قبل أن يسئ الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون الى الاسلام والى سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم ، فهو قد أساء الى بلده فرنسا وقيم الحرية والعلمانية وحرية التعبير التي يتشدق بها الغرب ومناصروهم في العالم العربي والشرق الاوسط، والذين نجدهم ديمقراطيين ومؤمنين بحرية الرأي والتعبير في كل ما يسئ الى الاسلام والى الرموز المقدسة لدى اكثر من مليار ونصف، لكنهم يصمتون بل ولا تتجرأ السنتهم واقلامهم عن البوح او التصريح بكلمة او حرف يُمكن ان تفهم منه على انه نقد او اساءة لحزب او طائفة او قومية او زعيم، فالحرية في بلادنا مشرعة الابواب لكل من هب ودب في الاساءة الى مشاعر ومعتقدات الملايين، لكنها تصبح جرائم قذف واثارة فتنة ونعرات طائفية وقومية اذا ما كان الطرف الآخر موضوعا او شخصا غير الاسلام والمسلمين.
ان اساءة ماكرون هي ثابته ولا تحتاج الى بيان، رغم محاولة البعض التبرير او خلط الاوراق في هذا الموضوع بالاشارة الى مواقف فرنسا الدولة او السياسيين السابقين من قضية الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني في مواجهة اسرائيل، او موقفهم من قضية الشعب الكوردي واقليم كورستان وهي مواقف معروفة ومشهودة ولا يمكن لاي منصف ان ينكرها لانها ثابته في صفحات التاريخ والانسانية ومسجلة باسم السيدة دانييل ميتران وفرنسا، لكن هذا لا يمنح الحق لشخص ماكرون الذي كانت اسائته وكلامه وافعاله ثابته:
1-قوله(ان الاسلام يعيش في أزمه) وهومردود عليه، فلو قال ان المسلمين يعيشون في ازمة فهو كلام صحيح، فلا يجوز الربط بين الفكرة او الدين او المعتقد وبين من يعتقدها او يؤمن بها، فالاسلام والمسيحية واليهودية اديان سماوية والاديان والمعتقدات الاخرى لا يجوز ابداً اهانتها اذا ما وجدنا افعالا او تصرفات سيئة من معتنقيها.
2-طلبه في(اعادة تشكيل الاسلام) ليتلائم ويتوافق مع قيم الحرية والعلمانية في الوقت الحاضر، فمن انت وما هو مؤهلك وهل اصبحت مُجتهدا او فقيها اواماما في علم الاديان!.
3-اصراره على تأييد واعادة نشر الصور والرسوم الكاريكاتورية المسيئة على واجهات المبانيٍ، مما أشعل موجة غضب في أنحاء العالم الإسلامي، وهذه الرسوم الساخره والمهينة لا يقبل بها الشخص العادي على نفسه، لكنه يصر وفي تحد صارخ لمشاعر ومعتقدات الملايين على نشرها.
مواقف الرفض والغضب التي اجتاحت العالم على هذه المواقف والاساءات المتكررة التي جربها الغرب في سنوات سابقة مثل قضية سلمان رشدي والرسوم الدنماركية لم تؤثر او تقلل من قيمة الاسلام وسيدنا محمد صلى الله عليه وسلم بل على العكس ساهمت في نشر الاسلام وتعاليمه السمحاء ورسالته في التسامح والاخوة والمساواة.
ان مواقف ماكرون دعت العالم الغربي والعقلاء منهم ان يتصدوا لها ويستنكروها فقد هاجم المفكر الفرنسي المتخصص في القضايا الإسلامية (فرانسوا بورغا) بلاده ورئيسها إيمانويل ماكرون على خلفية الاساءة للرسول الاكرم صلى الله عليه وسلم ، وقال بورغا في تغريدة على تويتر إن”فرنسا تجاوزت إسلاموفوبيا اليمين المتطرف، وتحولت إلى إسلاموفوبيا الدولة”.
كما اعتبر أن حرية التعبير في فرنسا فقدت معناها لأنها “انتقائية” و”غير متوازنة” منتقدا تعامل السلطات الفرنسية مع مجلة “شارلي إيبدو” إذ تضامنت السلطات بشكل “أعمى” مع المجلة، وان حرية التعبير في فرنسا تخضع لازدواجية المعايير”.
كما حذّر الممثل الأممي السامي لتحالف الحضارات(ميغيل موراتينوس) في بيان وزعه مكتب أمين عام الأمم المتحدة على الصحفيين بمقر المنظمة الدولية في نيويورك من مغبة إهانة الأديان والرموز الدينية المقدسة واثارة الكراهية والتطرف العنيف مما يؤدي إلى استقطاب وتفكك المجتمع ، مؤكدا أن حرية التعبير ينبغي أن تحترم بالكامل المعتقدات الدينية لجميع الأديان، وإنه يتابع بقلق عميق التوترات المتزايدة وحالات عدم التسامح التي أثارها نشر الرسوم الكاريكاتورية الساخرة التي تصور النبي محمداصلى الله عليه وسلم، والتي “يعتبرها المسلمون مهينة للغاية”. ودعا إلى ضرورة الاحترام المتبادل لجميع الأديان والمعتقدات وإلى تعزيز ثقافة الأخوة والسلام.
القاضي عضو الادعاء العام