيم داعش ،الذي سيختفي الى الابد في عقر داره في مدينة الموصل ، رغم ما ستدفعه الموصل من دماء ابنائها الزكية،وهذه ضريبة المجد الذي تتلفع به مدى الحياة لانها مدينة الحضارة والتاريخ ،وهذه احدى سمات المدن الخالدة عبر التاريخ…………………..           

أحدث المقالات